تونس - أزهار الجربوعي
حذّر القيادي في حزب "العمال" التونسي المعارض في مدينة القطار التابعة لمحافظة قفصة جنوب تونس، حبيب التباسي، في تصريح خاص إلى "المغرب اليوم" من أن المدينة مُقبلة على المجهول وتعيش نوعًا من الهدوء الذي يسبق العاصفة بعد أن نفذت قوات الأمن التونسية انسحابًا كاملاً من المدينة إثر قيام عدد من المجموعات المخترقة بإحراق مركز الشرطة في المدينة واضرام النار
في مقر المعتمدية، وتأتي هذه التطورات الأمنية عقب حملة من المداهمات والاعتقالات نفذتها قوات الأمن، إثر اشتباكات مع أهالي المنطقة المطالبين بالتشغيل والتنمية.
وأقدم عدد من الشبان على حرق مركز الشرطة ومقر المعتمدية في مدينة القطار من محافظة قفصة ، جنوب البلاد، احتجاجًا على نتائج مناظرة شركات البيئة بالمحافظة التي تعتبر الوجهة الأولى للتشغيل في المنطقة، مؤكِّدين أنها تمت عبر الولاءات الحزبية حيث استفاد منها المقربون من حزب "النهضة" الإسلامي الحاكم، على حد قولهم.
وحذَّر القيادي في حزب "العمال" في مدينة القطار الحبيب التباسي من تدهور الأوضاع الأمنية المترتبة عن انسحاب قوات الشرطة والحرس، وإجلاء المكان عقب حرق مقر الشرطة ، مشيرا إلى أن المدينة مقدمة على المجهول.
وأكَّد الحبيب التباسي لـ"المغرب اليوم" أن عددا من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني في المدينة التقت، مساء الأحد، مع القيادات الأمنية في المدينة لرفع مطالب الأهالي وعلى رأسها الافراج عن الشبان المعتقلين في حملات المداهمات التي عاشتها المدينة البارحة والبالغ عددهم 16، مؤكدا ان القيادات الأمنية أبدت استجابة فورية للمطالب واطلقت سراح الشباب، ووعدت بتخفيف تواجدها في المنطقة، إلا أنه أعرب عن تفاجئه بما أقدم عليه عدد ممن وصفهم بـ"المندسين والمخترقين على حرق مقر الشرطة رغم الافراج الكامل عن الشباب المعتقلين".
ودعا القيادي في "الجبهة الشعبية" في مدينة القطار إلى فتح تحقيق عاجل للكشف عن الجهة المحرضة والمستفيدة من عملية احداث الفوضى وخلق التوتر وحرق مقرات الشرطة والمعتمدية، مما جعل الأمن يعلن انسحابه بشكل نهائي من المدينة.
واعتبر الحبيب التباسي أن حوادث الحرق والتخريب التي أعقبت مباشرة الاتفاق مع القوى الأمنية، "غير بريئة"، داعيًا إلى ضرورة فتح تحقيق للكشف عن الجهات التي تقف وراءها، مشيرا إلى أن اللجنة التي تم تشكيلها بين القوى السايسية والمدنية ستعقد اجتماعًا للنظر في التطورات التي عاشتها المدينة في الساعات الأخيرة واتخاذ القرارات الملائمة.
وتُعتبر مدينة القطار التابعة لمحافظة قفصة من المناطق الساخنة في تونس، نظرًا إلى ارتباطها بمنطقة الحوض المنجمي المنتجة للفسفاط، حيث تعود اسباب الاحتقان أساسًا إلى قضايا التنمية والتشغيل بعد أن رفض الأهالي نتائج مناظرات التشغيل المتعلقة بشركة البيئة التي تعد المشغل الأكبر لأبنائهم، محملين حزب "النهضة" الحاكم مسؤولية التجاوزات، وما اعتبروه "محاباة عبر منح الوظائف للمقربين من الحزب الحاكم على حساب مصالح حزبية ضيقة، من دون مراعاة معايير الكفاءة.
ويخشى مراقبون أن تؤدي حالة الاحباط واليأس التي تعيشها المنطقة إلى رفع درجة التوتر والاضطراب جراء انسداد الأفق وتعطل مشاريع التنمية، وعجز الحكومة عن تنفيذ استحقاقات "ثورة 14 يناير 2011"، التي أشعلها الفقراء والعمال للمطالبة بالحرية والكرامة والشغل ، مما قد بنبئ بانتفاضة جديدة تتزامن مع انتفاضة 2008 التي ثارت ضد فساد نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، الذي قابل المسيرات والاحتجاجات السلمية باطلاق الرصاص الحي موقعًا قتيلين على الأقل آنذاك، حيث تعتبر انتفاضة الحوض المنجمي من الأحداث التي عجّلت بإسقاط نظام بن علي ، نظرا إلى وزنها وتأثيرها الكبير على الرأي العام الشعبي والسياسي في تونس.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر