الدارالبيضاء - أسماء عمري
صنف القرار الذي اتخذه حزب "الاستقلال" في 11 أيار/مايو الماضي بالانسحاب من الحكومة، والذي قدّم على إثره 5 وزراء استقلاليين من أصل 6 استقالاتهم لرئيس الحكومة، أبرز حدث سياسي ميّز 2013، وهو ما أكده أستاذ العلوم السياسيّة والعلاقات الدوليّة في جامعة عبد الملك السعدي في طنجة محمد العمراني بوخبزة لـ"المغرب اليوم"، واعتبر أنّ القرار الذي نتج عن صراع سياسي مابين حزب
"الاستقلال" و"العدالة والتنميّة" والذي أفضى إلى انسحاب حزب "الاستقلال" بزعامة حميد شباط من الحكومة، أحدث ضجة سياسية ودستوريّة خصوصًا أنّ المغرب تعامل مع هذا الوضع للمرة الأولى من الناحية الدستوريّة وكذلك ساهم هذا القرار في فتح نقاشات سياسيات كبيرة وقانونية طبعت لأول مرة الحياة السياسية والقانونية المغربية بتلك الحدة.
كما نتج عن هذا القرار حسب العمراني تحول في تركيبة الأغلبيّة والمعارضة عبر دخول "الاستقلال" إلى المعارضة مكان "التجمع الوطني للأحرار" ودخول الأخير إلى الحكومة، وهو ما أثر بشكل كبير على تركيبة الحكومة والبرلمان، ونتج عنه إسقاط قانون مال 2014 داخل مجلس المستشارين باعتبار أنّ الحكومة لا تتوفر على أغلبية في المجلس، وهي سابقة في التاريخ السياسي والدستوري المغربي خلّفت نقاشًا كبيرًا بشأن الطريقة التي يجب التعامل بها مع الواقعة في مجلس النواب الذي قرّر في آخر المطاف المصادقة على القانون.
وشدّد على أن ما طبع العام كذلك، حدة الخطاب السياسي سواء خطاب المعارضة أو الحكومة وكذلك بروز أسماء معينة في الساحة السياسيّة بشكل قوي من خلال تصريحاتها الناريّة، وكذلك مواقفها من بعض القضايا التي كان لها حضورًا وازنًا في الساحة السياسيّة مثل تصريحات رئيس الحكومة والأمين العام لحزب "العدالة والتنميّة" عبد الإله بنكيران، والأمين العام لحزب "الاستقلال" حميد شباط، والأمين العام لحزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" إدريس لشكر، والقيادي في حزب "الأصالة والمعاصرة" حكيم بنشماس.
واعتبر العمراني أنّ 2013 شهد تحولاً في الخطابات الملكية، وظهر جيل جديد من الخطابات التي تتسم باستعمالها بعض المفردات والتعابير المباشرة في التوصيف والحديث عن واقع الحال كالخطاب الذي وجهه الملك المغربي إلى مسيري الشأن المحلي في مدينة الداراليضاء والذي اتسم بالواقعية والحدة. وأعلن في الأخير أنّ 2013 من الناحية السياسيّة كان فيه حراكاً ونقاشًا في بعض الأحيان أخد أبعادًا سلبية من خلال التركيز على الجانب الشخصي، وأوضح أنه في العموم كان عامًا جعل المواطنين يتتبعون عن كثب مجريات الأمور و القرارات وردود الفعل التي تصدر من هذا الطرف أو ذاك.
وشهدت الساحة السياسية في أيار/مايو الماضي اندماج حزبين سياسيين يساريين هما حزب "العمال" والحزب "الاشتراكي" في حزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" في مبادرة اعتبرت خطوة لتوحيد عائلة اليسار، وإنشاء تقاطبات سياسيّة كبرى.وفي تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وقع حزبا "الاستقلال" و"الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" على وثيقة مرجعيّة وبرنامج عمل مشترك يلتزم بموجبه الحزبان بالعمل معًا على التنسيق في كل ما يتعلق بمقترحات ومشاريع القوانين المطروحة على البرلمان، سواء تعلق الأمر بالقوانين التنظيميّة، أو ما يتعلق بالتقطيع الترابي وأنماط الاقتراع، وبالإصلاحات السياسيّة والإداريّة المطروحة، من أجل بناء الدولة الديمقراطيّة.
كما برز خلال هذا العام ما يسمى بـ"تيار بلاهوادة" المُعارض داخل حزب "الاستقلال"، والذي يشكك في شرعيّة حميد شباط قائد الحزب، وتعارض المبادرات التي يتخذها والسياسات العامة للحزب، وقبل القضاء التحقيق في دعوة رفعها الحزب بشأن الخروقات التي شابت انتخاب شباط أمينًا عامًا لحزب "الميزان".وأكدّ رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنيّة وتحليل السياسات عبدالرحيم منار السليمي، لـ"المغرب اليوم"، بخصوص ملف الصحراء، أنّ البوليساريو حاولت خلال 2013 النفاذ إلى عدد من العواصم الدوليّة المؤثرة، وتركز الصراع القوي بشأن النزاع في الصحراء في الولايات المتحدة الأميركيّة، ما جعل المغرب يغير من دبلوماسيته التي كانت توصف بالاعتدال إلى دبلوماسيّة المواجهة.
وخلال 2013، أوضح السليمي أنه ظهر نوع ثاني من المخاطر وهو الجماعات "الإرهابيّة"، فبعد مغاربة الأفغان والعراق ظهر في الفصل الأخير من العام الذي نودعه ما يسمى بمغاربة سورية، كما واجه المغرب خطر آخر وهو المرتبط بمغاربة الخارج، ولوحظ أن هناك ارتفاعًا في نسبة المتشيعين خصوصًا في بلجيكا وأشار إلى أنّ الاستقرار المغربي لم يرق مجموعة من دول جوار وعلى رأسها الجزائر التي تريد أنّ تنقل أزمتها الداخليّة إلى المغرب ولا تستسغ أنّ تكون في المنطقة دولة مستقرة، كما أوضح أنّ 2013 كشفت أنّ هناك وثيقة تفيد أنّ الجزائر كانت تستعد منذ 2009 بتوجبه جماعة "أنصار المختار" نحو المغرب لضرب النموذج المغربي في المنطقة.
ولفت إلى أنّ أواخر 2013، حملت رسائل مهمة وجهتها الولايات المتحدة الأميركيّة بعد الزيارة التي قام بها العاهل المغربي إلى واشنطن، مفاده أنّ المغرب سيلعب دورًا أمنيًا مهم في المنطقة لمواجهة عدم الاستقرار الأمني الذي تشهده، كما سيلعب دور آخر، وهو دور التوازن فيما يسمى بالخطر "الوهابي" والشيعي" كما سيشكل ممر اقتصادي للولايات المتحدة وحلفائها نحو أفريقيا. وأوضح أنّ المغرب أعاد دوره الاستراتجي الذي كان يلعبه في مرحلة الحرب الباردة. واستطاع المغرب إقناع الرئيس الأميركي باراك أوباما بدعم مقترح الحكم الذاتي في زيارة وصفت بالتاريخيّة والأولى من نوعها للعاهل المغربي إلى واشنطن. وتعهد الرئيس الأميركي بمواصلة دعم الجهود الراميّة إلى إيجاد حل سلمي ودائم ومقبول من لدن الأطراف لقضية الصحراء.
وشكل مشروع مقترح أميركي قدم في نيسان/أبريل الماضي إلى مجلس الأمن يقضي بتوسيع مهام بعثة الأمم المتحدة "مينورسو" في الصحراء المتنازع عليها لتشمل حقوق الإنسان، من أبرز الأحداث التي عرفتها المملكة خلال 2013. وبعد تحرك دبلوماسي دولي قاده الملك محمد السادس، تراجعت الولايات المتحدة قبل يومين فقط من إقرار المشروع في مجلس الأمن عن مشروع القرار، وأبقى مجلس الأمن، في 25 نيسان/أبريل على مهام بعثة الأمم المتحدة في الصحراء كما هي.
ومن بين أبرز الأحداث التي لن ينساها المغاربة، هي قضية العفو الملكي عن مجرم إسباني هتك عرض قرابة 11 طفلاً مغربيًا، ليتراجع الملك في خطوة تاريخيّة عن قرار العفو بعد احتجاجات الشارع المغربي.كما شهد 2013، أزمة في العلاقات المغربيّة الجزائريّة بعد توجيه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة رسالة إلى مؤتمر "أبوجا" في نيجيريا والتي جدد فيها دعم الجزائر لجبهة "البوليساريو" وهو ما احتج عليه المغرب الذي استدع سفيره لدى الجزائر، وبالموازة مع ذلك أقدّم أحد الشبان المغاربة في وقفة احتجاجية أمام مقر القنصليّة الجزائريّة في الدارالبيضاء على اقتحام القنصلية وإنزال العلم الجزائري، ليتابع على إثرها أمام القضاء المغربي الذي أصدر حكمًا لم يرق الجزائري، والتي كشف الناطق الرسمي باسم خارجيتها أنها قرّرت تجميد تعاملاتها السياسية مع الرباط، حيث سيتم منع المسؤولين الجزائريين من المشاركة في أيّ حدث أو نشاط سياسي يعقد على الأراضي المغربية، مهما كانت أهميته وقيمته.
وشكل اعتقال مدير موقع "لكم" الصحافي علي أنوزلا، بعد نشره رابطًا يحيل نحو فيديو يهدد فيه تنظيم "القاعدة" المغرب، من أبرز الأحداث التي طبعت العام، وتمت متابعة أنوزلا بقانون "الإرهاب"، بتهم التشجيع على "الإرهاب" وتقديم أدوات لِمن يمارسونه، قبل أنّ يأتي الإفراج عنه ومتابعته في حالة سراح.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر