بغداد - المغرب اليوم
لايختلف العام 2013 الذي نودعه اليوم الثلاثاء بنظر العراقيين عن العام الذي سبقه ، فالعام الجديد 2014 سيرث أثقال أزمات الأعوام العجاف التي أعقبت غزو العراق واحتلاله عام 2003.وعلى وقع الازمات وتداعياتها يودع العراقيون العام 2013 الذي عدُّوه أصعب الاعوام التي نغصت حياتهم وأبرزت إخفاق الطبقة السياسية في إيجاد الحلول لها .وكرس عام 2013 ازمة الثقة بين رموز الطبقة
السياسية كتعبير عن حالة عدم التوافق بينهم ما أنعكس سلباً على الأداء الحكومي والبرلماني وأخفاقات القائمين عليه في تلبية حاجات العراقيين خصوصا الأمن والكهرباء والرعاية الصحية وحماية المال العام.ازمات متلاحقة وشهد العراق خلال العام الذي نودعه ازمات خطيرة وضعته على حافة الهاوية والدخول في المجهول من شدة وعمق الخلافات بين مكوناته واسس الشراكة واحتمالات انفراط عقدها.ومثلما ودع العراق العام 2012 بازمة كادت ان تقضي على التوافق بين المكونات العراقية، يتكرر المشهد في نهاية العام 2013 بتصاعد غير مسبوق في اعمال العنف، التي عمت العراق وذهب ضحيتها نحو 7 الاف عراقي، وضعت العراق في مواجهة تنظيم "القاعدة" . مادفع الادارة الامريكية الى تزويد العراق بصواريخ وطائرات استطلاع بدون طيار، استشعارا بقوة التنظيم ودعمها للقوات العراقية على بسط سيطرتها في الميدان.
شلل رئاسيوشكل استمرار غياب الرئيس العراقي جلال الطالباني عن المسرح السياسي وغموض وضعه الصحي وتراجع حزبه امام حركة التغيير الكردية المعارضة في الانتخابات، حدثا لافتا في مسار الخارطة السياسية في كردستان العراق، واحتمالات انهاء هيمنة حزبي البرزاني والطالباني في ادارة شؤون الاقليم الكردي.وعلى الرغم من الازمات التي يئن تحت وطأتها العراقيون فأن الحراك الشعبي في محافظات الانبار وصلاح الدين وديالى ونينوى وكركوك واجزاء من بغداد ، تصدر احداث العراق وتحول إلى هاجس يقلق الحكومة العراقية، التي اعتبرته تحديا لسطاتها وتنفيذا لاجندة خارجية ، ما دفع رئيس الحكومة نوري المالكي إلى التهديد بفض الاعتصامات في المدن المذكورة بالقوة العسكرية، الامر الذي ينذر بعواقب قد تسرع دخول العراق في الحرب الطائفية.
وحركة الاحتجاجات واتساعها ومشاركة قوى وفعاليات سياسية وعشائرية ومنظمات مجتمع مدني لاسيما بعد احداث الحويجة في نيسان من عام 2013 باتت تقلق المالكي وسلطته في تلك المحافظات واحتمالات تصاعدها كرد على سياسة الاقصاء والتهميش والتغييب لتلك المحافظات كما يؤكد قادة الحراك الشعبي.
الأزمة السياسية ووضعت هذه الازمة رئيس الوزراء نوري المالكي على مفترق طرق في مواجهة تداعياتها واستحقاقاتها واعادة رسم خارطة تحالفاته الجديدة طبقا لمواقف القوى السياسية منها لاسيما انه اخفق في بلورة موقف شيعي جامع لنهجه تجاه خصومه السياسيين.وخارطة التحالفات السياسية التي ستخوض انتخابات نيسان 2014 عكست استدارة ملفتة لحلفاء المالكي عنه لاسيما الذين رجحوا كفته في تجديد ولايته الثانية وهما التيار الصدري والمجلس الاعلى ،اللذان شكلا قلقا للمالكي في سعيه لولاية جديدة.والتيارالصدري والمجلس الاعلى ونواب في التحالف الوطني قرروا خوض الانتخابات منفردين خارج مظلة التحالف الشيعي الذي ينتمي اليه المالكي ما سيضعف قوة التحالف وينعكس سلبا على حظوظ ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي في نتائج الانتخابات المقبلة.ولم تقتصر حالة التشظي والانقسام على التحالف الشيعي وانما انتقلت إلى مكونات السنة العرب الذين سيدخلون الانتخابات بقوائم منفردة بعد تشظي ائتلاف العراقية إلى عدة قوائم فيما سيخوض الاكراد ايضا الانتخابات بقوائم منفصلة.
وكشف العام الذي نودعة انهيار منظومة الخدمات جراء غرق بغداد من شدة وكثافة الامطار التي هطلت عليها و حولتها إلى بحيرة بعد عجز القائمين على مواجهة المتغيرات المناخية لوقف اضرارها، وتحول غرق بغداد إلى مناسبة لخصوم المالكي الذين حملوه مسؤولية ماجرى على الرغم من أن ميزانية العراق للعام الجديد بلغت نحو 150مليار دولار.
أحكام الاعدام وسجل العام الذي نودعه ارتفاعا ملحوظا في تنفيذ احكام الاعدام بحق نحو 120 شخصا متهمين بقضايا متنوعة وضعت العراق في صدارة الدول التي تنفذ عقوبة الاعدام على الرغم من احتجاج منظمات عربية وعالمية معنية بحقوق الانسان على ارتفاع وتيرة احكام الاعدام في العراق.
الانتكاسات الامنيةوالانهيارات الامنية التي شهدها العام 2013 اعادت إلى اذهان العراقيين صورة العنف الطائفي والقتل على الهوية والسيارات المفخخة وعمليات الخطف والقتل التي كانت سمة عامي 2006و2007 التي خلفت الآف الضحايا وكادت أن تعصف بالعراق إلى اتون الحرب الاهلية.وشهدت بغداد ومدن اخرى انتكاسات امنية لاسيما اقتحامات لسجون محصنة وتحرير مئات المعتقلين منها اطاحت بقيادات امنية وعسكرية لفشلها في ادارة الملف الامني التي وضعت الحكومة واجهزتها الامنية في اختيار صعب لخطورة الاختراقات التي طالت وزارات ومؤسسات ومواقع كانت القيادات الامنية تؤكد حصانتها وقدرتها على وأد اي اختراق محتمل لها.
الوضع الحكومي وعلى صعيد الاداء الحكومي مازالت ثلاث وزارات امنية سيادية هي الدفاع والداخلية والامن الوطني والمالية شاغرة بسبب الخلافات وعدم التوافق على تسمية الشخصيات لشغل هذه المناصب التي تولاها جميعا رئيس الحكومة نوري المالكي باستثناء وزارة المالية رغم اعتراض خصومه وقلقهم من تفرده بادارة شؤون البلاد واقصاء شركاءه في الحكم. وحفل العام الذي نودعه باحداث سياسية وامنية خطيرة هي ناتج اخفاق القائمين على العملية السياسية في تحقيق التوافق والتوازن والمصالحة الوطنية ما ابقى العراق على صفيح ساخن مفتوح على جميع الاحتمالات بعد ان تعذرت الحلول لمشاكله التي تتراكم عام بعد عام لتضيف اثقالا جديدة إلى الازمة السياسية التي يعيشها العراق .
العلاقات العراقية مع العرب و الغرب
ولم تشهد العلاقة بين العراق ومحيطه العربي تحسنا ملحوظا وخرقا لافتا وبقيت في حال السكون والتردد ،وباستثناء زيارة المالكي إلى الكويت في العام الذي نودعه، لم يزر رئيس الوزراء العراقي اي دولة عربية فيما قام بزيارات إلى واشنطن وموسكو وسيؤول وطهران ونيودلهي
وشكلت زيارة المالكي إلى الولايات المتحدة حدثا مهما خلال عام 2013 التي اندرجت في اطار سعيه للحصول على دعم الادارة الامريكية لتجديد ولايته الثالثة والحصول على اسلحة متطورة لمواجهة التداعيات الامنية ،غير انه عاد خال الوفاض بعد سماعه كلاما من صناع القرار في البيت الابيض يعكس قلق ادارة اوباما من استئثار المالكي بالقرار السياسي وابعاد شركائه بالحكم فضلا عن تنامي علاقة العراق بايران وتغاضيه عن تدفق السلاح الايراني الى سوريا عبر العراق وانتقال مسلحين عراقيـــــــين الى ســــــــوريا للقتال الى جـــــانب القوات السورية. فعام الازمات في العراق كان عاما طويلا وصعبا تداخلت فيه عوامل وارتدات الازمات التي يعيشها الاقليم العربي والمنطقة عموما لاسيما الازمة السورية والقلق من انعكاس خواتيمها على مسار الاحداث في العراق.
ومايشير إلى ان الازمات التي لم تجد لها حلا في العام 2013 ستتفاقم وتزيد من حالة الاحتقان الطائفي والسياسي خلال العام الجديد بسبب غياب التوافق وانعدام الثقة بين اركان الحكم مايبقي تلك الازمات من دون حل وربما ترحل إلى الاعوام المقبلة.وعنوان العام الذي نودعه كان بامتياز عام الحراك الشعبي المعارض للحكومة العراقية الذي دخلل عامها الثاني واحتمالات اقتحام ساحاته وملاحقة قادته ،فيما ستشكل الانتخابات البرلمانية المقبلة عنوان العام الجديد لان نتائجها قد تعيد رسم خارطة التحالفات السياسية وتحدد ملامح المشهد السياسي المقبل.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر