تونس - أزهار الجربوعي
حذّر رئيس الجمهورية التونسية محمد المنصف المرزوقي، الثلاثاء، من استعمال مكافحة "الإرهاب" غطاء لتبرير انتهاكات حقوق الإنسان دون أن يستبعد وقوف أطراف أجنبية وراء التطرف في تونس لهدف إفشال ثورتها وعرقلة انتقالها الديمقراطي"، فيما جاء ذلك لدى افتتاحه ندوة دولية لوزارة حقوق الإنسان للتعريف بالقانون الجديد لمكافحة "الإرهاب"، الذي سيعوض التشريع القديم الذي سنّهُ الرئيس المخلوع
زين العابدين بن علي، فيما أعلن الجيش التونسي الثلاثاء، تنفيد عمليات عسكرية جوية وبرية واسعة تستهدف معاقل متطرفين في منطقة سيدي علي بن عون من محافظة سيدي بوزيد التي قُتل في 6 رجال أمن على يد مسلحين الثلاثاء الماضي، في حين تتجه تونس نحو إقرار قانون جديد خاص بمكافحة "الإرهاب"، يهدف إلى مكافحة غسيل الأموال والوقاية من "التطرف"، وتمويله وردع مرتكبيه، كما يدعم المجهود الدولي الرامي إلى مكافحة كل مظاهر "التطرف"، والتصدي لمصادر تمويله ومنع غسيل الأموال المتأتية من الجريمة في إطار الاتفاقات الدولية والإقليمية والثنائية التي صادقت عليها تونس، وفق ما ورد في فصله الأول.
واقترح رئيس الجمهورية التونسية محمد المنصف المرزوقي، إحداث هيئة متخصصة بجمع معطيات متعلقة بالإرهاب وتحليلها ومعالجتها، تكون في شكل قاعدة بيانات راجعة بالنظر إلى الدولة التونسية.
وأكد الرئيسي المرزوقي لدى افتتاحه الندوة الدولية التي نظمتها وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية حول مشروع القانون الجديد لمكافحة الإرهاب بحضور رئيس الحكومة علي العريض ورئيس المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان)مصطفى بن جعفر، الثلاثاء، أن "قانون "الإرهاب" لا يجب أن يكون غطاء أو تبريرا لانتهاكات حقوق الإنسان".
ولم يستبعد الرئيس التونسي المنصف المرزوقي وقوف "أياد خفية خارجية تستهدف ضرب المسار الانتقالي الذي يسير نحو الديمقراطية والدولة المدنية في تونس" وراء انتشار القوى الإرهابية وتمركزها في البلاد، على حد قوله.
وأضاف أنّ معالجة هذه الظاهرة يتطلب مراجعة ما وصفها بـ"الخيارات التنموية الفاشلة طيلة العقود الماضية" التي حرمت أبناء الجهات الداخلية من حقها في التنمية وفي توزيع عادل للثروة ، مشدّدا على ضرورة التعامل مع ظاهرة التطرف بقوة القانون وبأدوات الدولة حسب قوله.
ومن جانبه أوضح وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية سمير ديلو أن نجاح مكافحة الإرهاب مرتبط بالحرص على احترام حقوق الإنسان، مشدّدا على أن رفض التطرف والعنف و"مكافحة الإرهاب" لا يمكن اعتباره مبررا لخرق حقوق الإنسان أو تعريض أي مواطن للعنف والإهانة والتعذيب.
وتتجه تونس نحو إقرار قانون جديد خاص بمكافحة "الإرهاب"، يهدف إلى مكافحة غسيل الأموال والوقاية من الإرهاب وتمويله وردع مرتكبيه كما يدعم المجهود الدولي الرامي إلى مكافحة كل مظاهر الإرهاب والتصدي لمصادر تمويله ومنع غسيل الأموال المتأتية من الجريمة في إطار الاتفاقات الدولية والإقليمية والثنائية التي صادقت عليها تونس، وفق ما ورد في فصله الأول.
ويعاقب القانون التونسي الجديد لمكافحة الإرهاب بالسجن من 20 عاما إلى السجن مدى الحياة كل من يتورط في قتل شخص أو عدة أشخاص أو إلحاق أضرار بدنية جسيمة بهم، الإضرار بمقرات البعثات الديبلوماسية والقنصلية أو المنظمات الدولية، إلحاق أضرار جسيمة بالبيئة بما يعرض حياة المتساكنين أو صحتهم للخطر، الإضرار بالممتلكات العامة أو الخاصة أو بالموارد الحيوية أو بالبنية الأساسية أو بوسائل النقل أو الاتصالات أو بالمنظومات المعلوماتية أو بالمرافق العمومية.
ويأتي هذا القانون ليعوض القانون القديم لمكافحة "الإرهاب" الذي سنّهُ الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في 10 ديسمبر_ كانون الأول 2003، وقد اضطرت الحكومات التونسية المتعاقبة بعد ثورة 14 يناير 2011 إلى استعمال قانون بن علي" الأمر الذي عرّضها لانتقادات شديدة من قبل مراقبين وحقوقيين الذي رأوا أن القانون خال من أي ضمانات للمحاكمة العادلة واعتبروه خطرا على الحريات العامة والفردية ، وهو ما دفع وزارة حقوق الإنسان إلى التعجيل بالنظر في مشروع قانون الارهاب الذي تفرضه حساسية الوضع الأمني، لا سيما مع تصاعد وتيرة الهجمات المسلحة من قبل متطرفين ضد الدولة التونسية وأجهزتها الأمنية والعسكرية فضلا عن عمليات الاغتيال السياسي التي عاشتها البلاد منذ بداية العام الجاري، بعد أن أعلنت وزارة الداخلية أن تنظيم "أنصار الشريعة" السلفي الجهادي المحظور يقف وراءها.
على صعيد آخر، أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية العميد توفيق الرحموني عن انطلاق عملية عسكرية برية وجوية واسعة النطاق، الثلاثاء، في منطقة جبل سيدي على بن عون من محافظة سيدى بوزيد (300 كم وسط تونس) باستعمال الدبابات والطائرات العمودية.
وكانت منطقة سيدي علي بن عون، قد شهدت مواجهات بين عناصر مسلّحة وقوات من الحرس الوطني يوم 23 أكتوبر_تشرين الأول الجاري أدت إلى مقتل 6 عناصر أمنية بينهم رئيس فرقة مكافحة إرهاب، وهو ما جعل الوحدات الأمنيّة والعسكريّة تكثّف من عمليّات المداهمة التي أسفرت إلى حدّ الآن عن القبض على أكثر من 30 متورطا في الأحداث الأخيرة بصفة مباشرة أو غير مباشرة.
وفي السياق ذاته، اعتقلت أجهزة الأمن التونسية المختصة في مكافحة "الإرهاب" والجريمة، 3 أشخاص يشتبه في ارتباطهم بالعناصر المتطرفة، خلال مداهمات لعدد من أحياء مدينة منزل بوزيان التابعة لمحافظة سيدي بوزيد.
كما تتواصل العمليات الأمنية في منطقتي بئر الحفي وسيدي على بن عون ، حيث قامت الوحدات الأمنية والعسكرية بمداهمة وتفتيش عدد من المنازل المشبه بها في إيواء عناصر مسلحة من المتهمين في قتل عناصر أمنية تونسية في كمين مسلح مسلح، وفق ما أعلنته الحكومة التونسية الثلاثاء الماضي.
وفي السياق ذاته، شهد حي النور الغربي بمدينة سيدي بوزيد حالة استنفار أمني بعد العثور على سيارة راسية أمام أحد المنازل تابعة لأحد عناصر المجموعة الإرهابية، وفق تأكيدات مصادر أمنية.
وقامت الوحدات الأمنية المختصة في مقاومة التطرف بتفتيش السيارة بعد إخلاء المكان من المارة والسكان كما تم نقل السيارة لمقر الأمن الوطني المركزي لاستكمال الأبحاث.
من جانبها، طالبت وزارة الدفاع التونسية كل شخص يتواجد داخل منطقة العمليات العسكرية بأن يمتثل للأمر القاضي بالتوقف وأن يذعن للتفتيش كلما طلب منه ذلك من قبل عناصر الدوريات الأمنية المُخول لها فى صورة عدم الامتثال، حق استعمال جميع الوسائل وآليات العمل لإجباره على التوقف أو الخضوع للتفتيش، بما في ذلك إطلاق النار.
وتأتي هذه الترتيبات تنفيذا للقرار الجمهوري الصادر عن الرئيس التونسي والقائد الأعلى للقوات المسلحة محمد المنصف المرزوقي الذي ينص على إحداث منطقة عمليات عسكرية، تشمل عددا من المناطق الساخنة التي تعتبرها الدولة التونسية بؤرا للتنظيمات الإرهابية المسلحة، لهدف تضييق الخناق على هذه المجموعات وتعزيز جهود القوات الأمنية والعسكرية وإضفاء النجاعة على عملياتها.
ويشمل قرار الرئيس التونسي القاضي بأحداث منطقة عمليات عسكرية المناطق التالية: بئر الحفي وسيدي علي بن عون وسيدي عيش وجبل الطوال وجبل أودادة وجبل السلوم وجبل الغرادق وجبل الكمايم وجبل الرخمات والمناطق المتاخمة لها ، ويسري القرار الرئاسي إلى حين نهاية العمليات بنجاح في المناطق المذكورة.
ويسمح القرار الرئاسي للقوات المسلحة التونسية، باستعمال كل الوسائل المتاحة لمداهمة وتفتيش الأماكن والمحلات الآهلة أو غير الآهلة بالسكان والتي تأوي" عناصر إرهابية" أو تحتوى على أسلحة أو مواد محظورة أو يشتبه في إيوائها أو احتوائها لها.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر