كلميم - صباح الفيلالي
قامت القوات العمومية ليلة البارحة بمدينة كلميم بتفريق مجموعة من المحتجين بشارع المهدي بن تومرت (شارع الجديد) والخرشي بمدينة كلميم الذي شهد انزالا أمنيا كثيفا ممثلا بعدد من سيارات القوات المساعدة و سيارات مكافحة الشغب بالاضافة الى عناصر أمنية بزي مدني.
ويأتي هذا الاستنفار الأمني تحسبا لحدوث أعمال شغب سيقوم بها المتضامنون من الساكنة بهذا الحي ردا على تفريق القوات العمومية لمخيم قبيلة
"ايتوسى"، في حين عرفت مدينة "أسا" جنوب المغرب والتي تبعد بحوالي 130 كيلومتراً عن كلميم عاصمة الجهة هدوءاً حذراً اليوم وسط ترقب عن ما ستؤول له الأحداث بعد ما شهدت يوم أمس أعمال عنف وشغب شارك فيها أكثر من 100 شخص ما بين شباب وصبية إلى جانب بعض من الساكنة والذين خرجوا في حالة عصيان مدني عن طريق عدم التعامل مع السلطة ومؤسساتها.
وأدت أعمال الشغب هذه إلى حرق غرفة بثكنة القوات المساعدة وكسر زجاج مقر الشرطة الخاص ببطاقات التعريف الوطنية، كما تم إضرام النار في سيارة لأحد المدنيين وبعض الدراجات النارية والهوائية حسب مصدر مقرب، وذلك من خلال استعمال الزجاجات الحارقة والرشق بالحجارة وحرق إطارات العجلات لتستمر عملية الكر والفر بين المحتجين والقوات العمومية هذه الأخيرة التي قامت بالتصدي لهذه الأعمال التخريبية بالغاز المسيل للدموع مما أدى إلى حالت إغماء في صفوف المتظاهرين.
وكانت نتيجة هذه المواجهات قتيل في صفوف المتظاهرين وهو تلميذ لقي حتفه متأثرا بالإصابة التي تعرض لها في حين أصيب مجموعة من الأفراد في صفوف القوات المساعدة 24 شخصا وعناصر من الدرك الملكي حسب نفس المصدر دائما، والذين تلقوا العلاجات بالمستشفى الإقليمي لأسا في حين أن المصابين من الشباب المتظاهر فضلوا علاج جراحاتهم بمنازلهم خوفا من اعتقالهم.
وتعود الأسباب وراء هذا العصيان المدني والمواجهات العنيفة التي تشهدها المدينة إلى عدم رضاهم على تفكيك مخيم "تيزيمي" لقبيلة ايت أوسى بطريق أسا يوم 21 و 23 سبتمبر/أيلول.
هذا الرفض لا يتفق معه أعيان وفعاليات قبيلة أيت أوسى الذين أبلغوا سلطات ولاية جهة كلميم السمارة عن رضاهم الكامل ومباركتهم في تفكيك هذا المخيم الذي نتج عن صراع بين قبيلتي أيت زكري التابعة لقبيلة ايت النص وأيت أوسى وخولوا للسلطة ممثلة في والي جهة كلميم السمارة كامل الصلاحية في ذلك، هذا الأخير أرجع فض الاعتصام في بلاغ أصدرته الولاية إلى أن هذا الإجراء جاء من اجل الحفاظ على الأمن والنظام العام لكون هذا المعتصم يعد خارج القواعد القانونية المعمول بها وأضافت حسب نص البلاغ دائما بان الحوار لا زال مستمرا بين القبيلتين لإيجاد تسوية لهذا النزاع.
وأدت المساعي التي قام بها والي جهة كلميم السمارة إلى إخماد فتيل مواجهة كادت أن تتحول إلى حرب معلنة وتؤدي إلى ضحايا في الأرواح بين قبيلتي أيت النص أو ايت أوسى المعروفون بعدائهم حول الكلا والماء والأرض واستطاع ان يجمعهما الى طاولة حوار واحدة وبالتالي إصلاح ذات البين و تقريب وجهات النظر بين القبيلتين اللتان قبلتا بعد مفوضات عسيرة وسلسلة من الاجتماعات بالمنطقة المتنازع عليها ومع الطرفين معا من القبول بوساطته من أجل الصلح بينهما وفوض له أعيان القبيلتين وشيوخ والفعاليات المدنية الأمر بالتحكيم بينهما بشكل نهائي وطي هذا الملف عن طريق رسم الحدود وتصفية جميع المشاكل السابقة العالقة بينهما، وذلك من خلال اجتماع موسع احتضنته قاعة ولاية جهة كلميم السمارة تم من خلاله التوصل إلى حل توافقي ورضاء في ترسيم الحدود بين القبيلتين من خلال تكوين لجنة من عدة أفراد عهد لها تحديد وترسيم الأراضي الخاصة بكل طرف على حدا ولجنة أخرى مختصة بمدى تنفيذ هذه الأطراف إلى ما تم الاتفاق عليه . ولازالت المساعي الحميدة متواصلة لحل النزاعات الحدودية بين القبيلتين بشكل نهائي .
وتعود أسباب هذه المواجهات والتي دارت رحاها بمنطقة تبعد عن كلميم 74 كلمتر في اتجاه مدينة أسا إلى حفر بئر يبعد بحوالي 7 كلمترات عن منطقة البرج التابعة لجماعة فاصك 25 كلمتر عن كلميم إلى مواجهات دموية بين قبيلتين واحدة من جماعة فاصك وأخرى من أسا الزاك استعملت فيها الهراوات والحجارة ونتجت عنها إصابات في صفوف الطرفين، ذلك أن حفر هذا البئر اعتبرته قبيلة أيت اوسى قد تم في الوعاء العقاري الخاص بالنفوذ الترابي لها وهو ما اعتبرته تحديا ومحاولة للاستيلاء على أملاكهم لتعمل على إيقاف العملية وإلى جانب هذه الإصابات التي تمت بطرق مباشرة لقيا شخصان ينتميان للقبيلتين معا كانا في طريقهما للمشاركة في هذه المواجهات مصراعيهما اثر حوادث سير.
وحسب مصادر مقربة فإن هذا الصراع كان بالإمكان تفاديه لو لم تتم المغامرة ببناء هذا البئر بتلك المنطقة علما بأنهم على معرفة تامة بالنزاع التاريخي بينهما.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر