تونس - أزهار الجربوعي
نظّم نواب المعارضة التونسية المنسحبون من المجلس التأسيسي، الثلاثاء، وقفة احتجاجية للمطالبة بالتحقيق مع رئيس الحكومة التونسية علي العريض، بشكل فوري، بشأن اتهام حكومته بالتقصير في حماية النائب محمد البراهمي الذي اغتيل يوم 25 تموز/ يوليو الماضي، وذلك عقب تسريبه وثيقة جديدة تشير إلى إعلام السلطات التونسية باستهداف البراهمي بالقتل قبل اغتياله، فيما نفى وزير العدل التونسي نذير بن عمو تدخله
أو تدخل سلفه السابق نور الدين البحيري في القضاء، محذرًا من محاولة البعض تقديم صورة قاتمة عن علاقة النيابة العامة مع الوزارة لهدف النيل من استقلال القضاء، مُفنّدًا نبأ مقتل 19سجينًا تونسيًا فارّا على يدِ الجيش الجزائريّ.
وانطلق نواب المعارضة المنسحبون من المجلس التأسيسي التونسي في تنفيذ وقفة احتجاحية أمام قصر الحكومة في القصبة تنادي بإحالة رئيس الوزراء علـي العريّـض علـى التحقيـق بشكل فوريّ مـن أجـل معرفـة الحقيقـة، وتحديـد المسؤوليّـات بشأن جريمـة اغتيـال محمّـد البراهمـي، مُندّدين باستئناف المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) لأعماله في ظل غياب أكثر من 50 نائبًا من المعارضة، حيث اعتبروا أن جميع مقرراته وأشغاله "فاقدة للشرعية".
وأكد النوّاب المحتجون أنهم يطالبون بكشف الحقيقة وتحديـد المسؤوليّـات فـي جريمـة اغتيـال زميلهم مؤسس حزب "التيار الشعبي"، النائب المعارض البراهمـي الذي اغتيل رميًا بالرصاص في بيته في الخامس والعشرين من تموز/ يوليو الماضي.
ويتهم نواب المعارضة الحكومة التونسية وبخاصة وزير الداخلية ورئيس الوزراء بالتهاون والتقصير في حماية زميلهم محمد البراهمي، وذلك بعد تسريب وثيقة تكشف أن وكالة المخابرات المركزية الأميركية حذّرت تونس من احتمال تعرض البراهمي للاستهداف بالقتل من قِبل مجموعة سلفية وذلك قبل اغتياله بـ 11 يومًا.
وأعلن النائب عن حزب "التحالف الديمقراطي" محمد البارودي أنه تحصّل أخيرًا على وثيقة ثانية في تاريخ 13 تموز/ يوليو 2013، متوجهة من المدير العامّ للمصالح المختصة في وزارة الداخلية إلى المدير العام للأمن العمومي، تشير إلى إمكان استهداف النائب في المجلس التأسيسي محمد البراهمي من قِبل عناصر سلفية متشدّدة.
وأوضح البارودي أن الإشكال يتمثّل في عدم تعميم هذه الوثيقة على المصالح المعنية، مشيرًا إلى أنها صدرت قبل يومين من تاريخ الوثيقة الصادرة عن المخابرات الأميركية بشأن الموضوع ذاته، والتي كشفت عنها هيئة الدفاع في قضية اغتيال محمد البراهمي.
وطالب البارودي الإدارة العامة للأمن العمومي في وزارة الداخلية بتوضيح أسباب عدم توفير حماية لمحمد البراهمي رغم وجود وثائق تؤكّد علمها بوجود تهديدات تستهدف حياته.
وأعلن وزير الداخلية التونسية لطفي بن جدو فتح تحقيق إداري وعدلي بشأن الوثيقة الواردة من الاستخبارات المركزية الأميركية التي حذرت فيها تونس من إمكان اغتيال مؤسس حزب "التيار الشعبي"، نافيًا نفيًا قاطعًا علمه بالوثيقة، في حين أكد مدير الأمن العمومي في الوزارة أنه لا وجود لتقصير، وأن الهياكل الأمنية تعاطت معها بكل جدية إلا أنها لم تجد من خلال تحرياتها الميدانية ما يؤكّد إشعار الاستخبارات الأميركية، ويفيد تحضير جماعات سلفية إلى عملية اغتيال تستهدف النائب محمد البراهمي.
وفي سياق متصل، نفى وزير العدل نذير بن عمو تدخله أو تدخل وزير العدل السابق نور الدين البحيري في القضاء، وفي عمل الوزارة، نافيًا السيطرة على القضاء من خلال النيابة العمومية ، مشدّدًا على ضرورة استقلالية النيابة العامة عن السلطة القضائية.
وأكد بن عمو أن الدعاوى العمومية التي تم رفعها لم تميز بين الأشخاص على أساس انتماءات حزبية أو سياسية.
ونبه الوزير إلى ما أسماه بعض السلوكيات التي ترمى إلى إفشال مسعى أن يكون استقلال القضاء واقعًا ملموسًا، وذلك من خلال التقديم المتعمد لصورة سلبية عن علاقة الوزارة مع النيابة العامة.
وقال وزير العدل التونسي إنه لا يقف وراء إيداع الأشخاص في السجون، كما لا يقف وراء الإفراج عنهم؛ لأن ذلك لا يدخل في نطاق صلاحيات وزارة العدل.
ووجّه حقوقيون وقضاة العديد من الانتقادات إلى وزارة العدل والحكومة التونسية، بشأن عدم التزامها بالحياد وتدخلها في السلطة القضائية، لإعادة البلاد نحو محاكمات الرأي وترهيب الإعلاميين، وذلك على خلفية مثول 3 صحافيين أمام جهات التحقيق في يوم واحد، الجمعة الماضي.
وفي سياق متصل، نفى وزير العدل التونسي نذير بن عمو ما تداولته عدد من التقارير الإعلامية بشأن مقتل 19 فارًا من سجن قابس جنوب تونس على يد الجيش الجزائري، مؤكدًا القبض على 45 منهم.
من جهة أخرى، نفى المدير العام للسجون والإصلاح الحبيب السبوعي ما ترّدد من أنباء بشأن إشراف عدد من قيادات حزب "النهضة" الإسلامي الحاكم على إلقاء محاضرات دينية في السجون التونسية، على غرار السيد الفرجاني والحبيب اللوز والصادق شورو.
وأضاف أن القيادي في النهضة السيد الفرجاني الذي كان مُكلفًا بمأمورية في وزارة العدل زار سجن المرناقية مرتين أو ثلاث مرات، ولم يُلقِ البتة أيّ درس دينيّ.
وأشار إلى أنه تم إيقاف التعامل مع "الجمعية الوسطية للتوعية والإصلاح"، التي يرأسها عادل العلمي، والتي أمّنت عددًا من الدروس في السجون التونسية.
من جانبه، نفى وزير العدل التونسي السابق والمستشار السياسيّ الحاليّ لدى رئيس الحكومة نور الدين البحيري، الاتهامات الموجهة له بالتدخل في القضاء ووزارة العدل، معتبرًا أنها محاولات لتشويهه، داعيًا إلى استقلالية النيابة العمومية عن السلطة التنفيذية، وضرورة طرح هذا الموضوع داخل أروقة المجلس التأسيسي، والتنصيص عليه في الدستور الجديد.
ويَعتبر العديد من الحقوقيين والمتدخلين في الشأن القضائي أن وزير العدل السابق نور الدين البحيري لا يزال يمارس نفوذه داخل الوزارة، مستشهدين بقوة الرجل وذكائه السياسيّ، خصوصًا وأنه يعتبر من بين قيادات الصف الأول لحزب حركة "النهضة" الإسلامي الحاكم، في حين تتمسك وزارة العدل بدفع هذه التهم عنها، مطالبة بالنأي بالقضاء عن التجاذبات السياسية والاختلافات الحزبية، واحترام القضاء وعدم التدخل في مساره لتركيز رواسي دولة ديمقراطية متقدمة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر