دمشق ـ جورج الشامي
توعدت "جبهة النصرة" المتطرفة التي تقاتل الحكومة السورية، بالثأر لسكان ريف دمشق، ردًا على "الهجوم الكيميائي الذي نفذته القوات الحكومية"، وذلك عبر استهداف القرى العلوية، الأحد، مشيرة إلى أنها رصدت ألف صاروخ لذلك، فيما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية، أن الجيش مستعد للتحرك ضد دمشق على خلفية هجوم الغوطة، منتظرةً قرار الرئيس باراك أوباما في ذلك، في حين حذرت إيران الولايات المتحدة،
الأحد، من أنها ستواجه "عواقب وخيمة" إذا هاجمت سورية.
وأكد وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل، الأحد، أن الجيش الأميركي مستعد للقيام بتحرك ضد سورية في حال تلقي الأمر بذلك، إلا أنه أكد أن واشنطن لا تزال تقيم الادعاءات بشأن حصول هجمات بالأسلحة الكيميائية.
وقال هيغل، للصحافيين في العاصمة الماليزية كوالالمبور، المحطة الأولى من جولة يقوم بها في جنوب شرق آسيا، "إن الرئيس أوباما طلب من وزارة الدفاع إعداد خيارات لكل الحالات، وهذا ما فعلناه، ومرة جديدة نحن مستعدون لأي خيار، وإن الولايات المتحدة وحلفاءها يقومون بتقييم المعلومات التي تُفيد أن القوات السورية شنّت، الأربعاء، هجومًا بأسلحة كيميائية على معقل لمقاتلي المعارضة في ريف دمشق، ولن أُضيف أي شيء حتى نحصل على مزيد من المعلومات المستندة إلى وقائع".
وأضاف وزير الدفاع الأميركي، وهو على متن الطائرة التي أقلّته إلى ماليزيا، أن "العسكريين الأميركيين قدموا سلسلة من الخيارات العسكرية إلى أوباما، بشأن ما يبدو أنه هجوم كيميائي أثار استياءً عالميًا، وأن الجيش الأميركي يقوم بتحريك قوات إلى أماكن حسب الضرورة، وسط تكهنات بأن واشنطن يمكن أن توجه ضربات صاروخية لمعاقبة حكومة الأسد".
ويبدو أن أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، أقرب إلى الإلقاء باللائمة على القوات السورية، وجاء في بيان لرئاسة الحكومة البريطانية، أن الزعيمين الأميركي والبريطاني، "كلاهما قلق للغاية من تزايد المؤشرات على أن هذا كان هجومًا كبيرًا بأسلحة كيميائية شنتها الحكومة السورية ضد شعبها".
وحذرت إيران الولايات المتحدة، الأحد، من أنها ستواجه "عواقب وخيمة" إذا هاجمت سورية، ردًا على الهجوم الواسع بالسلاح الكيميائي على منطقة الغوطة في ريف دمشق، موضحة أن "حكومة دمشق ستتعاون مع خبراء الأمم المتحدة في السلاح الكيميائي الموجودين منذ أيام في دمشق، وتحدث وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع نظيره السوري وليد المعلم وأخبره أن الحكومة السورية عليها أن تسمح بوصول مفتشي الأمم المتحدة إلى موقع الهجوم الغازي المزعوم".
وقال نائب رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية الجنرال مسعود جزائري، "إن أميركا تعلم حد الخط الأحمر للجبهة السورية، وأن أي تجاوز لهذا الخط ستكون له عواقب وخيمة على البيت الأبيض".
واتهم جزائري، في تصريحاته نقلتها "وكالة أنباء فارس"، الأحد، الولايات المتحدة وما سماه "الدول الرجعية في المنطقة"، بأنها خططت للحرب "الإرهابية" في سورية، لاستهداف ما وصفه بـ"جبهة المقاومة"، في إشارة إلى التحالف المعلن بين إيران وسورية و"حزب الله" اللبناني، بعدما أقرّ الأخير علنًا بالقتال إلى جانب القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد, كما تُتهم إيران من دول غربية وعربية وكذلك من المعارضة السورية، بدعم الأسد بالمال والسلاح والخبرة العسكرية.
وأفاد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، السبت، عقب اتصال بنظيره السوري وليد المعلم، أن سورية ستتعاون مع خبراء الأمم المتحدة في السلاح الكيميائي الموجودين منذ أيام في دمشق، وأن الحكومة السورية "طمأنت" طهران بأنها لم تستخدم "الكيميائي"، متهمًا من سماهم "الإرهابيين" في سورية، بأنهم هم من استخدموا ذلك السلاح.
وقال مسؤول في الخارجية الأميركية، السبت، إن وزير الخارجية الأميركي جون كيري تحدث مع نظيره السوري وليد المعلم، الخميس، وأخبره أن الحكومة السورية عليها أن تسمح بوصول مفتشي الأمم المتحدة إلى موقع الهجوم الغازي المزعوم، وأن كيري طالب بتوضيح ما إذا كان ليس لدى الحكومة السورية شيء تخفيه، فعليها أن تسمح فورًا ومن دون عوائق بالوصول إلى الموقع، بدلاً من مواصلة الهجوم على المنطقة المتضررة لإعاقة الوصول وتدمير الدليل، ومن ناحية أخرى شدد الوزير الأميركي على أنه تلقى تأكيدات كاملة من قادة الجيش السوري الحر "المعارض" بأنهم سيضمنون سلامة محققي الأمم المتحدة في المناطقة المستهدفة.
وأضاف المسؤول ذاته، أن "كيري الذي يشارك عن بعد في اجتماع للبيت الأبيض بشأن الرد الأميركي المحتمل للاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية في سورية، أجرى جولة من الاتصالات الدبلوماسية السبت، مع نظرائه السعودي والأردني والتركي، حيث أكد في جميع هذه الاتصالات، أهمية التحديد السريع للحقائق، وشدد على جدية وخطورة أي استخدام للأسلحة الكيميائية".
وقال زعيم جبهة "النصرة" أبو محمد الجولاني، في تسجيل صوتي نُشر على مواقع إسلامية إلكترونية، وعلى حساب جديد خاص بالجبهة على موقع "تويتر"، بعنوان "العين بالعين"، "إن النظام النصيري في المنطقة الشرقية من ريف دمشق دكّ بعشرات الصواريخ المحملة بمادة كيميائية خانقة، أدت إلى مقتل المئات من الأطفال والنساء والرجال والولدان، فإلى الثكالى أمهات الأطفال، وإلى أهلنا في الغوطة الشرقية، أقول إن الثأر لدماء أبنائكم لهو دين في اعناقنا وعنق كل مجاهد، لا ينفك عن عاتقنا حتى نذيقهم ما أذاقوه لأبنائنا، وقد شرع لنا أن نعاقب بالمثل (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثلما عوقبتم به). لذلك نعلن عن سلسة غزوات (العين بالعين)، التي ستشن على القرى النصيرية، وإن كل صاروخ كيميائي سقط على أهلنا في الشام، ستدفع ثمنه قرية من قراهم بإذن الله، وزيادة عليها نرصد ألف صاروخ يُطلق على بلداتهم ثأرًا لمجزرة غوطة الشام، فيا أهل الجهاد في أرض الشام ويا جنود (جبهة النصرة)، إن أهل الشام ليس لهم بعد الله من ناصر أو مؤازر سواكم، فلا يفوتن يومكم ولا تغيبن شمس نهاركم إلا ولهيب ناركم تدق عقر دارهم، هذا يومكم يا أبطال دمشق، يا جنود الوغى في درعا، يا صناديد حمص، ويا صقور اللاذقية، ويا ليوث حماة، ويا فرسان إدلب، ويا رجال الحرب في حلب، ويا أسود الدير، وحماة الرقة، وشجعان الحسكة، أروهوم منكم يومًا عبوسًا أسود، أروهم سيفًا مصلتًا يطيح بهامهم، ويزلزل الأرض فوق أقدامهم".
واعتبر الجولاني، أن "دماء أبناء السنّة ليست رخيصة هينة كما يظن هؤلاء السفهاء، وأن الحكومة السورية قصفت الغوطة بعد أن أخذت ضوءًا أخضر من النظام الدولي، الذي بدت شراكته في الجريمة واضحة جلية، وبعد أن تحطم الجزء الأكبر من قواتها العسكرية والأمنية، وبدأت تشعر بدنو الأجل وزواله القريب المحتمل".
واتهمت المعارضة السورية، دمشق بشن هجوم كيميائي الأربعاء على مناطق في الغوطة الشرقية وجنوب غرب دمشق، مما أسفر عن وقوع 1300 قتيل، وأحصى المرصد السوري لحقوق الانسان 322 قتيلاً موثقة أسماؤهم، فيما أكدت دول غربية عدة، مسؤولية الحكومة السورية عن شنّ الهجوم الكيميائي، الأمر الذي نفته دمشق بقوة، واتهم إعلامها المعارضة باستخدام هذا السلاح في جوبر في شرق دمشق، في حين قالت منظمة "أطباء بلا حدود"، إن 355 شخصًا قُتلوا جراء إصابتهم بعوارض "تسمم عصبي" بعد هجوم الأربعاء، وأفادت الأمم المتحدة، أن النزاع السوري المستمر منذ آذار/مارس 2011 شهد سقوط أكثر من 100 ألف قتيل.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر