الدار البيضاء - سعيد بونوار
الدار البيضاء - سعيد بونوار
تنفس مسؤولو جهاز الدرك (الأمن) الملكي في المغرب الصعداء وهم يعتقلون أفراد أخطر عصابة لسرقة المواشي في المغرب، عصابة دوخت الأجهزة الأمنية بفعل سرعة عملياتها واعتمادها على وسائل نقل من شاحنات كبيرة مع استعمال السلاح، ومجال اختصاصها سرقة قطعان الأغنام والأبقار لا غير.
ولا يخشى مُلاك الضيعات
وأرباب حظائر تربية المواشي والفلاحون الكبار منهم والبسطاء في المغرب غير هؤلاء اللصوص الذين يطلق عليهم "الفراقشية"، وهم لصوص مدربون على سرقة قطعان المواشي من الحظائر، يملكون من الحيل والوسائل اللوجستيكية ما يدفع بهم إلى الاستيلاء على قطعان المواشي في وقت وجيز وتحت جنح الظلام، يعززون "حملاتهم" بالأسلحة النارية وبشاحنات وسيارات دفع رباعي، ويتشبهون في هجوماتهم بالعصابات التي كانت تغير على قرى وقبائل في الماضي، وغالبًا ما يختارون الساعات الأخيرة من الليل.
يُعد "الفراقشية" عصابات، ولُقبوا كذلك نسبة إلى "الفراقش" أي قوائم الأغنام والأبقار بالعامية المغربية، عصابات لا تشتغل إلا في قطاع نهب الأغنام، والاستيلاء عليها، لا يهمهم فقر الفلاح وعوزه وحاجته إلى خرفانه، بقدر ما يشغل بالهم تجميع أكبر عدد من الخرفان والإسراع ببيعها في أسواق سرية لذبحها بشكل "سريع" وتوزيع لحومها على المطاعم ومحلات الجزارة، ويجنون المال الوفير من ذلك.
يقول الحاج المعطي القاطن في قرية بن أحمد (120 كيلومترًا جنوب شرقي الدار البيضاء) لـ"العرب اليوم": "لم أكن اتوقع أن تكون أغنامي ضحايا للفراقشية، لقد جاؤوا ليلاً وكبلوا الحارس، وأشبعوه ضربا لأنه حاول مقاومتهم وأخذوا الخرفان والأبقار والماعز، ولم يتركوا لي غير الدجاج والكتاكيت".
ويروي جاره الذي لا يبعد عنه إلا بـ50 مترًا محمد البوزركي "سمعت فجرًا أصوات محرك جرّار، اعتقدت للوهلة الأولى أن الأمر يتعلق بخروج الحاج المعطي وبعض أعوانه إلى الحقول، فموسم الحصاد بدأ، فلم أشأ الاستيقاظ، وفوجئت صباحًا بتوافد سيارات الدرك للتحقيق في أمر سرقة المواشي".
وتعاني عشرات الأسر من "الفراقشية" الذين غالبًا ما يختارون المكان والزمان المناسب للقيام بسرقاتهم، وفي أحيان كثيرة يتبعون حيلاً ماكرة، من قبيل توهيم الفلاحين أنهم أطباء بيطريون، أو أنهم من السلطات جاؤوا لمراقبة الأغنام خوفًا من تفشي مرض ما، أو يشعلون النار في أكوام تبن بعيدا عن حظيرة ما، وعندما ينشغل السكان بإطفاء الحريق يقومون هم بسرقة المواشي.
رغم تكثيف التحقيقات، وتعاون الأجهزة الأمنية لفك "شيفرات" أساليب "الفراقشية" إلا أنهم باتوا يشكلون ظاهرة إجرام حقيقي، إذ ينقلون بسرعة فائقة الأغنام المسروقة وتكون بالمئات أحيانًا، أي أنهم يكسرون القاعدة التي تفيد أن "اللص لا يأخذ إلا ما خف وزنه وغلا ثمن" والواقع أن هؤلاء لا يسرقون إلا ما ثقل وزنه كالأبقار والجمال والأكباش.
"الفراقشية" بارعون في نقل الأغنام المسروقة إلى الحواضر، أو إخفائها قبل أن تتسلل أشعة الشمس لتعلن بداية النهار، ولهم أسايب غريبة في التخفي عن عيون الدرك (الأمن) وتجاوز حواجزهم الأمنية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر