الدار البيضاء - سعيد بونوار
تواصل المجالس البلدية الإسبانية رفضها دفن الموتى المسلمين، بذريعة ندرة الأراضي، وتسرع في إنجاز إجراءات ترحيل الجثامين، إلى البلدان الأصلية، على نفقة ذويهم، ما دفع المواطنين المسلمين إلى الإضراب عن الطعام والاعتصام أمام مباني البلديات. وتخصص الحكومة الإسبانية مقبرتين صغيرتين لمواطنيها المسلمين، الذين يزيد عددهم عن المليوني مواطن، وذلك نتيجة لضغط مغربي وسعودي،
حيث شيدت المقبرة الأولى في بلدة غرينيون، قرب العاصمة مدريد، والثانية في مدينة فوينخيرولا، في منطقة كوستا ديل سول.
هذه الحالة المأساوية، التي عاشها الشاب المغربي مصطفى، المقيم منذ سنوات في منطقة "أليكانتي"، والذي أجبر على نقل رفات والده إلى مدينة تطوان المغربية، بعد أن تعذر عليه دفن والده في المقبرتين المخصصتين لمسلمي إسبانيا (الأندلس سابقًا)، وقال "نحن المسلمون مثل الكاثوليكيين، نحب أن ندفن أمواتنا، ونزورهم، وفقًا للطقوس الإسلامية، لكن في إسبانيا الأمر معقد جدًا"، في حين أكد رئيس اتحاد الجاليات الإسلامية في إسبانيا ريا التتري أن "هناك تعقيدات إدارية تمنع إنشاء وبناء مقابر، ما يجعل الدفن هاجسًا يطارد أسر الموتى المسلمين".
لو أمكن لأبي العلاء المعري أن يقف على ربوة "غرناطة" الإسبانية، الشاهدة على حضارة الإسلام في أروبا، لذرف دمع الحزن على "زمان الوصل بالأندلس"، يوم كانت المآذن تصدح بكلمة "الله أكبر"، وكانت القبور تخفي أجساد علماء ومفكرين ومخترعين ومبدعين، صنعوا مجد أوروبا، الغارقة في الظلام.
كان يومها سينشد بحزن عميق، وملوك الطوائف يجمعون حقائبهم، للعودة من حيث انطلق طارق بن زياد، لكن طارق أحرق سفن العودة، وملوك الطوائف أحرقتهم الليالي الملاح.
خفف الوطء مـا أظـن أديـم الأرض إلا مـن هـذه الأجسـاد
وقبيـح بنـا وإن قــدُم الـعـهد هـوان الآبــاء والأجــــــــــداد
ربما دموع عبد الله الصغير، آخر ملوك الطوائف، على هضبة "سوسبيرو ديل مورو" هي نفسها التي سيذرفها مسلمو إسبانيا، وهم يرمقون جثامين ذويهم، وهي "تُرحل" أشبه بحملات الترحيل، التي تستهدف المهاجرين غير الشرعيين.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر