يُهدّد تحويل أزمة الاحتجاجات في العراق، التي تقترب من شهرها الرابع، إلى "قضية دولية" بفرض عقوبات على السلطة العراقية، وربما بمحاكمة بعض القادة الأمنيين وزعماء "الميليشيات" المتهمين بقتل المدنيين، ويرى سياسيون وناشطون أن المجتمع الدولي كان تدخل في قضايا انتهاك حقوق الانسان في حوادث أقل حجما مما يجري في العراق، فيما حذروا من فوات الأوان وتصاعد عدد الضحايا جراء استمرار قمع السلطة للمحتجين.
وقتل متظاهر بالرصاص فجر الاثنين الماضي، في مدينة الناصرية، فيما جرح 4 آخرون في نفس المدينة، خلال إقدام مسلحين مجهولين على اقتحام الساحة المركزية للاحتجاجات المناهضة للحكومة، وإحراق خيام المتظاهرين.
أعلنت مفوضية حقوق الانسان في العراق، الأحد الماضي، عن "استشهاد" 12 متظاهرا في بغداد ومحافظة ذي قار، وإصابة 230 من المتظاهرين والقوات الأمنية، كما أشارت إلى حصول 89 حالة اعتقال للمتظاهرين.
وأحصت المفوضية نهاية العام الماضي، ما لا يقل عن 490 متظاهراً، قالت إنهم قتلوا في بغداد والمدن الجنوبية خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
وقالت المفوضية آنذاك في بيان، إنها "سجلت 68 حالة خطف وفقدان رسمية" لدى مكاتبها على خلفية الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ الأول من تشرين الأول الماضي.
وقال النائب باسم خشان، إن قمع السلطة المستمر للمدنيين منذ نحو 4 أشهر "حرك ضمير العالم"، معتبرا البيان الأخير، لمجموعة من السفارات الغربية "تصعيدا" باتجاه إدانة السلطة في العراق.
كانت 16 دولة في العالم، دانت الإثنين الماضي، استمرار العنف في العراق، بينما دعت الحكومة العراقية لاحترام حق الاحتجاج والكشف عن المتورطين بقتل المتظاهرين.
وقال بيان مشترك إن "سفراء كندا، كرواتيا، الجمهورية التشيكية، فنلندا، فرنسا، ألمانيا، هنغاريا، إيطاليا، هولندا، النرويج، بولندا، رومانيا، إسبانيا، السويد، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، يدينون الاستخدام المفرط والمميت للقوة من قبل قوات الأمن العراقية والفصائل المسلحة ضد المتظاهرين المسالمين منذ 24 كانون الثاني؛ بضمنهم متظاهري بغداد والناصرية والبصرة"، وأضاف البيان أنه "على الرغم من الضمانات التي قدمتها الحكومة غير أن قوات الأمن والفصائل المسلحة تواصل استخدام الذخيرة الحية في هذه المواقع مما أدى إلى مقتل وإصابة العديد من المدنيين، في حين يتعرض بعض المحتجين إلى الترويع والاختطاف".
ودعا سفراء الدول "الحكومة إلى احترام حريات التجمع والحق في الاحتجاج السلمي كما هو منصوص عليه في الدستور العراقي"، كما ودعا "جميع المتظاهرين إلى الحفاظ على الطبيعة السلمية للحركة الاحتجاجية". وأضاف البيان أن السفراء يدعون الحكومة إلى ضمان اجراء تحقيقات ومساءلة موثوقة فيما يتعلق بأكثر من 500 حالة وفاة وآلاف الجرحى من المحتجين منذ 1 تشرين الأول".
مناشدة الأمم المتحدة
وبدأت ساحات الاعتصام في بغداد ومدن أخرى، برفع مناشدات إلى العالم، للـ"تدويل" بعد تصاعد عمليات قمع المحتجين ومطاردة الناشطين والصحفيين. ويقول النائب باسم خشان لـ(المدى) امس، ان "العراق دولة مهمة ولن يسكت العالم على ما يجري في الداخل"، مبينا انه يمكن للامم المتحدة ان "تفرض عقوبات على الحكومة" بتهمة انتهاك حقوق الانسان. واضاف النائب عن المثنى، "كما يمكن ان تطرد الامم المتحدة، المسؤولين العراقيين من المؤسسات المعنية بحقوق الانسان، باعتبارها حكومة منافقة في هذه القضايا"، محذرا في الوقت نفسه، دول العالم، من "ضياع الوقت وارتفاع عدد الضحايا".
وعلق محتجون، أمس، في ساحة التحرير وسط بغداد، شعار الامم المتحدة، من على بناية المطعم التركي.
وبث ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو تظهر لافتة زرقاء، وعليها شعار الامم المتحدة، كمناشدة من قبل المتظاهرين للفت نظر المنظمة الدولية الى مطالباتهم، وطالب متظاهرو محافظة الديوانية، قبل ايام، الامم المتحدة والمجتمع الدولي بالتدخل من اجل تحقيق مطالب التظاهرات الشعبية بعد انتهاء "مهلة الناصرية".
وأظهرت صور نشرت في منصات التواصل الاجتماعي، المتظاهرون في المدينة، وهم يرفعون اعلام الامم المتحدة ولافتات تطالبها بالتدخل، اثناء قطعهم للطريق الدولي الرابط بالعاصمة بغداد.
بالمقابل وصف القيادي في جبهة الإنقاذ والتنمية أثيل النجيفي، استنكار 16 دولة للاعتداء على المتظاهرين بالإعادة لتدويل الوضع العراقي.
وقال النجيفي في تغريدة على (تويتر)، إن "سفراء 16 دولة منها 3 من الأعضاء الدائمين في مجلس الامن والبقية اعضاء الاتحاد الاوربي يستنكرون اعتداء القوات الأمنية العراقية على المتظاهرين المسالمين.. أنها خطوة أولى في طريق إعادة تدويل الوضع العراقي وستكون بمثابة دعم التغيير دولياً".
العراق اللاديمقراطي
وقال الناشط والأكاديمي كاظم السهلاني، إن فشل السلطة في إدارة البلاد، والعنف ضد المدنيين "نسف صورة الديمقراطية في العراق"، وأضاف الناشط، في اتصال مع (المدى): "قد تأخر العالم في مساعدة العراقيين، لكن الوقت الآن أصبح مناسبا"، مشيرا إلى أن السلطات في العراق "انتهكت كل المعايير الدولية من قتل المدنيين وخطف الصحافيين ومهاجمة وسائل الإعلام".
وبين السهلاني أن "العالم تدخل في أزمة فلسطين بعد مقتل 1600 مدني في أيام ثورة الحجارة (1987- 1993)، بينما السلطات قتلت نحو 700 مدني خلال 3 اشهر، والعدد في تصاعد".
ويتمنى الناشط أن تقوم المنظمات الدولية، بتبني مواقف الشارع العراقي بـ"محاكمة قادة الأمن" الذين يعملون مع السلطة و"الميليشيات" لقتل المدنيين في التظاهرات، مبينا أن ذلك سيكون بمثابة "إشارة إلى احتمال معاقبة السلطة إذا استمرت بقمع المحتجين".
قد يهمك ايضا
احتجاجات العراق تستعيد زخمها والمتظاهرون يتوافدون على الساحات بعد "يوم الفضّ"
أعداد كبيرة من مؤيدي مقتدى الصدر تبدأ بالتوافد إلى بغداد
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر