موسكو - المغرب اليوم
فتحت السجالات الروسية - الأميركية الجديدة بسبب ما وُصف بأنه "احتكاكات" وقعت بين قوات البلدين في سورية على توجيه مزيد من الاهتمام للوضع في مناطق يتقاطع فيها نشاط العسكريين من الطرفين في الشمال السوري، على خلفية تقارير عن تزايد حالات كادت تسفر عن وقوع مواجهات في الفترة الأخيرة، حيث حصل أمس "استعراض قوة" قرب تل تمر شرق الفرات، لدى اعتراض دورية أميركية قوات روسية في تلك المنطقة. ولم تكن وزارة الدفاع الروسية تصدر تعليقات رسمية على أنباء عن مناوشات وقعت مع القوات الأميركية، لكن الوزارة أصدرت أمس بيانًا حمل لهجة غاضبة، ردًا على تصريحات أميركية حول "اعتراض" قوات التحالف جنرالًا روسيًا ومنعه من الاقتراب من مدينة منبج السورية.
وأفاد البيان بأن حادث "الاعتراض" وقع منذ 14 شهرًا، ما يعني أنه ليس جديدًا، وليس مفهوما قيام الأميركيين بالإعلان عن الحادث قبل أيام، ودعا البيان الولايات المتحدة إلى الكف عن محاولات تأجيج الوضع بشكل مصطنع. ووفقًا للبيان العسكري الروسي، فإن "الحادث الذي أشار إليه مسؤولون أميركيون وقع منذ نحو 14 شهرًا في منطقة مدينة منبج التي خضعت في ذلك الوقت لسيطرة ثلاثية، حيث تواجدت فيها قوات ما يسمى بالتحالف ضد الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة، والوحدات الكردية، والقوات الحكومية السورية". وأشار البيان إلى أنه "كان على جميع الأطراف الناشطة على الأرض في تلك الفترة أن تنسق دائمًا كل أعمالها لاستبعاد وقوع حالات نزاع"، مضيفًا: "لهذا السبب يمثل الحادث الذي تحدث عنه المسؤولون الأميركيون مثالًا واضحًا لفعالية القنوات القائمة للتنسيق بين عسكريي البلدين في سورية".
ورأت وزارة الدفاع الروسية أنه "نعتقد مع ذلك أن التأجيج المصطنع للوضع من قبل بعض المسؤولين في البنتاغون حول حادث عمل أثناء تنفيذ مهمات الدوريات لا يسهم في إرساء الاستقرار في الواقع بل يحول دون قيام العسكريين بعملهم". وشددت الوزارة على أن العلاقات بين العسكريين الروس والأميركيين في سورية "طبيعية ومهنية تمامًا"، وزادت: "نعرف مواقع تواجد الوحدات الأميركية، فيما يعرف الجانب الأميركي مواقع أنشطة العسكريين الروس. وتجري تسوية التحركات غير المنسقة في أماكن التماس بشكل سريع عبر قنوات فض الاشتباك". وجاء التعقيب الروسي ردًا على كشف المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية، جيمس جيفري، عن حادث "اعتراض" لواء روسي في محيط مدينة منبج السورية قبل أكثر من عام. وذكر الدبلوماسي الأميركي، الذي لم يكشف عن تفاصيل الحادث، أن الموضوع تمت تسويته بنجاح "عبر قنوات عسكرية".
تزامن ذلك، مع عودة السجالات الروسية الأميركية إلى الواجهة حول حوادث اعتراض كادت تسفر عن تبادل لإطلاق النار وقعت أخيرًا خلال قيام القوات الروسية بدوريات في مناطق الشمال السوري. وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن العسكريين الأميركيين "سوف يبقون في مناطق تمركزهم"، ودعا إلى تعزيز التنسيق مع موسكو لمنع وقوع احتكاكات. وقال المتحدث باسم البنتاغون، جوناثان هوفمان، إن العسكريين الأميركيين "سيبقون في مواقعهم في سورية، مع الحرص على إبقاء الاتصال مع نظرائهم الروس تجنبا لوقوع اشتباكات بين الجانبين". وأبلغ هوفمان وكالة أنباء "نوفوستي" الحكومية الروسية أن واشنطن "أبلغت وبكل وضوح الدول والقوى الأخرى المتواجدة في المنطقة عن أماكن تموضع قواتنا. نحن نستخدم قنوات منع النزاعات لمنع حدوث أي سوء تفاهم أو صدام عرضي". وتابع: "لا أملك معلومات عن أي شيء تسمونه تبادلا لإطلاق النار... كل ما يمكنني أن أقوله إننا نتواجد حيث كنا وإنهم (الروس) يعلمون أين نتواجد".
من جهته، أفاد نائب قائد عمليات التحالف الدولي المناهض لتنظيم داعش بأن الاتصالات بين قادة المجموعتين العسكريتين الأميركية والروسية في سورية تجري أسبوعيا، ناهيك عن اتصالات شبه يومية تجري على المستويات الأدنى، موضحًا أن الحديث يدور عن اتصالات بين ممثلي الطيران الحربي والقوات على الأرض على حد سواء. وكانت تقارير تحدثت أخيرًا، عن وقوع احتكاكات مباشرة بين القوات الروسية مع القوات الأميركية، التي منعت الروس من التقدم أكثر من مرة في مناطق تخضع لسيطرتها أثناء قيام القوات الروسية بتسيير دوريات في مناطق الشمال السوري، وأورد "المرصد السوري لحقوق الإنسان" قبل أيام عدة حوادث قال إنها كادت أن تسفر عن وقوع مواجهات بين الطرفين عندما قام الأميركيون بمنع تقدم الدوريات الروسية وأجبروها على العودة عن بعض المناطق، خصوصا في بلدات قريبة من الطريق الرئيسي المعروف باتوستراد "إم 4" الذي حاول الروس الاقتراب منه. لكن اللافت أن موسكو فضلت تجاهل الموضوع، ونفت في بيان رسمي في وقت سابق صحة المعلومات حول وقوع هذه الاحتكاكات.
على صعيد آخر، كشف بيان أصدرته الخارجية الروسية أمس، جانبا من تفاصيل المحادثات التي أجراها في موسكو المبعوث الدولي غير بيدرسن. وأفاد البيان المنشور على صفحة الوزارة الرسمية بأن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ناقش بشكل مستفيض مع بيدرسن، كيفية توفير أجواء مستقرة لعمل اللجنة الدستورية السورية. ووفقًا للبيان فقد "تم النظر بشكل مفصل، في مجموعة كاملة من قضايا التسوية السورية، وبحث الوضع داخل سورية وحولها. وتركزت المناقشة، على مهام توفير عمل مستقر وفعال للجنة الدستورية، التي انطلقت في 30 أكتوبر (تشرين الأول) 2019 في جنيف، مع الدور الحاسم للبلدان الضامنة في صيغة آستانة.
وخلال ذلك، تم التأكيد على أهمية تعزيز عملية سياسية يقودها وينفذها السوريون أنفسهم بدعم من الأمم المتحدة، على النحو المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 وقرارات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي". وأضاف بيان الوزارة أن الطرفين "متفقان على أن تحقيق الاستقرار والأمن الدائمين في سورية وفي المنطقة كلها، يصبح ممكنًا فقط على أساس الاحترام الصارم لسيادة الدول ووحدة أراضيها. وتم التأكيد على الحاجة إلى تكثيف المساعدات الإنسانية الشاملة لجميع السوريين في جميع أنحاء سورية دون تسييس وتمييز، وفقًا لمعايير القانون الإنساني الدولي، بما يخدم تهيئة الظروف المناسبة للعودة الطوعية والآمنة والكريمة للاجئين السوريين والنازحين داخليًا إلى ديارهم".
قد يهمك ايضا :
إشارات عربية إيجابية لإخراج دمشق من أزمتها وإجراء مصالحة حقيقية
10 إجراءات أميركية على الحدود السورية ـ العراقية لـ"مواجهة إيران"
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر