ميليشيات الحوثي يتبع أكثر من تكتيك وأسلوب للمناورة للتملص من تنفيذ اتفاق ستوكهولم
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

يُعتبر أول اختبار حقيقي لمصداقية الجماعة منذ مشاورات السويد

ميليشيات الحوثي يتبع أكثر من تكتيك وأسلوب للمناورة للتملص من تنفيذ اتفاق "ستوكهولم"

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - ميليشيات الحوثي يتبع أكثر من تكتيك وأسلوب للمناورة للتملص من تنفيذ اتفاق

ميليشيات الحوثي
عدن ـ عبدالغني يحيى

درجت الجماعة الحوثية منذ ظهورها على مسرح الأحداث في اليمن وتدحرجها من صعدة شمالا للانقلاب على الشرعية وإسقاط العاصمة صنعاء، وصولا إلى اللحظة الراهنة على اتباع أكثر من تكتيك وأداة للمناورة وكسب الوقت ويأتي في مقدمها إدمان الجماعة على الإجراءات الأحادية في المسار التفاوضي. 

ويعتقد سياسيون ومراقبون يمنيون أن الجماعة الموالية لإيران، اتخذت من هذا الإدمان على التدابير الأحادية الجانب وسيلة للوصول إلى منطقة رمادية، لتخدير المجتمع الدولي بأنها تريد الالتزام، وفي الوقت نفسه ملاذا للتملص من تنفيذ الاتفاقات مع الحكومة اليمنية (الشرعية) أو الالتزام بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالأزمة اليمنية.

 وباعتبار اتفاق «استوكهولم» أول اختبار حقيقي لمصداقية الجماعة منذ مشاورات السويد نهاية العام 2018 والذي أثبت عدم رغبتها لإنجاز مقدمات السلام، كانت الفرصة المناسبة لتلجأ الجماعة إلى «تكتيك» الإجراءات الأحادية، من خلال إعلانها الانسحاب الأحادي الصوري من موانئ الحديدة الثلاثة، وهي الحيلة التي لم تنطل على الشرعية أو التحالف الداعم لها لكنها منحت الجماعة الكثير من الوقت للمناورة وإعادة ترتيب صفوفها ومن ثم إرباك المساعي الأممية لاستكمال تطبيق الاتفاق المتعثر.

هذه الاستراتيجية الحوثية لم تتوقف أبدا، فبعد أن زعمت أنها هي التي قامت بتنفيذ أوسع الهجمات على المنشآت السعودية التابعة لشركة أرامكو، سارعت إلى عرض مبادرة أحادية تهدف إلى امتصاص الغضب الدولي والإقليمي الناتج عن هذه الهجمات عبر إعلانها عن مبادرة لوقف الهجمات من جانب واحد وهو العرض الذي لقي على الفور تعليقا أمميا متفائلا.

ورغم أن «اتفاق استوكهولم» كان أحد فروعه الثلاثة خاصا بتبادل الأسرى والمختطفين بين الجماعة والحكومة الشرعية إلا أن الجماعة عرقلت كل الخطوات الرامية إلى تنفيذه، ولجأت إلى تقديم مبادرة أحادية أطلقت خلالها نحو 270 مختطفا (وليس أسرى أو مقاتلين) من المدنيين في معتقلاتها، ثم سخرت أدواتها الإعلامية للتسويق لهذا الإجراء الأحادي بصفته رسالة على مصداقية الجماعة ورغبتها لتنفيذ الاتفاق وإلقاء اللوم على الحكومة الشرعية.

وحتى بعد نجاح رئيس البعثة الأممية في الحديدة الجنرال الهندي أبيجهيت غوها في تنفيذ نشر خمس نقاط مشتركة لمراقبة وقف إطلاق النار، لم يرق للجماعة البناء على هذا التقدم المشترك فذهبت من اليوم التالي في استحداث مواقع عسكرية قرب النقاط وحفر الخنادق قبل أن تلجأ أخيرا إلى شن هجمات واسعة على القوات المشتركة ومقر الفريق الحكومي في مدينة المخا، في سياق سعي الجماعة لإفشال التقدم الطفيف.

هذه الاستراتيجية الحوثية، بقدر ما تعتقد الجماعة أنها نجحت في منحها المزيد من الوقت، أثبت للمراقبين المحليين والدوليين النوايا الخفية التي تنطلق منها الجماعة لإطالة أمد الحرب والاستمرار في تجريف الهوية اليمنية في مناطق سيطرتها ابتداء من التعليم ثم الاقتصاد وصولا إلى مراتب متقدمة من عملية «حوثنة المجتمع» مع ما يعنيه ذلك من تثبيت أقدام الجماعة وترسيخها في الأجزاء الشمالية البلاد.

ولعل تصريحات قادة الجماعة الأخيرة تثبت من غير شك أنها ليست مستعدة للسلام ولا لتحقيق أي اتفاق شامل ينهي الانقلاب ويعيد المسار الانتقالي في اليمن إلى وضعه الطبيعي، فهي تعلن صراحة أنها ترضخ لقرار مجلس الأمن 2216 وأنها تتمسك بوقف العمليات العسكرية لتحالف دعم الشرعية وفتح الأجواء اليمنية والموانئ أمامها والاعتراف بها كسلطة أمر واقع والتسليم بشروطها هي وليس بشروط الشرعية أو المجتمع الدولي.

وفي هذا السياق صرح وزير دفاع الجماعة محمد العاطفي أمس(الخميس) مطلقا تهديدات جديدة تتناقض مع ما كانت الجماعة أعلنته من سعي للتهدئة الأحادية، حيث قال «إن الحرب الحقيقية» بين الجماعة وبين تحالف دعم الشرعية الذي تقوده السعودية لم تبدأ بعد.

ولم يقتصر التهديد فقط باستئناف الهجمات الإرهابية على الأعيان المدنية السعودية فقط، ولكنه شمل أيضا كما يفهم من تصريحات العاطفي التي نقلتها عنه الوسائل الرسمية للجماعة التهديد باستهداف الاقتصاد العالمي والأمن القومي الإقليمي، حيث لوح باستهداف الملاحة البحرية في البحر الأحمر زاعما أن الأمن القومي العالمي وخاصة في الجانب الاقتصادي مرهون بمنح جماعته أمنها الاقتصادي، مشيرا إلى «أن المصالح القومية الدولية وخاصة الاقتصادية ستتضرر أكثر مما يتصوره البعض» في حال استمرت العمليات العسكرية ضد جماعته.

تكتيك ومناورة
يصف الباحث السياسي اليمني الدكتور فارس البيل، ولع الجماعة بالإجراءات الأحادية بأنه «تكتيك ومناورة» ويقول الأكاديمي اليمني في حديثه لـ«الشرق الأوسط» «جماعة الحوثي لا تنتمي بالأساس لطبقة سياسية أو مستوى معرفي، فهي ليست صاحبة مران سياسي أو تاريخ تفاوضي، هي في مجملها نزوة عابرة، صنعتها ظروف ورغبات». ويعتقد الدكتور البيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة «لا تبحث في تحركاتها أو أفعالها عن أي قيم سياسية، أو تراعي تكتيكات مستقبلية، إنما تقفز إلى كل هذه التصرفات بشكل آني، باعتباره تكتيك مراوغة وبحثا عن مساحة للمناورة وتمديد حالة الفوضى، وفقا لما تمليه عليها أجندات المشروع الإيراني».

ويصل البيل إلى نتيجة مفادها أنه «لا يمكن الحكم على إجراءات الحوثي الأحادية باعتبارها نوعا من السلوك، بقدر ما هي نوع من المراوغة والممارسة الفوضوية لمهمة محدودة تقوم بها، ومصلحتها في كل ذلك إطالة أمد عمرها وسيطرتها وعبثها».

ويعتقد الكاتب البيل أن «هذه المناورات التي تجريها ميليشيات الحوثي نجحت في تمديد حالة اللاسلم وصبت في مصلحة بقائها حربيا ومنحتها ميليشيا مساحة زمنية كبيرة».

ويستشهد البيل بتعطيل الجماعة اتفاق «استوكهولم» حيث كانت مدته ثلاثة أسابيع للتنفيذ، في حين اقترب العام من اكتماله دون إنجاز أي شيء «بفضل هذه الإجراءات والمراوغات التي تجريها، وكأنها تنقل المجتمع الدولي والأمم المتحدة من مربع إلى مربع آخر، وتجعلهما في حالة توهان كبيرة تمنحها تحللا من الالتزامات وبقاءً أطول».

أما عن الداخل اليمني، من كل ذلك، فيرى الدكتور البيل أن الداخل «يعتبر نفسه في حالة اختطاف في يد الميليشيات وبالتأكيد يتطلع للخلاص، لكنه يرى الأفق شبه مسدود، فحالة مواجهة الحوثي بطيئة ومترددة وضعيفة، مما يمنح الجماعة سطوة أكبر».

ويجزم الكاتب فارس البيل «أنه تكاد تنعدم القوى المناوئة للحوثي بشكل منظم في الداخل الذي تسيطر عليه الجماعة، وأن الجميع في حالة استسلام وشتات، بانتظار أن يكون هناك تحرك كبير من خارج سيطرة الميليشيات لإنقاذ المجتمع من القبضة الحوثية التي لا تسمح له حتى بالتعبير عن تذمره وتبرمه من سلوكيات الجماعة».

تجزئة القضايا التفاوضية
يرى رئيس مركز فنار لبحوث السياسات الكاتب اليمني عزت مصطفى أن الحوثيين اعتمدوا «استراتيجية فصل القضايا التفاوضية عن بعضها ومن ثم تجزئة كل قضية إلى قضايا صغيرة».


وهذا بدوره - وفق ما يقول مصطفى لـ«الشرق الأوسط» «أبعد النقاشات التفاوضية معهم برعاية الأمم المتحدة من القضية الرئيسية المتمثلة بالانقلاب على الدولة والشرعية الدستورية إلى قضايا خلافية صغيرة متعلقة بالترتيبات الأمنية والعسكرية والسياسية التي يراوغ الحوثيون في الوصول إلى تفاهمات بشأنها بعد أن استطاعوا أن يدخلوا القضية الرئيسية إلى مشرحة التجزيء، وهذا قد يؤدي إلى مزيد من التجزيء للقضايا الثانوية ذاتها».

ويقدر الباحث والكاتب عزت مصطفى «أن هزيمة الحوثية كجماعة إرهابية مرهونة بمعرفة أولوياتها وطريقة تفكيرها، إذ إن الاستراتيجية الحوثية تحاول تحقيق الأهداف النفعية الضيقة بها كجماعة غير آبهة بالمأساة الإنسانية أو استمرار الحرب من توقفها وتستثمر رغبة الأطراف المناهضة لها وطنياً وإقليمياً في الوصول إلى سلام دائم لتعزيز موقفها؛ وتستغل الحرص على استقرار اليمن للحفاظ على مكاسبها كجماعة مزعزعة للأمن والاستقرار».

وكمثال على هذا التجزيء الذي دفعت إليه الأمم المتحدة - يستدل مصطفى - بالنظر إلى اتفاق استوكهولم بشأن الحديدة الذي قال إنه فصل الحديدة عن القضية الرئيسية ورغم ذلك وصلنا «إلى نتيجة أن الحوثية لا يمكن لها أن تلتزم بتنفيذ الاتفاق الجزئي هذا ونقلت قضية الانقلاب الكبرى إلى المطالبة بتنفيذ اتفاق استوكهولم». وفي قضايا أخرى - بحسب مصطفى - «نلاحظ الاستراتيجية الحوثية في إدارة ملف الأسرى؛ إذ تعتمد على عقد صفقات ثنائية مع الوحدات التي تقاتلها بعيداً عن ملف الأسرى والمعتقلين الذي يديره مكتب المبعوث الأممي وحدث تفاهمات بشأنه، فبدلاً من أن تضطر إلى إطلاق كافة الأسرى (الكل مقابل الكل) تعتمد الصفقات الصغيرة في جبهات القتال لإطلاق المقاتلين المنتمين سلالياً للجماعة مقابل عدد محدود من المقاتلين الأسرى لديها».

وهذا يعني - بحسب تعبيره - «أن آلاف الأسرى قد يدخلون في مصير مجهول كون الميليشيات الحوثية لن تكون آبهة بإطلاقهم بعد أن تضمن خروج كافة أسراها من السلاليين».

 وقد يهمك أيضا :  

استقالة محافظ ذي قار من منصبه عقب مقتل 32 عراقيًا

تطورات درامية شهدتها مدينة الناصرية وتفاصيل صادمة لإطلاق النيران على المحتجين

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ميليشيات الحوثي يتبع أكثر من تكتيك وأسلوب للمناورة للتملص من تنفيذ اتفاق ستوكهولم ميليشيات الحوثي يتبع أكثر من تكتيك وأسلوب للمناورة للتملص من تنفيذ اتفاق ستوكهولم



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:00 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجوزاء

GMT 16:57 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

المذيعة سماح عبد الرحمن تعلن عن عشقها للإعلام

GMT 14:49 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

ليفربول يواصل سلسلسة انتصاراته وأرقامه المميزة

GMT 06:05 2019 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

غارات إسرائيلية جوية على أهداف لـ"حماس" شمال غزة

GMT 14:56 2019 الأحد ,19 أيار / مايو

الترجي التونسي يخوض 60 مباراة في موسم واحد

GMT 19:41 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

مصرع سبعة أشخاص في تفجيرين قرب القصر الرئاسي في الصومال

GMT 06:11 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

كتاب يكشف طقوس تساعد الإنسان على السعادة والاسترخاء

GMT 10:04 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

ألوان مميزة تعزّز ديكور منزلك في صيف 2018

GMT 02:11 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

مهندس يعيد بناء كوخ بعد أن دمره تمامًا

GMT 12:15 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سعر الدولار الأميركى مقابل دينار جزائري الإثنين

GMT 12:30 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

حسن أوغني يعود لتدريب فريق النادي القنيطري

GMT 03:41 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

فيلم "the shape of water" يقترب من حصد جوائز النقاد في 2018

GMT 00:42 2016 الثلاثاء ,12 تموز / يوليو

اكتشفي أسباب عدم بكاء الطفل حديث الولادة

GMT 04:18 2017 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الملابس الصوفية عنوان المرأة العصرية لموضة هذا الشتاء

GMT 17:48 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

طوني ورد يطلق تشكية La Mariée الحصرية لفساتين الزفاف

GMT 11:22 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

سمو أمير الكويت والرئيس العراقي يعقدان جلسة مباحثات رسيمة

GMT 00:38 2016 الأحد ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد الميرمية وطرق استخدامها

GMT 06:43 2014 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

سحب منخفضة خلال النهارفي أنحاء المملكة المغربية

GMT 19:23 2016 الأحد ,17 إبريل / نيسان

8 فوائد لقشر المانجو مذهلة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya