واحة تغمرت تعتبر منتجعًا طبيعيًا في جنوب المغرب
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

معرّضة لخطر "إعصار" المدِّ العمرانيّ

واحة "تغمرت" تعتبر منتجعًا طبيعيًا في جنوب المغرب

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - واحة

واحة "تغمرت" في جنوب المغرب
العيون ـ هشام المدراوي

أصبحت واحة "تغمرت"، التي تعدُّ إحدى أهم الواحات المغربية وأكبرها على الإطلاق، معرضة لخطر "إعصار" المد العمراني، الذي بدأ يزحف إليها تدريجيًا.
وتبعد واحة "تغمرت" حوالي 12 كلم جنوب شرقي مدينة كلميم المغربية حاضرة وادي نون، وتدخل ضمن النفوذ الترابي للجماعة القروية "أسرير".
وتستهوي الواحة زائرها، بما تملكه من تاريخ ضارب في القدم، كثيراً ما تحدثت عنه المصادر التاريخية وتم تداوله على نطاق واسع من خلال ما جادت به الذاكرة المحلية، بشأن نمط عيش السكان، والعادات والتقاليد المختلفة.
ولم تق كل تلك المؤهلات التي تزخر بها المنطقة، من شر التخبط في مشاكل لا حصر لها، في مقدمتها تعالي خطر الزحف الإسمنتي، الذي صار يهدّد مقوماتها الثقافية والحضارية، مع تواصل تنامي المدّ العمراني.
وعلى طول 12 كيلومترًا في الاتجاه إلى الجنوب الشرقي لمحافظة كلميم، نادرًا ما تصادف سيارة تسلك معابرها، لا لشيء سوى لغياب وسيلة نقل قارة، يمكن الاعتماد عليها، إلا عددًا محدودًا من سيارات الأجرة، التي لا تشتغل على هذا الخط إلى نادرًا.
الكل هنا يتحمل مسؤوليته في ما آلت إليه أوضاع هذا المنتجع السياحي، الذي كان بالإمكان تحويله إلى أكبر منتجع في شمال أفريقيا بمواصفات دولية، لولا تقاعس المسؤولين، الذين لم يولوا أيّ اهتمام بهذه المنطقة الطبيعية الرائعة، إذ أنَّ الغريب في الأمر أنّه حتى المبادرات القليلة التي تم تسجيلها في هذا الإطار صدرت من طرف مجموعة من الأجانب، لاسيما الفرنسيون منهم، الذين اعتمدوا على إمكاناتهم الذاتية من أجل التعريف بالمنطقة في بلدان أوروبيّة عديدة.
ويبقى متحف القصبة في "تغمرت" من أهم متاحف الجنوب المغربي، الذي يتم تسيره بفضل إمكانات خاصة لأصحابه، الذين أسسوه في سبعينات القرن الماضي، من خلال مبادرة شخصية منهم، بعد أن دفعهم حبهم للمنطقة وحرصهم الشديد على الحفاظ على مورثها الثقافي وتراثها إلى تجميع مجموعة من الأدوات المحلية الخاصة، وعرضها على أنظار السياح والباحثين والزوار القاصدين للمنطقة، حتى تحول هذا المتحف، إلى مرجع لدى الكثيرين، سوءًا كانوا مغاربة أم أجانب، من أجل التعرف عن قرب على مقومات الحياة في المنطقة برمتها، والتي تختلف عن بقية المقومات في المناطق الأخرى، نظرًا إلى الخصوصيات الجغرافية والمناخية التي تحكمت كثيرًا في سيرها العام.
والزائر لمتحف القصبة يشعر وكأنما تدور به عجلة الزمن إلى الوراء، حيث أنَّ مدخل القصبة لا يعكس بشكل جلي براعة متجذرة في البناء التقليدي من خلال التناسق الكبير بين مكونات هذا المدخل، حيث يتمركز في أقصى اليمين قسم خاص بكل الأدوات القديمة، التي كان يستعملها إنسان المنطقة في قضاء حاجيته المختلفة، والتي تعكس روح الاختراع لديه، حيث أن غالبيتها مصنوعة بمواد بسيطة للغاية لكنها كانت تؤدي أدوارًا جليلة على المستوى المعيشي للسكان، الذين كانوا يعتمدون كثيرًا على الزراعة وتربية الماشية.
وفي قلب المتحف تستقطبك مجموعة من اللوحات الفنية المتميزة التي تعكس الطرق المعيشية للسكان، وكذا جوانب متعددة من الحضارة المحلية، وفي أقصى اليمين نصبت خيمة تقليدية، يتم من خلالها توزيع أكواب الشاي المحلي على زوار المتحف، الذين يبهرون بما جادت به عبقرية الصانع المحلي، من أدوات ولواحات فنية بديعة.
ويتهافت عموم السياح إلى التقاط صور تذكارية لهم في مختلف أرجاء متحف القصبة، وإذا كان هذا المتحف يسير وفق مجهودات شخصية فإن المسؤولين بدورهم مطالبين أيضًا بالمساهمة في تسيير هذه المعلمة التي صارت حديث العامة والخاصة، والتي يتطلب الرقي بها تضافر الجميع من سكان ومسؤولين، لأن ذلك سيكون في صالح قطاع السياحة والتنمية في المنطقة برمتها.
وبسبب جشع بعض من المقاولين، الذين وضعوا عينهم على المنطقة وبدؤوا في اقتناص مساحات ليست بالهينة من أراضيها بأثمان جد رمزية، مستغلين الضعف المعيشي لسكانها، وبساطة تأهيلهم التعليمي، باتت الواحة مهدّدة بالزوال.
وعلى الرغم من المبادرات المحتشمة التي تم إطلاقها في هذا الصدد للحفاظ على الواحة، من قبيل برنامج حماية وتنمية واحات الجنوب المغربي، الذي تم إطلاقه خلال عام 2006، من طرف مجموعة من الشركاء، تتقدمهم وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في أقاليم الجنوب، بشراكة مع برنامج الأمم المتحدة للتنمية وولاية جهة كلميم - السمارة، ومركز تنمية المناطق الجافة بدعم من الحكومة الفنلندية، الذي كان من أبرز أهدافه حماية وتثمين تراث الواحات، وتنشيط الاقتصاد المحلي، ومحاربة الفقر، والنهوض بوضعية النساء، إضافة إلى إنعاش مهارات الصناعة التقليدية المحلية وإعادة بناء هوية الساكنة المحلية.
وكان المرتكز المحوري لهذا البرنامج الاعتماد على مقاربة "السياحة التضامنية"، لضمان الحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي لهذه الواحات، من خلال مواكبة ودعم الجماعات والجمعيات الهادفة، وحاملي المشاريع المتميزة، التي تروم النهوض بالمنطقة على جميع الأصعدة والمستويات، سيّما وأنَّ الواحة قد شهدت خلال المدة الأخيرة هجرة غير مسبوقة لأبنائها، الذين انساقوا وراء هم تغيير وضعيتهم المزرية، لاسيما مع الركود الكبير لعدد من الأنشطة، التي تعتبر المرتكز الأساس للسكان من قبيل تربية المواشي ونشاط الزراعة، حيث انعدمت المبادرات الواقعية التي كان بالإمكان أن تجعل من قطاع السياحة المحرك الأساس لبقية القطاعات الأخرى في المنطقة، الشيء الذي كانت سيحمل العديد من الانعكاسات الإيجابية على أبناء المنطقة، إذ سيمكنهم ذلك من الاستقرار وعدم الانسياق وراء الرغبة في الهجرة نحو المدن المغربية الأخرى، وكذلك البلدان الأوروبية أملاً في مستقبل أفضل لهم ولذويهم.

 

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واحة تغمرت تعتبر منتجعًا طبيعيًا في جنوب المغرب واحة تغمرت تعتبر منتجعًا طبيعيًا في جنوب المغرب



GMT 17:10 2020 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

إعادة تشغيل مطار سبها الدولي للرحلات الداخلية والخارجية

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 16:10 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

جان دارك يمثل مصر في مهرجان الشتات الإفريقي بنيويورك

GMT 11:57 2019 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

المنتخب المغربي للفروسية يشارك في الدوري الملكي

GMT 21:58 2019 الخميس ,07 شباط / فبراير

فيديو فاضح لـ "أدومة" يثير غضب المغاربة

GMT 11:00 2019 السبت ,02 شباط / فبراير

مدرب ليفربول السابق يحذر من سيناريو 2014

GMT 11:08 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

أفكار ديكور مميزة لاختيار باركيه المنازل لموسم 2019

GMT 02:11 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

قائمة تضم أفضل عشرة مطاعم على مستوى العالم

GMT 09:06 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

تطورات مثيرة في قضية صفع شرطي لقاض في سيدي سليمان

GMT 23:16 2018 الجمعة ,21 أيلول / سبتمبر

أستاذ يفارق الحياة داخل الفصل في الناظور
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya