لم تعد مدينة مراكش تقتصر فقط على لقب الوجهة المفضلة لسياحة المنتجعات الصحية والسياحة الطبيعية والتاريخية، بل تجاوزت هذا الحد لتصل إلى تحقيق لقب قبلة السياحة الجنسية التي أصبحت من أكبر الظواهر الخطيرة التي تهدد بيئة المجتمع المراكشي وتشكل خطرًا محدقًا بساكنته وأفراده، لاسيما بعد الانتشار الكبير الذي باتت عليه، لتكون بذلك المهنة التي تمارسها الفتيات من مختلف الأعمار لاسيما القاصرات، ليس فقط من مراكش وضواحيها أو من مختلف المدن المغربية بل حتى من مختلف الدول العربية حيث أصبحن ينزحن صوب مراكش.
ويكفي زيارة الشوارع الراقية في المدينة، أو بعض الأحياء، لتسمع خليطًا من اللهجات العربية، وشابات جميلات فهناك المصرية والسورية واللبنانية والتونسية بالإضافة إلى المغربية، وذلك لامتهان هذه الحرفة التي أصبحت بشكل لا يمكن حصره، لاسيما بعد أن أصبحت مراكش قبلة لعشاق المتعة الجنسية من دول أوروبا والخليج والدول العربية ومن مختلف الأعمار، لاسيما كبار السن والعجائز الذين تتعدى أعمارهم الخمسين عامًا.
إذ تراهم يختارون المدينة الحمراء حيث يجدون ضالتهم الجنسية مقابل تحقيق ضالة مالية لكل من تقدم على منح جسدها لا يهم لمن ولا كيف المهم هو المقابل المادي الذي ستحصل عليه، رغم أنَّ القانون المغربي واضح في هذا الخصوص حيث أنَّ المادة 498 من القانون الجنائي جاء فيها (يعاقب بالحبس من سنة إلى 5 سنوات وبالغرامة من 5 آلاف درهم، إلى 10 ألف درهم،ما لم يكن فعله جريمة أشد كل من ارتكب عمدا أحد الأفعال التالية: أعان أو ساعد أو حمى ممارسة البغاء أو جلب الأشخاص للبغاء وذلك بأي وسيلة كانت، مارس الوساطة بأي صفة كانت، بين من يتعاطى البغاء، أو الدعارة، وبين من يستغل بغاء الغير أو دعارته أو يؤدي مقابلا عن ذلك).
وللبحث في هذه الظاهرة ومعرفة أسبابها ونتائجها على الفرد والمجتمع؛ أجرى "المغرب اليوم" هذا التحقيق، بشأن السياحة الجنسية في هذه المدينة التي ذاع صيتها حول سحرها وجمالها الفاتن والتي تجد فيها كل شيء وفي أي وقت.
فتيات بائعات هوى يسرن في الشارع بتغنج وليونة يعتبرنها سلاحهن الذي يصطدن به الزبائن، أجساد بيضاء وناعمة شبه عارية دون إعارة اهتمام للطقس البارد مستعدات لفعل أي شيء مقابل إبراز جمالهن ومعالم أجسادهن المثيرة لاستقطاب الزبناء لا يهم العمر ولا الشكل المهم هو القدرة على دفع أكبر مبلغ.
كشفت كلثوم (24) سر امتهانها الدعارة ودخولها عالم السياحة الجنسية، مضيفةً "كنت أدرس في الثالثة إعدادي عندما تعرضت للاغتصاب وفض بكارتي من ابن الجيران الذي سجن بعد أن اغتصبني، لكن ذلك لم يغير شيء فقد تغيرت حياتي منذ ذلك اليوم حيث أصبحت منبوذة من طرف الكل وجدت نفسي وحيدة لا يرغب أحد في الارتباط بي لاسيما أن قصة اغتصابي شاعت بين الكل".
وأضافت إلى "المغرب اليوم" "هنا قررت الخروج من المنزل وأنا عازمة على دخول هذا المجال الذي لم أكن أعرف كيف ولا متى دخلته، فقط توجهت إلى منزل إحدى صديقاتي حيث غيرت ثيابي وتزينت واتجهت إلى أحد المطاعم حيث يكثر السياح الراغبين والباحثين عن المتعة الجنسية، لأجد نفسي بين أحضان أحدهم لم أعد أتذكر حتى ملامح وجهه فقط أتذكر أنه عجوز هرم، ولم اهتم لذلك فقط ما كنت أطمح إليه هو حصولي على مبلغ مالي، وبالفعل حققت رغبتي وأنا الآن أعيش في شقة فاخرة في أحد الشوارع الراقية في المدينة رفقة صديقتين يمتهن أيضًا نفس الحرفة، نأكل أفخم الأطعمة ونلبس أغلى الملابس ونسهر في أماكن فاخرة لا يدخلها إلا فاحشي الثراء، نحصد أموالًا تكفينا وتزيد وبصراحة هذا يكفيني لأعيش حياتي كما أريد".
وتابعت "لا يهم إن كنت راضية أم لا المهم أني سعيدة وأعيش اللحظة كما هي أقدم شيئًا وأحصل على المقابل".
وتحدثت نورة (21) عامًا، طالبة في أحد المعاهد الخاصة للعلوم البصرية، عن قصة دخولها إلى عالم الدعارة، مضيفةً "أنا انتمي إلى مدينة الصويرة وقد دخلت حياة الدعارة بعد أن أغرتني المدينة برفاهيتها وذلك حينما قصدتها من أجل إكمال دراستي بعد حصولي على شهادة البكالوريا، لأجد أمامي صعوبة الحياة وقسوة الانتقال من المكان الذي أقطن فيه رفقة مجموعة من الطالبات إلى معهد التكوين، لاسيما أني لم أتعود على قطع مسافات كبيرة في مدينتي إذ هي من المدن الصغرى ولا تحتاج إلى اعتماد وسائل النقل، هذا بالإضافة إلى الكثير من الصعوبات التي واجهتني عند وصولي إلى المدينة أولها عدم تحقيق رغبتي في دراسة ما أريد بل قبلت بما يوجد كون التخصص الذي كنت ارغب فيه لم أتمكن من تحقيقه لعدم حصولي على علامة كافية في البكالوريا، كما بصراحة أنا نفسي ضعيفة جدا أمام المال، فقد كنت أتحسر على نفسي عندما أمر أمام المحلات الفاخرة وأشاهد ما فيها من ثياب وأحذية وغيرها من الأمور المغرية".
وأضافت في حديث إلى "المغرب اليوم" "دخلت عالم السياحة الجنسية بعد أن فكرت في الموضوع مرارًا وتكرارًا لاسيما أني حاولت أن أعمل بدوام جزئي، ولم أنجح في ذلك، امتهنت هذه الحرفة بمساعدة إحداهن، حيث تعرفت على أجنبي من جنسية خليجية ورافقته إلى إقامته الخاصة في منطقة النخيل وقضينا ليلة حصلت فيها على مبلغ كبير جدًا كوني عذراء".
وأوضحت "عشت فترة عصيبة في البداية لأني خسرت أكثر ما يجعل الفتاة معززة أمام نفسها وأمام الآخرين، لكن تعودت فيما بعد وأصبحت أخرج رفقة أجانب من مختلف الجنسيات لاسيما العجائز الذين تتراوح أعمارهم بين (56) و(70) عامًا وذلك راجع لكونهم يبذرون المال الكثير فقط من أجل المتعة ومن أجل أن ترافقهم فتاة صغيرة وجميلة".
وتابعت "حصلت على كل شيء من خلال هذه المهنة؛ دخلت معهدًا للعلوم البصرية وأدفع تكاليف دراستي، امتلك سيارة فخمة وكل وسائل المتعة والرفاهية، غيرت مسكني وأقطن في مكان مميز، حققت ما أرغب فيه"، مستطردة "لكن دومًا أفكر في عائلتي التي وثقت بي وخنت تلك الثقة، لست نادمة وحتى إن ندمت فقد فات الأوان على ذلك".
وأوضحت السعدية (28) عامًا "تزوجت وعمري لم يتجاوز 19 عامَا، وكان زوجي يكبرني بواحد وعشرين عامًا، يعمل في إيطاليا وعاد إلى المغرب واستقر بعد زواجنا بسنة تقريبا، إلا أنَّه كان عصبيًا وشديد الغضب من أبسط الأمور كنت أتعرض منه للعنف الشديد سواء الجسدي أو الجنسي واللفظي، قضينا 3 سنوات من الزواج رزقنا فيها بطفلين إلا أن الحياة تزداد سوء بيننا كونه كان سكيرًا ويبذر كل أمواله في الخمور، لا يهتم ببيته ولا الأولاد، الشيء الذي جعلني أعمل خادمة في البيوت، إلا أن الأمر ازداد سوء إذ كان يعنفني ويأخذ مني كل ما اجنيه ليخرج إلى تبذيره في الخمر ثم يعود ليلا في حالة سكر طافح وهكذا كل يوم، وكنت أطلب منه الطلاق عدة مرات إلا أنَّه كان يرفض".
وتابعت السعدية في حديث إلى "المغرب اليوم" "مرة وأنا أنظف إحدى الفلل في منطقة تبعد عن مراكش بحوالي 20 كلم، والتي كان يقيم فيها عجوز يبلغ حوالي (74) عامًا من جنسية بلجيكية، تلقيت عرضًا من مديرة أعماله التي أخبرتني أنه معجب بي ويرغب في إقامة علاقة معي مقابل المبلغ الذي أحدده، رفضت في البداية وكنت أهم بالخروج إلا أنَّ مديرة أعماله أقنعتني لاسيما أنَّ العرض كان مغريا جدا في الظروف التي كنت أعيشها، وافقت واتيت في اليوم الموالي حيث وجدت العجوز وقد جهز المبلغ الذي طلبته منه، سلمته نفسي ومن هناك كانت بدايتي مع السياح الراغبين في المتعة الجنسية".
ومن جانبها؛ تقص لطيفة (17) عامًا، فتاة في غاية الجمال شقراء ذات قوام ممشوق أنيقة وفاتنة تفوح منها رائحة العطر على بعد خطوات، حكايتها، مضيفةً "كنت أسمع دومًا من زميلاتي في الصف أني جميلة وفاتنة، كما أنَّ أسرتي دومًا ما كانت تمدح جمالي".
وأضافت إلى "المغرب اليوم" وهي تنظر لمن حولها بنظرات صنعها تاريخ طويل من جراح الأيام على ما يبدو "أمارس الدعارة منذ سنتين مع مختلف الأعمار، إلا أني أفضل السياح العجائز الذين يدفعون الكثير دون تردد، وأقوم بهذا من أجل أن أعيش حياة أفضل، بعدما سئمت حياة الفقر وقلة الشيء، لذا لا ضرر في أن أكون حطب المتعة للآخرين لأحصل على ما أريد، فقد دخلت هذا العالم بعدما سمعت عبارة من إحدى السيدات التي وجدتني أجلس في مطعم شعبي رفقة مجموعة من الفتيات، حيث قالت استغلي جمالك ووجهك وجسدك في جني ثروات من المال دون تعب أو انتظار المستقبل الغامض، عبارة حفرت في ذهني وفكرت فيها كثيرا لأجد نفسي في تحد مع نفسي وفي النهاية دخلت عالم الدعارة الذي كسبت منه الكثير ومازلت أكسب، إلا أنَّه كان سببًا فقدت فيه علاقتي بعالم العائلة والأسرة".
قصص عديدة، وأسباب مختلفة، والنتيجة واحدة، وهي بزوغ معضلة اجتماعية تشاركت فيها فتيات من مختلف الأعمار، ساهمن بشكل أو بآخر في ارتفاع نسبة الدعارة والسياحة الجنسية في المدينة الحمراء، وهي واحدة من آلاف القصص التي تنسج كل يوم في هذه المدينة العالمية التي ذاع صيتها واشتهرت على مدى سنسن بساحاتها ومعالمها ومآثرها ومتاحفها التاريخية لتصبح الآن ساحة لممارسة السياحة الجنسية بكل أصنافها.
تستقطب ظاهرة السياحة الجنسية الفتيات القاصرات أكثر من غيرهن، لاسيما بعد أنَّ أصبحت لها شبكات متخصصة ومنظمة تقوم بفرز وعزل الفتيات وتنظيم الجلسات الليالي الحمراء واستقطاب السياح والاتفاق على المبالغ المالية مقابل تقديم خدمة المتعة الجنسية لكل من يرغب في ذلك، حيث لا تهم الجنسية ولا يهم العمر بل فقط ما يهم هو جيب مليء بالأوراق الزرقاء.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر