الجزائر ـ سميرة عوام
تحوّلت واحات "غوفي"، المتواجدة في قلب مدينة بسكرة، بوابة الصحراء، خلال فصل الصيف، إلى مكان للراحة والاستجمام وتلطيف الجو على الصائمين في رمضان، حيث أصبحت غابات النخيل التي تحيط بالقرية منتجعًا سياحيًا بامتياز، وأخذت المحلات التجارية تنبت على طول الطريق الرئيس، وبرع شبابها في فن النجارة، لاسيما النقش على الخشب والنحاس، وإبداع تحف تحافظ على أناقة النقش البربري القديم وهو ما يبتغيه السياح، وفي مقدّمتهم الأوربيون.
وتقع شرفات "غوفي" وسط ديكور طبيعي خلاب، حيث يشبهها خبراء المجال بمنطقة الكولورادو اللاتينيّة، لكن ديكور شرفات غوفي أكثر تنوعًا وجمالاً، حيث تمتد سلاسل صخرية في تموجات بديعة ترتفع من أسفل الوادي بعلو 60 مترًا، وقد حفرت العوامل الطبيعية أخاديدًا وبيوتًا حجرية بديعة في الصخر المتناظر على ضفتي الوادي، ما يعطي جمالاً للمنطقة، ويزيد من تلطيف الجو الحار خلال شهر رمضان.
وللتنويع السياحي بنى سكان "غوفي" قديمًا بيوتًا في تلك الأخاديد، التي لا تزال أثارها ماثلة للعيان إلى اليوم.
ويذكر شيوخ "غوفي" أنَّ أجدادهم القدامى بنوا تلك البيوت ليدخروا فيها المؤونة، ويحتموا فيها أثناء الحروب، وهي تشبه البيوت المعلقة في منطقة رمان، شمال مدينة بسكرة، وعلى بعد 35 كيلو مترًا عن غوفي، حيث يعتقد أن "ديهيا"، وتلقب عادة بالكاهنة، وهي ملكة البربر التي انهزمت أمام المسلمين الفاتحين بقيادة حسان بن النعمان، هي من بنت تلك البيوت المعلقة، ليحتمي بها جيشها عند الحاجة، وهي شبه مغارات في جبل صخري شاهق، ترتفع عن الأرض بأربعين مترًا.
وتشير بعض الدلائل إلى أنَّ القاطنين يصلونها بواسطة حبال وسلالم خشبية، ترفع بمجرد نزول من أو الصعود إلى البيوت الحجرية
وتتناسق البيوت الحجرية القديمة المنحوتة في الصخر المرتفع على ضفتي الوادي الأبيض مع الصخور التي شكّلت منها عوامل الطبيعة شرفات بديعة، يطل منها السائح أسفل الوادي، حيث أشجار الزيتون والنخيل والرمان.
أما الوادي الأبيض فيصب من أعالي جبل "شليا"، الذي تعلو قممه عمامة ثلجية ناصعة، طوال أيام الشتاء والربيع.
ويقطع هذا الوادي مسافة 70 كيلومترًا ليصل إلى "غوفي"، وعلى ضفتيه ترتفع هامات نخيل باسقة، وأشجار الرمان وغيرها من الفواكه.
وتقصد النساء هذا الوادي للغسيل، وهو ما سحر الرسامين الغربيين، الذين زاروا الجزائر في فترة الاستعمار الفرنسي، واستوحوا من ذلك لوحات فنية جميلة، لا تزال متاحف أوروبية عديدة تحتفظ ببعضها إلى اليوم.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر