الرباط ـ المغرب اليوم
ارتدت ملابسها المحلية المعتادة، وطوقت معصمها بمئزر صوفي مخطط بلوني الأبيض والأحمر(ويسمى في المنطقة المنديل) -وهو قطعة ضرورية من اللباس الجبلي الشمالي بالمغرب، تستعمله النساء للتدفئة والستر وحماية الملابس من التلف أثناء أداء الأشغال بالحقل أو المنزل- وتوسطت أبناءها الشباب وزوجاتهم ببهو منزل قروي لوضع برنامج عمل اليوم.في الستينيات من عمرها، تعتبر الخالة عائشة المشرفة الفعلية على دار الضيافة، بمعية أبنائها، "فالبيت بيتها" كما قال ابنها عبد الغني العزوزي الناشط في مجال السياحة القروية المستدامة بالمنطقة.
اقتسام السكن
تشرف الأم عائشة -رفقة عائلتها- على خدمات الإيواء من إعداد الطعام وتحضير الغرف، وتقدم خدمة متكاملة للزوار من داخل المغرب وخارجه بـ"دار لالا عائشة" في دوار بلوطة بإقليم وزان (شمال).بيت قروي يمتاز بمواصفات بيوت القرى المحلية "مصنوع من طوب الأرض "الموقدار" ومغطى بالزنك" بهندسة محلية تراثية بسيطة، تقتسمه اليوم الأم عائشة مع السياح الزائرين للمنطقة، تحتفظ بسكنها ويوميات معيشها وسطه.تحكي الأم عائشة للجزيرة نت عن صعوبات البداية، وكيف فتحت بيتها لفكرة أبنائها بالاستثمار في السياحة القروية، وقالت "اليوم الكل يعرف بلوطة ومن زارنا مرة يعود" مرة أخرى.يقدم البيت خدمات السياحة الجبلية والأيكولوجية بفضل موقعه الجغرافي، ويقدم خدمات الأكل الطبيعي "بيو" الذي تعمل الأم رفقة أفراد من عائلتها على طهيه وتقديمه، وقبل ذلك زرع الخضروات والنباتات العطرية التي تدخل في مكونات الطعام المقدم بحديقة البيت.
موروث ثقافي
عائلة الأم عائشة، واحدة من العائلات الكثيرة بقرى المغرب، التي تقتسم سكنها ونمط عيشها مع السياح، حيث ظهر جيل من السياح المحليين والأجانب يفضل اقتسام الموروث الثقافي للمناطق البعيدة، إذ تصبح تجربة الإقامة لدى أصحاب المنازل أفضل من الفنادق المصنفة.الجزيرة نت زارت عددا من هذه البيوت، بإقليم وزان وشفشاون والحسيمة، وقرى بالأطلس الكبير، منها بيوت مصنفة، ومنها ما يسمى بنمط "عند الساكن"، وهذه في الغالب ينسق فيها مشرفو الأسفار مع السكان المحليين.ورصدت الجزيرة نت كيف تختزن القرى المغربية موروثا ثقافيا في نمط العيش القديم والأزياء والأكل، وتقدم بالإضافة إلى ذلك مجالا جغرافيا متنوعا بين الجبال أو الصحاري، ما يجعلها ملاذا للكثير من السياح الباحثين عن الهدوء والراغبين في اقتسام نمط العيش القروي البسيط مع السكان المحليين.وتحقق البيوت القروية الضيافة المغربية، وتعتمد على طابعها الأصيل مما يجعل قضاء ليلة أو عدة ليال بمساكن مماثلة تجربة لا تنسى.
تنمية محلية
تفضل منظِّمة الرحلات حورية الجاديري في تنقلاتها المستمرة للأماكن البعيدة، الإقامة عند السكان سواء في رحلة منظمة أو قوافل طبية وتوعية، وتقول الجاديري للجزيرة نت، إنها تفضل منح مقابل أكل ومبيت لمجموعاتها من هواة الأسفار للسكان المحليين.تقول الجاديري إن سكان المداشر (القرى) يجتمعون في بيت واحد لإعداد الطعام لزوار الرحلات المنظمة، ويكون المشرف على الرحلة قد حدد معهم سلفا عدد الزوار، وغالبا ما يكون الأكل المقدم محليا تمتاز به المنطقة. وبخصوص المبيت يقسم الزوار إلى مجموعات وبيوت، وكل بيت يستفيد بعائد مالي.وفي بعض القرى البعيدة، تطوع مهندسون لبناء غرف إضافية لبعض السكان، يخصصونها فقط لاستقبال السياح، تحافظ على الطابع المحلي في البناء، وتوفر مورد دخل للسكان المحليين مقابل حرصهم على ضمان شروط استقبال جيدة.تؤكد الجاديري أن هواة الأسفار يحبون البيوت بطابعها المحلي وفراشها التقليدي، ويحبون خوض تجربة نمط العيش كما هي بواقعية وعن قرب.
إمكانات غير مثمنة
يعد القطاع السياحي القروي اليوم مجالا أساسيا يسهم في خلق الثروة وفرص العمل، كما يعد مدخلا لإدماج أكبر للمناطق البعيدة في المحيط الاجتماعي والاقتصادي.وبهـدف تطويـر السـياحة القروية، أولـى المغرب أهميـة بالغـة لهـذا القطـاع، حيث تهدف رؤيــة 2020 - وهي إستراتيجية حكومية- إلــى تثمين الموارد الطبيعيـة والقروية، من خلال الحفاظ عليها وضمان احتــرام الأصالة الاجتماعيــة والثقافية لمجموعات الاســتقبال بتمكينهــا مــن امتيــازات تثمــن المــوارد الطبيعيــة والمجالية.غير أن دراسة كان قد أصدرها المجلس الاقتصادي والاجتماعي (مؤسسة استشارية رسمية) تقول إن قطاع السياحة القروية بالمغرب يزخر بإمكانات هائلة، لم تحظ بالتثمين الكافي.وتقول الدراسة إن هـذا النمط من السـياحة غيـر مستغل بما يكفـي، حيـث إن عدد السياح لا يزال محدودا، ورصدت الدراسة مجموعة من النواقص منها غيـاب أقطاب تنافسية، وضعف الدعاية والإعلان وتنظيم الفاعلين.. فهل يكون انخراط السكان المحليين بفاعلية وبوعي في الفعل السياحي عبر اقتسام دور السكن ونمط العيش مدخلا لمزيد من تطوير القطاع.
وقد يهمك أيضا" :
أبوظبي-تفوز-بجائزة-أفضل-وجهة-سياحية-في-الشرق-الأوسط
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر