نهر بردى كلمة السر في قيام الحياة قديمًا في مدينة دمشق
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

أحد الأسباب في اتساع الأراضي الزراعية وتنوع المحاصيل

نهر "بردى" كلمة السر في قيام الحياة قديمًا في مدينة دمشق

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - نهر

نهر بردى
دمشق - المغرب اليوم

كان لنهر "بردى" بمدينة دمشق، الدور الأكبر في قيام هذه المدينة، وذلك بتوفير المياه اللازمة للإنسان، فضلًا عن حاجات الحيوان والنبات، نتيجة وجود نظام فريد من نوعه يلبّي جميع الاحتياجات للمدينة وغوطتيها.

وقد توارث الدماشقة هذا النظام منذ أيام الآراميين، فلما كان العصر الأموي تعاظمت تلك الجهود، نتيجة لاتساع الأراضي الزراعية، وتعدد المرافق التي تحتاج إلى المياه، بحيث شملت الحمامات والمساجد والحدائق فضلًا عن متطلبات الإنسان، والحيوان، وقد تمثل ذلك بحفر الأنفاق وشق الأقنية وجرّ المياه إلى كل مرفق وإلى كل ذرة تراب، تحتاج إلى الماء، حتى إن من الممكن القول إن نهر بردى بمنزلة الرئة لمدينة دمشق.

ينبع نهر بردى من واد ضيق بالسفوح الشرقية لجبال لبنان الشرقية، وترفده مياه ينابيع عين الفيجة، بعد مروره بسهل الزبداني، ولم يكن النهر قادرًا على تجاوز الشريط الضيق من الخضرة للأراضي المجاورة لمجراه، لولا قيام الإنسان منذ العصر الآرامي بجعل مياه بردى قادرة على الوصول بعيدًا عن مجراه الأمر الذي نجم عنه اتساع الأراضي الزراعية، وتنوع المحاصيل الزراعية.

أقرأ أيضا :

 دمشق تؤكد أن العدوان الإسرائيلي هدفه إطالة أمد الحرب التي تتعرض لها سوريا

وقد اشتقت من نهر بردى القنوات أو الفروع التالية:

يزيد وثورا والمزاوي والداراني وبانياس وقنوات، ومن هذه القنوات ما كان على يمين مجرى نهر بردى، ومنها ما كان على يساره.

فقد اشتقت قناة يزيد على يسار نهر بردى بالقرب من بلدة الهامة، وهي تعود إلى العهد الروماني، وقد تطورت واتسعت زمن خلافة يزيد بن معاوية فسميت باسمه، ومجرى هذه القناة مرفوعا بنواعير لتوفير المياه للأراضي التي ترتفع فوق مستوى مياه قناة يزيد، فكان مجرى هذه القناة بسفح قاسيون حتى محلّة الربوة ثم يغيب هذا المجرى بأنفاق، بحيث يمكنها تقديم المياه لمنطقة المهاجرين والمالكي وشارع بغداد والعفيف والصالحية.

وتشتق قناة ثورا أيضًا عن يسار مجرى نهر بردى، وهي تعود إلى العهد الآرامي، وهي تشترك مع مياه قناة يزيد بتوفير المياه اللازمة لسفح جبل قاسيون والمهاجرين والصالحية والحواكير وأبو رمانة والشعلان، كما توفر المياه إلى منطقة ركن الدين وشارع بغداد، وسوق ساروجة والعمارة والقصاع والتجارة.

وبالانتقال إلى القنوات التي اشتقت عن يمين مجرى نهر بردى نجد أن قناة المزاوي والداراني وبانياس وقنوات، فتروي مياه قناة المزاوي أراضي المزة، ويكون مجرى مياه هذه القناة مكشوفًا، ثم يختفي عن الأنظار، إلا أن فتحات أو ضوايات تساعد على كري القناة أو تعزيلها، وهكذا فإن مياه هذه القناة تخترق أراضي المزة، مكونة الحد الفاصل بين الأراضي المروية عن يمين مياه هذه القناة، والأراضي غير المروية عن يسارها.

أما قناة الداراني، فتنسب إلى داريا، وقد اشتقت عن يمين نهر بردى بالقرب من موقع الشادروان، وبعد أن تشكل أنفاقًا تتوجه إلى أراضي كفرسوسة وداريا، وباب السريجة والفحامة وصولًا إلى أراضي حي الميدان.

وتعتبر قناة بانياس أحد الشرايين المهمة التي تزوّد مدينة دمشق ومرافقها بالمياه، وهي تتفرع من مياه نهر بردى عند مخرجه من خانق الربوة، فتأخذ مجراها مسايرة المناطق المطلة على جبل المزة، ثم تنحدر إلى أسفل جامعة دمشق لتتوجه إلى منطقة التكية السليمانية وجامع تنكز وشارع رامي فسوق العتيق، حيث تختلط مياهها مع مياه قناة ثورا.

أما ما بقي من مياه قناة بانياس، فيتجه نحو السنجقدار والحريقة (سيدي عامود) والسروجية وقلعة دمشق فالشاغور، كما يتجه قسم من مياه هذه القناة نحو منطقة السبع طوالع والبحرة الدفاقة والمسكية والجامع الأموي والنقاشات والنوفرة والقيمرية.

وأخيرًا فإن من الممكن القول إن اشتقاق قناة القنوات يعود إلى العهد الروماني، وهي تتفرع عن مياه نهر بردى عند موقع الشادروان، ويشاهد المرء أن مجرى هذه القناة مكشوف خلال مسيرة مياهها بمدينة دمشق ولم تكن تختفي عن الأنظار إلا وسط حي القنوات وقد رفعت مياه قناة القنوات فوق قناطر، حتى يمكن إيصال مياهه إلى أكثر أنحاء مدينة دمشق القديمة ارتفاعًا، وذلك وفقًا لنظام يعرف باسم نظام الطوالع.

وقد حدثت تبدلات على تخديم مياه قناة قنوات بالعهد المملوكي والعثماني، فأصبحت المياه تغطي حاجات مدينة دمشق القديمة، وتمدها بالمياه اللازمة لدورها ومساجدها وحماماتها وبساتينها فضلًا عن مرافقها العامة، وذلك عبر شبكة تتماشى مع الطبيعة الجغرافية لدور دمشق وغوطتها على غاية من الدقة والتنظيم.

وقد جرى ذلك وفقًا لشبكة توزيع مياه محكمة، وهذه الشبكة تعود إلى العهد الآرامي ثم تطورت بالعهود اللاحقة، مع تطور احتياجات كل عصر من المياه، ولعل من الجدير بالذكر القول إن العرب نقلوا هذه الشبكة إلى الأندلس، وهي لا تزال قائمة إلى الآن بمنطقة إشبيلية بالأندلس.

وقد وجدت هذه الشبكة بوقت لم يكن الإنسان يستخدم القساطل المقاومة للضغط ولا وسائل التحويل والتكسير المعروفة بهذه الأيام.

قد يهمك أيضا :

الفنان السوري كمال بلان يفوز بجائزة في مسابقة غنيسينا

  الحكومة السورية تفتح "الممرات الإنسانية" وروسيا تروِّج لخروج اللاجئين من إدلب إلى طرطوس

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نهر بردى كلمة السر في قيام الحياة قديمًا في مدينة دمشق نهر بردى كلمة السر في قيام الحياة قديمًا في مدينة دمشق



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:46 2020 الإثنين ,23 آذار/ مارس

وظائف تزيين وتجميل في المغرب

GMT 08:15 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

تكناتين تنظم دوري الجمعيات لكرة القدم المصغرة

GMT 14:27 2018 الجمعة ,01 حزيران / يونيو

حريق هائل يلتهم 3 بواخر صينية في ميناء أغادير

GMT 02:51 2018 الجمعة ,27 إبريل / نيسان

تعرف على مواصفات لاب توب Dell Precision 5530 الجديد

GMT 20:32 2018 الإثنين ,19 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات إعداد علب تخزين الإكسسوارات

GMT 21:37 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

انتقاد شديد لشعار المغرب لحملة استضافة مونديال 2026

GMT 19:22 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

ماسك الصبار يساعد على تطويل الشعر والقضاء على القشرة

GMT 18:56 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

الأهلي يخطف كأس السوبر بعد الانتصار على المصري بهدف نظيف

GMT 15:21 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

بانون وبنشرقي يُبدّدان مخاوف مدرّب المنتخب المغربي

GMT 05:02 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

نصائح من أجل معالجة الهالات السوداء بعد مكياج رأس السنة

GMT 17:51 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس الموريتاني يجري مباحثات مع خالد مشعل
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya