القصر البديع في مراكش كنز لا يفنى ولا يقدر بثمن بفضل مآثره التاريخيّة
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

يشكل نموذجَا للتعرف على عمارة القصور خلال القرن 16 في المغرب

القصر البديع في مراكش كنز لا يفنى ولا يقدر بثمن بفضل مآثره التاريخيّة

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - القصر البديع في مراكش كنز لا يفنى ولا يقدر بثمن بفضل مآثره التاريخيّة

القصر البديع في مراكش
مراكش - ثورية ايشرم

تعتبر مدينة مراكش المغربيّة، من بين أجمل المدن العتيقة، وكسبت سمعة جيدة وشهرة عالميّة دفعتها إلى التربع على عرش السياحة المغربيّة، لتصبح الملاذ السياحي الأول لكل من يرغب في قضاء أجمل الأوقات بين أحضان الحاضر بتطوراته، والاستمتاع بالطبيعة الخلابة، والعيش في أحضان الماضي بتفاصيله والاستمتاع بمآثره التاريخية التي تعود بك إلى عبق زمن جميل.
ومن بين هذه المآثر الخالدة في العاصمة الحمراء يقع القصر البديع، اسم البديع، وهو من أسماء الله الحسنى، من جهة أخرى تعني تسمية القصر البديع باللهجة المغربية "قصر الخزف"، الأمر الذي قد يكون مرده لكسوات الجدران الغنيّة بالزليج التي زينت الصرح بكثرة، والذي يعتبر من منجزات الملك السعدي أحمد المنصور الذهبي عام 1578، وتزامن بناؤه مع انتصار المغرب على الجيش البرتغالي في معركة وادي المخازن. وحسب ما تشير إليه المصادر التاريخيّة إلى أن السلطان جلب لبنائه وزخرفته أمهر الصناع والمهندسين المغاربة والأجانب حتى أن بعض المؤرخين والجغرافيين القدامى اعتبروه من عجائب الدنيا.
ويقع القصر البديع في الجانب الشمالي الشرقي لمدينة مراكش، ويتميز التصميم العام للمعلمة بتوزيع متناسق للبنايات حول ساحة مستطيلة الشكل. يتوسطها صهريج كبير طوله 90 مترًا وعرضه 20 مترًا وأربعة صهاريج أخرى جانبية تتخللها أربع حدائق مميزة. وأهم ما يميز القصر البديع كثرة الزخارف وتنوع المواد المستعملة كالرخام والتيجان والأعمدة المكسوة بأوراق الذهب والزليج المتعدد الألوان والخشب المنقوش والمصبوغ والجبس.
واختار أحمد المنصور الزاوية الشرقية لبناء هذا القصر حتى يخصصه لإقامة الحفلات وتنظيم الاستقبالات الرسميّة، وقد انطلقت الأشغال به بعد كانون الأول/ديسمبر 1578، واستمرت دون انقطاع لمدة 16 عامًا. وبالرغم من أن القصر يوجد حاليًا في حالة خراب، إلا أنه مازال يتوفر على تصاميمه التاريخية التي تمكن من التعرف على هندسته ومكوناته المعمارية وزخارفه. وتشير هذه التصاميم إلى 1585، والتي تبين أنّ القصر محاط بسور مدعم في زواياه الأربعة بأبراج وأن الولوج إليه كان يتم عبر أبواب عدة تتواجد الرئيسية منها بالجهة الجنوبية الغربية. ويوجد القصر حول ساحة مركزية كبرى تتوسطها بركة مائية كبيرة تتوفر على نافـورة، وفي جنباتها روضتان مغروستان بالأشجار والزهور وصهاريج مائية ذات حجم أصغر، ووسط الضلعين الصغيرين للساحة يرتفع جناحان لم يتبق منهما إلا آثار واحد فقط، وهما ذوا تصميم مربع وكانا مغطيين بقبة يحملهما 12 عمودًا ضخمًا تذكرنا بتلك الحقبة الزمنية التي مازال أثارها محفورة في كل جانب من جوانب القصر، كما أنه يحتوي على أرضية مغطاة بالزليج تتخللها برك مائية صغيرة تغذيها قنوات، مما كان يساهم في تلطيف الجو داخل القصر.
وعلى الجنبات الطويلة للساحة تمتد أجنحة مستطيلة تنفتح بواسطة أقواس لم يتبقى منها إلا أطلالها والتي تتجلى في  قاعة الذهب، وقاعة البلور وقاعة الخيزران ، أما القاعة الخمسينية التي كانت تستعمل كقاعة للاستقبالات فلا زالت قائمة في الجهة الشرقية بالقرب من المدخل الرئيسي للقصر. إضافة إلى أن القصر البديع يتميز بعناصر تاريخية ذات زخارف من الرخام والجزع من شتى الألوان التي تغطي الأسقف والجدران والأرضية، إضافة إلى التيجان المذهبة والزليج المُتعدد  ويمكننا أنّ نتخيل حلة القصر البديع من خلال روائع الفن المعماري السعدي المتبقية في مراكش.
وبرغم الإهمال الذي عاشه القصر البديع وما أدى إلى دمار معظمه إلا أنه مازال يشكل نموذجًَا حيًا يمكننا من التعرف على عمارة القصور خلال القرن 16 في المغرب، فهو يحمل تأثيرات أجنبية تتجسد من خلال تصميمه الأندلسي الشكل، فالأجنحة المحورية مستوحاة من ساحة الأسود في غرناطة ونجدها أيضًا في صحن مسجد القرويين في فاس، والبركة المائية المستطيلة والكبيرة الحجم نجدها في ساحة الريحان، أما نظام البرك والقنوات المائية داخل القاعات فنجد مثيلاً لها في قصر الحمراء بغرناطة، ويفهم من هذا أنّ الفن الأندلسي في غرناطة ظل يمارس تأثيره على الفن المغربي خلال هذه الفترة بفضل هجرات المورسكيين الفارين من حروب الاسترداد المسيحية.
وحسب ما أكده به المؤرخ الإفراني لـ"مصر اليوم"  في فهم بعض مصادر التأثير الأخرى، حيث يذكر "أن المنصور الذهبي استقدم العمال والحرفيين من كل البلاد وحتى من أوروبا كما جلب الرخام من مدينة بيز من إيطاليا، وهي طرق وتقاليد شائعة في القرون الوسطى ببلاد الإسلام، وكان قصر البديع يتكون من 20 قبة، بالإضافة إلى العديد من المخازن والغرف المزخرفة رغم تعددها ومساجد الصلاة، هذا وقد احتل الزجاج مكانة خاصة في النفس المعماري بالمغرب السعدي وكان يستغل في الزخرفة".

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القصر البديع في مراكش كنز لا يفنى ولا يقدر بثمن بفضل مآثره التاريخيّة القصر البديع في مراكش كنز لا يفنى ولا يقدر بثمن بفضل مآثره التاريخيّة



GMT 17:10 2020 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

إعادة تشغيل مطار سبها الدولي للرحلات الداخلية والخارجية

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 12:09 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 12:01 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 17:49 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

GMT 19:23 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الدلو

GMT 19:31 2020 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

مناقشة رواية "غيوم فرنسية" في معرض الكتاب

GMT 04:30 2019 السبت ,26 كانون الثاني / يناير

باتاكي ترتدي بكيني أحمر متوهج وتتباهى بجسدها

GMT 06:55 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على كيفية معرفة الفرق بين الألماس الحقيقي والصناعي

GMT 02:40 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الأعمال الفنية الحديثة تخلو من الراقصة الممثلة الموهوبة

GMT 02:42 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

استكمال جمال سليمان ومنة فضالي وياسر فرج "أفراح إبليس2"

GMT 13:55 2016 الخميس ,15 أيلول / سبتمبر

استنفار أمني في زايو بعد العثور على فتاة مقيدة

GMT 23:33 2016 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة ريم مصطفى تنضم إلى فريق عمل "اللهم إني صائم"
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya