كلميم - صباح الفيلالي
تنقسم مدينة طانطان إلى جزأين، وهما: طانطان، المدينة المعروفة تاريخيًّا بمكانتها التجارية، والمدينة الساحلية الجديدة الوطية؛ فإن هذه الأخيرة استطاعت رغم حداثتها أن تسرق الأضواء طانطان القديمة، بمينائها المتخصص في الصيد البحري، والمساهم في إنعاش الاقتصاد الوطني.ويعتبر الطريق الوطنية رقم (1)، نقطة ربط بين طانطان والوطية؛ المدينة الشاطئية
، كما كان يطلق عليها سابقًا "أحداتث" في العام 1981، وتم ترقيتها إلى جماعة حضرية إبان التقسيم في العام 1992، وتقع جنوب غرب مدينة طانطان على بعد 23 كلم، يحدها شمالًا جماعة ابن خليل، وجنوبًا وشرقًا، جماعة الشبيكة، وغربًا المحيط الأطلسي، وتمتد على مساحة 20 كلم مربع على طول سهل منبسط، شبه جاف، ويتميز مناخها باعتداله في أغلب أشهر السنة، لاسيما في أيام الصيف، كما أن نسبة الأمطار بها ضعيفة.ويبلغ عدد سكان مدينة الوطية، حسب إحصاء العام 2004 ، ما يقرب من 7500 نسمة، ولكنها تتجاوز اليوم 10.000.00 نسمة، ويغلب عليها نسبة الشباب.ولأن انعدام التجهيزات والبنية التحتية يُشكِّل عائقًا في استقرار السكان ونمو المدينة؛ فإن المجلس الحالي وضع على عاتقه خلال فترته محاربة العجز في مستوى بنياتها التحتية من العام 2009 وحتى العام 2014، وذلك لتحسين مستوى معيشة السكان، واستقرارهم في وسط يعرف هجرات متتالية إليه، صاحبتها احتياجات كثيرة؛ فقام بإعادة تأهيل الطرق، وتوفير الماء الصالح للشرب، والكهرباء للإنارة، كما أنها تكلفت بإمكاناتها الذاتية بعدما رفضت جهات عدة بناء مؤسسات تابعة لها في المدينة لقلة سكانها، وبانجاز مشاريع أخرى ذات طابع صحي، وثقافي، ورياضي، وتعليمي في الدرجة الأولى.كما دخلت شركات أخرى مع كل من وكالة تنمية الأقاليم الجنوبية، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية؛ لإحداث مرافق أخرى، لا تقل أهمية عن سابقتها، ولأن ذلك لم يُمكِّن من تحقيق كل شيء، لأن مواردها محدودة في الصيد البحري، والضرائب على القيمة المضافة، وأمام ضخامة المتطلبات، والاحتياجات التي تفوق إمكاناتها، ما استلزم إمكانات مادية هائلة، لا يمكن لها وحدها أن توفرها لتسير بالبلدية نحو الأفضل؛ لتواجد أكبر ميناء بها، ومنطقة اقتصادية بامتياز، فأدت إلى توافد الكثير من الهجرات، خصوصًا من مدن مجاورة، تبحث عن الاستقرار، وأخرى عن العمل في الصيد البحري، والآتية من الدارالبيضاء، وأكادير، واسفي وغيرها.ورغم تضافر جهود بعض المتدخلين والشركاء لم تؤدى إلى النتيجة المرجوة؛ فإنه تم اللجوء إلى الدولة؛ بحثًا عن المساعدة، لكن هذه الأخيرة ممثلة في الحكومة السابقة، وبعد إعدادها لملف مستوفي لكل الاحتياجات التي تواجهها البلدية التي طلبت تمويل، فإنها لم تلق من هذه الأخيرة، أي جواب، لا بالإيجاب أو السلب، وهو ما دأب على طرحه رئيس المجلس البلدي للوطية، في لقاءات عدة؛ والذي أشار فيه المتدخلون إلى ضرورة التوزيع العادل للثروات، والموارد البشرية، والمادية، والخبرات، .. وليس بشكل انحيازي بين إقليم وأخروانطلق ميناء طانطان العام 1982 في الوطية، وتميز بكونه أول ميناء في أفريقيا؛ لصيد سمك السردين، وقد عرف أعمال توسعة متتالية تهدف بالأساس إلى الاستجابة للطلب المتزايد على الخدمات الأساسية المرتبطة بتطور نشاط الصيد البحري.ويضم ميناء طانطان على مرافق عدة متنوعة لمختلف أنشطته تهم بالأساس الاستجابة لرغبات المستثمرين بحيث يتواجد به حوض لبناء السفن، وورشة لإصلاحها وترميمها، إضافةً إلى ثلاث رافعات للسفن، هذا فضلًا عن الخدمات التي تقدمها الوكالة للموانئ.كما يضم الميناء منطقة صناعية تشتمل 13 وحدة صناعية لمعالجة وتحويل وتبريد السمك، إضافةً إلى أربع وحدات لتزويد السفن بالمحروقات, وقد ساهمت مختلف هذه الأنشطة في خلق مناصب شغل لما يناهز 55 باخرة صيد.
ويتميز نشاط الصيد البحري بتنوعه من الصيد التقليدي إلى الصيد في أعالي البحار، ويشتمل على أسطول الصيد التقليدي, و442 باخرة صيد، بينما يبلغ عدد قوارب الصيد 165، أما أسطول الصيد في أعالي البحار؛ فيبلغ 55 باخرة صيد.ويزود إنتاج هذه البواخر السوق الداخلي، فيما أغلبه يتم تصديره إلى الأسواق الخارجية، وقد أدى تطور أنشطة الميناء إلى ظهور أنشطة موازية وضرورية، تهم بالأساس ورشات الحدادة، واللحامة، والنجارة، والكهرباء، والصيانة الإلكترونية، ومتاجر التموين.ورغم تخصص مينائها في نشاط الصيد البحري، ومنشئاته الصناعة التحويلية للأسماك، التي تساهم في الاقتصاد الوطني، وخلق فرص عمل، ناهيك عن دوره الذي يلعبه على المستوى الوطني، فإنه لا يستقطب إلا قسط ضئيل من الاستثمارات؛ فالظروف الطبيعية لا تلعب في صالح هذا الميناء، حيث يشكل زحف الرمال كارثة كبيرة لولوج السفن داخله، رغم بعض المحاولات للحد من ذلك، فإنها بقيت دون جدوى، وخصوصًا في الأشهر الثلاثة الأولى من السنة، حيث الزوابع الرملية والعواصف البحرية التي تعرقل النشاط البحري، وتفوت عائدات مالية ضخمة على المدينة؛ فظاهرة زحف الرمال تحتاج إلى تكاليف مادية كبيرة لمحاربتها، كما أن الموقع الجغرافي الذي شُيِّد عليه ميناء طانطان ساعد في ذلك، حيث الزحف اليومي للرمال من خلال الزوابع الرملية القوية، تحد من استغلاله، ونشاطه؛ بسبب سرعة الرياح وقوتها، والتي تهب خلال شهري شباط/فبراير، وآذار/مارس.ولكي تكون الوطية في مستوى تطلعات زوارها أجانب ومغاربة؛ فإنه تم تجهيزها ببنية استقبال متنوعة، ومناطق سياحية مختلفة، مثل: الفنادق، والمرافق الأخرى، حيث تمتاز المدينة بمناخ معتدل، أغلب أيام السنة مشمسة، ومباني الاستقبال بها متنوعة، ومصنفة وغير مصنفة، وتتوفر على شاطئ شاسع برمال ذهبية، وتتعدد بها الأنشطة الترفيهية، من ركوب الموج، والرياضات المائية المختلفة، ومتعة الصيد بالصنارة.وتلعب المناطق المجاورة لمدينة الوطية على امتداد الشاطئ دورًا مكملًا للنشاط السياحي، والذي يُساهم في تنوعه، ويَحول دون ملل الوافدين، كما تم تنظيم مشاريع أخرى سترى النور قريبًا، وستعمل على تعزيز مباني هذا القطاع التحتية، ومن بين هذه المشاريع السياحية؛ المشروع السكني والسياحي في بلدية الوطنية، والذي يوجد في الجزء الجنوبي الغربي لها بطاقة إيوائية 150 ألف سرير، وبناء مشاريع سكنية؛ مثل الفيلات السياحية على الكورنيش، ومحالات تجارية، وأسواق، ومطاعم، بالإضافة إلى مراكز للاصطياف.وتعد مشكلة العقار عائقًا، وجحر عثرة، أمام تطور هذه المدينة؛ فالوضعية الملتبسة للعقار وفي ملكية الدولة، وغالبية الأراضي غير محفوظة، جعل معظم المستثمرين والمقاولين العقاريين يعزفون عن الخوض أو المشاركة في تنميتها وإعمارها، وخير دليل على ذلك، أنه بعد أن كان عدد المستثمرين الأجانب 90 مستثمرًا أصبح لا يتجاوز 12 فقط، وهم المقيمين بالوطية، وهو ما يطرح علامات الاستفهام كثيرة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر