تونس- أزهار الجربوعي
استعادت المدن السياحية التونسية بريقها رغم الأوضاع الأمنية والهزات السياسية التي عاشتها البلاد عقب اغتيال المعارض محمد البراهمي إلى جانب أحداث جبل الشعانبي الإجرامية نهاية الشهر الماضي، حيث أعرب بعض من السائحين الأجانب لـ"المغرب اليوم" عن تعلقهم بعبق الأرض التونسية المكتنزة بعمق الأصالة وروح الحداثة، يأتي ذلك فيما قرّرت الحكومة التونسية تخفيض رسوم تأشيرة
دخول الأجانب ووضع استراتيجية جديدة للهجرة من أهم معالمها مراجعة أسعار النقل الجوي والبحري وتبسيط الإجراءات الإدارية، وفي سياق متصل، هذا و كشف مصدر أمني لـ"المغرب اليوم" أن إدارة الحدود والأجانب في وزارة الداخلية سجلت خلال شهر تموز/ يوليو 2013 دخول 904.932 زائرًا إلى تونس بينهم 177.890 تونسيّا مقيمين بالخارج و60.326 سائحًا على متن بواخر سياحية عابرة.
وتشهد المدن التونسية حركة سياحية كثيفة، عرفت أوجها خلال شهر آب/ أغسطس الجاري، حيث تستقطب مدن الشريط الساحلي التونسي على غرار جربة، الحمامات وسوسة والمهدية، اعدادًا هامة من السياح التونسيين والعرب والأجانب الذين أغرتهم الوجهات التونسية .
وتشهد الساحات والفضاءات الترفيهية التجارية والسياحية في المدن السياحية التونسية إقبالا لافتًا و ازدحامًا كبيرًا ، وهو ما كشف تعلق التونسيين بالحياة وتحديهم لظروف السياسية والأمنية المضطربة التي تعيشها البلاد، فضلا عن تمسك السياح الأجانب بالوجهة التونسية رغم الزوابع العابرة التي عاشتها البلاد.
وأكد مالك أحد المطاعم السياحية في مدينة الحمامات (80 كم جنوب العاصمة) يدعى محمد السمّاري لـ"المغرب اليوم"، أن المدينة تشهد إقبالا كثيفًا رغم الأوضاع السياسية والأمنية التي عصفت بالبلاد أخيرًا والتي لم تثن التونسيين والأجانب عن الاستمتاع بسحر الضيافة التونسية.
وأوضح محدثنا "إنه لم يلحظ بوادر قلق أو ارتباك في صفوف القادمين إلى تونس، مشددًا على أنهم أعربوا عن ارتياحهم لحسن المقام في تونس، وإعجابهم بما تزخر به من خصوصيات حضارية وتقاليد تجمع بين العراقة والحداثة".
وقد لاحظ "المغرب اليوم" حضورًا أمنيًا مكثفًا داخل القرى السياحية التونسية، إلا أن الكثير من السائحين اعتبروه إجراء روتينيا باعثا على الارتياح لا للقلق، باعتبار أن الأمن يسعى للحفاظ على الهدوء والاستقرار وتأمين الوجهات السياحية.
كما أكد فريق من السائحين الألمان والإيطاليين لـ"المغرب اليوم" أن حفاوة الاستقبال التي حباهم بها الشعب االتونسي، فنّدت جميع المخاوف التي نقلتها بعض وسائل الاعلام الغربية عن الوضع في تونس، مشددين على أنهم لم يتعرضوا لأي نوع من المضايقات.
و أعلن عدد من السياح التونسيين، لـ"المغرب اليوم" أنهم سيواصلون الحياة وسيتركون السياسة ونغصها لأهلها والعارفين بها".
واعتبر عدد من أصحاب المحلات التجارية أن الموسم السياحي كان ناجحا رغم العوامل السياسية والأمنية وقصر الموسم السياحي الذي تخلّله شهر رمضان.
وفي سياق متصل، كشف مصدر أمني لـ"المغرب اليوم" أن إدارة الحدود والأجانب في وزارة الداخلية سجلت خلال شهر تموز/ يوليو 2013 دخول 904.932 زائرا إلى تونس بينهم 177.890 تونسيّا مقيمين بالخارج و60.326 سائحا على متن بواخر سياحية عابرة.
ويتصدّر الليبيون ترتيب الوافدين على تونس بعدد 146 ألف ، تليها الجنسيات الفرنسية (104.161) والجزائرية (56.828) والبريطانية (55.345) والألمانية (51.682) والروسية (50.322) والإيطالية (35.335) والتشيكية (22.772) والبلجيكية (28.826) والبولونية (16.942) والهولندية (12.195).
وبلغ مجموع الوافدين من بلدان أوروبية 447 ألف زائر. كما سُجّل دخول 249 يختًا سياحيًا لعدد من الموانئ.
وفي سياق متصل، قرّرت وزارة الشؤون الخارجية مراجعة وتخفيض رسوم تأشيرة دخول الأجانب الى تونس وذلك بمقتضى أمر صادر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية .
وجاءت التخفيضات كالآتي، 70 دينار تونسي عوضًا عن 200 دينار تونسي بالنسبة لتأشيرة الدخول والإقامة لمدة تتراوح بين يوم وثلاثة أشهر. 20 دينار تونسي عوضا عن 50 دينار تونسي بالنسبة لتأشيرة العبور لمدة أقصاها سبعة أيام.
وقد تولت وزارة الشؤون الخارجية إعلام البعثات الدبلوماسية والقنصلية التونسية في الخارج قصد الشروع في تطبيق هذه الرسوم الجديدة، كما تم إبلاغ ذلك إلى البعثات الدبلوماسية والقنصلية الأجنبية المعتمدة بتونس.
على صعيد آخر، أعلن رئيس الحكومة التونسية علي العريّض عن الاستراتيجية التونسية للهجرة، مشيرًا إلى أنه رغم كثرة التحديات وتزاحم الأولويات الوطنية فقد أولت الحكومة اهتماما كبيرا بمشاغل وتطلعات الجالية التونسية المقيمة بالخارج، خاصة في ما يتعلق بتحقيق مطالب عاجلة تشمل تطوير الامتيازات المخولة لفائدتهم. .
وعلى رأس هذه الاستراتيجية الجديدة، أكد رئيس الحكومة التونسية مراجعة أسعار النقل الجوي والبحري وتبسيط الإجراءات الإدارية ومساعدة التونسيين المقيمين في الخارج على ممارسة حقوقهم ببلدان الإقامة، فضلا عن تمتيعهم بحق المشاركة في الحياة العامة في تونس والتنظّيم صلب هيئة تمثلهم وتتيح لهم الحوار والتواصل، إلى جانب دعم التشجيعات والحوافز في مجال الاستثمار والادخار ومراجعة الاتفاقيات الثنائية المبرمة في مجالي الضمان الاجتماعي وتنقل اليد العاملة.
كما شدّد رئيس الوزراء علي العريض حرص حكومته الكبير على الإصغاء إلى أبناء الجالية التونسية في الخارج كافة و إصرارها على إرساء حوار بنّاء لا يستثني أحدا وتبقى جسوره مفتوحة ومتواصلة بهدف إحداث المجلس الأعلى للتونسيين وضبط الاستراتيجية الوطنية في مجال الهجرة مؤكدا أنها تتلخص في 4 مقومات أولها يتعلّق بتطوير القدرات وإرساء حوكمة رشيدة لمنظومة الهجرة عبر تحديد مقومات التخطيط والتسيير وتكوين خبرات وطنية مختصة، وثانيها تمتين علاقة الجالية بالوطن ومرافقتها برعاية شاملة تدعم حقوقها وتحسّن ظروف عيشها بالمهجر وتطوّر جودة الخدمات الإدارية والاجتماعية الموجهة لها وتدعم إندماجها وإشعاعها ببلدان الإقامة.
أما العنصر الثالث لهذه الاستراتيجية فينبني على التشريك الفاعل للجالية في البناء الديمقراطي والتنمية الشاملة، ورابعا وأخيرا وضع إطار تشريعي ومؤسساتي ملائم للهجرة الوافدة واللجوء والإقامة بما يستوجب كذلك تطوير منظومة مكافحة ظاهرة الهجرة السرية والممارسات المخلّة بحقوق الإنسان.
وكشف العريّض حرص تونس على رعاية الهجرة المنظمة من خلال مراجعة الإتفاقيات الثنائية والمتعدّدة الأطراف وضمان ترشيد التدفقات المهجريّة بما يساهم في تكريس النموّ الإقتصادي والاجتماعي، لافتا إلى أن أن هذا التمشي سيقلص من مظاهر الهجرة السريّة وغير المنظمة وما ينجرّ عنها من عواقب وخيمة على الشباب التونسي وخسائر فادحة للمجموعة الوطنية عامّة، داعيا إلى تكثيف المجهودات ودراسة ملف المفقودين من مختلف زواياه .
وأكد رئيس الحكومة التونسية أهمية مواصلة الحوار لاستكمال ملامح الاستراتيجية الوطنية للهجرة وإحداث المجلس الأعلى للتونسيين بالخارج وتجسيم مختلف الاصلاحات التي من شأنها تحسين وضعية الجالية التونسية بالخارج وتعزيز دور النخب والكفاءات المهاجرة في نقل التكنولوجيا ودفع المسار التنموي للوطن.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر