مقهى الحافة في طنجة في المغرب قِبْلة المبدعين والباحثين عن الهدوء
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

بساطته وموقعه على البحر عوامل جذب طيلة قرن من الزمن

مقهى "الحافة" في طنجة في المغرب قِبْلة المبدعين والباحثين عن الهدوء

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - مقهى

صورة أرشيفية لمقهى "الحافة"
طنجة -  نوفل الخمليشي

طنجة -  نوفل الخمليشي   ظل مقهى "الحافة" في مدينة طنجة شمال المغرب، على مدى قرابة قرن من الزمن قبلة للزائرين المغاربة والأجانب من جنسيات مختلفة، وتجاوز زواره الزبائن العاديين إلى مشاهير في عالم الفن والأدب والسياسية لعل أبرزهم الأديب الأميركي "بول بولز" والكاتب المغربي محمد شكري ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق الشهير وينستون تشرشل.   أسرار عدة تختزلها جنبات المقهى تحكي فصولا عن تاريخ مدينة طنجة المتشابك، خصوصياته الجذابة سواء في لقائه النادر مع زرقة مياه مضيق جبل طارق، أو جانب البساطة في مكونات هذا المقهى، خصائص يحاول زواره تفسير سر الإقبال عليه وصموده في وجه عوامل الزمن إلى حدود اليوم.
  ويقع مقهى "الحافة" على هضبة عالية تطل على مضيق جبل طارق في حي مرشان في طنجة، عند مدخل المقهى تصادف عينيك لوحة توضح تاريخ التأسيس "مقهى الحافة تأسس عام 1921" عبارة تستفز الزائرين وتجعل الأسئلة تتناسل عن أسرار صموده إلى هذا اليوم"، من النادر أن تجد مقهى بهذا السحر والتاريخ الطويل".
   ويقول أحمد ، وهو نادل يعمل في المقهى يرتشف من كأس شاي ويستطرد، مؤكداً "من المستحيل أن تجد زائراً للمدينة لم يزر المقهى وسحره راجع لموقعه المتفرد" جدران مصبوغة بالأبيض والأزرق وكراس متهالكة منهكة تنضح بعتاقتها وتثير الزائرين، رائحة الشاي الأخضر المغربي بنكهة النعناع تملأ المكان، ومشهد عام يترك في مخيلة الزائر للوهلة ألأولى بساطة تصل الى حد فوضى غير مفهومة.
  ويجلس ياسين برفقة زملاء له يتبادلون أطراف الحديث، يتأمل أفق مضيق جبل طارق، حيث تبدو مدينة طريفة الإسبانية على مرمى حجر بمسافة لا تبعد سوى 14 كيلومتراً عن السواحل الإسبانية" بحكم أنني من أبناء المدينة أتردد على المقهى بشكل يكاد يكون يومياً" يتوقف ياسين عن تدخين سيجارة ثم يضيف بنشوة واضحة "الجلوس هنا يجعلك تشعر بهدوء وراحة لا توجد في باقي مقاهي المدينة".
   بدورها ترجع إيمان سبب ترددها على المقهى قائلة "المكان يتيح التأمل ومحاولة نسيان هموم ومتاعب الحياة " "مقهى الحافة هو مقهى مختلف عن باقي المقاهي إنه نافذة حقيقية على زرقة البحر وهدوئه ومنظره الطبيعي هو ما يجذبني إليه".
  ويشرح عثمان سبب تردده على المقهى ويقول "مشروب الشاي المغربي المقدم هنا نادر الوجود في بعض المقاهي، زيادة على ذلك فهذا المقهى يشكل ملتقى لمختلف الجنسيات لسبب منظره الذي يجذب السياح".
  عقارب الساعة تدنو من الخامسة مساء، تنساب أمواج هادئة خجولة لتعانق اليابسة ، قوارب الصيد عائدة في حركة بطيئة نحو مرفأ الميناء بعد رحلة صيد في مياه البحر الأبيض المتوسط ، وبالقرب من الطريق التي شيدت قبل أعوام فقط يمسك صيادون سناراتهم وينتظرون ما قد يجود عليهم به البحر من خير، قطط تتسلق الأشجار المتناثرة في المقهى في حركات سريعة جنبات المقهى ممتلئة عن آخرها، إقبال كثيف للمقهى يشهده مع اقتراب ساعة المساء ومن النادر أن تجد مقعداً فارغاً في هذا الوقت، ولا يقتصر زبناء المقهى على أبناء المدينة فقط غير بعيد من عثمان يجلس "فرناندو" سائح أجنبي يطالع فقرات كتاب يحتسي الشاي ويطالع الكتاب في هدوء " يجعلني المقهى أدخل  في حوار صريح مع الذات ويخلق لي راحة خاصة وتجعلني أشعر بإحساس  وراحة تنعدم في باقي مقاهي المدينة" يتحدث هذا السائح الإسباني مفسرا.
  الإحساس بالراحة الذي يتحدث عنه هذا السائح الإسباني جعل مشاهير من عوالم الفن والأدب والسياسية يترددون عليه في مقدمتهم الكاتب الأميركي بول بولز العاشق لمدينة طنجة الذي عاش في طنجة منذ العام 1936، حيث شكل هذا المقهى طوال إقامته في المدينة مصدر إلهام، سحر المقهى جعل  كاتباً أميركيا آخر يدعى وتينيسي وليامز يعترف للمقهى بجماليته المتفردة  خلال زيارته المتكررة له، كما شكل المقهى بالنسبة للكاتب المغربي الشهير محمد شكري أحد أبناء المدينة المكان الذي يؤوي إليه بعد منزله ومصدر وإلهام وذلك نظراً للوقت الكبير الذي كان يقضيه في جنبات المقهى.
  وظل المقهى منذ افتتاحه شاهداً على فصول من تاريخ طنجة المدينة التي حظيت خلال فترة فرض الحماية على المغرب بوضعية متفردة كمنطقة دولية،وتقاسمت السيادة عليها إبان تلك الفترة دول أوربية عديدة، مما جعل المدينة تمزج بين أعراق وأجناس مختلفة، سياسيون وسفراء وأدباء تلك المرحلة قصدوا المقهى للجلوس والتمتع بلحظة هدوء بعيدا عن صخب الحياة ومتاعب السياسة ،لعل أبرزهم رئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل، كما أن المقهى ظل مقصد الجواسيس وتجار السلاح إبان الحرب العالمية الثانية.
  حلول الليل يجعل زبائن المقهى يغادرون المكان، بينما يفضل آخرون المكوث لفترة أطول، أضواء باخرة تعبر المضيق تلوح من بعيد، الأحاديث في المقهى لا تنقطع، ولا يعرف أحمد النادل العامل في المقهى الذي قضى أزيد من عشرة أعوام من العمل لحظة للراحة " المقهى في أيام نهاية الأسبوع يعرف إقبالا كثيفا وعليك أن تلبي الطلبات جميعها" إلى جانب هذا النادل الذي يناديه الزبائن بلهجة مغربية بـ"خاي أحمد" تعمل خلية من العاملين بخفة وترحيب واضحتين، ينصرف زبائن المقهى فرادى وجماعات" من المستحيل ترك العمل في هذا المقهى" يقول هذا النادل نظراً لعلاقة عشق خاصة مع مقهى الحافة شأنها شأن الكثير من الزوار الذين لا يفوتون زيارة مقهى الحافة خلال ترددهم على مدينة طنجة.

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقهى الحافة في طنجة في المغرب قِبْلة المبدعين والباحثين عن الهدوء مقهى الحافة في طنجة في المغرب قِبْلة المبدعين والباحثين عن الهدوء



GMT 17:10 2020 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

إعادة تشغيل مطار سبها الدولي للرحلات الداخلية والخارجية

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya