طوكيو المدينة المتأرجحة بين عراقة الماضي والتطلع إلى المستقبل
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

رغم عدد سكانها الهائل تدور فيها الحياة بانتظام ودقة مذهلة

"طوكيو" المدينة المتأرجحة بين عراقة الماضي والتطلع إلى المستقبل

المغرب اليوم -

المغرب اليوم -

مدينة طوكيو
طوكيو - المغرب اليوم

لم يسبق في تاريخ البشرية أن تجمع هذا العدد الهائل من السكان تحت سقف مدينة واحدة، تحتل منذ سنوات المواقع الأولى بين أرقى المدن في العال،م من حيث نوعية الحياة والخدمات الاجتماعية، إنها طوكيو التي، إذا أضفنا المناطق السكنية المحيطة بها والتابعة إليها يصل تعداد سكانها إلى 32 مليون نسمة يشكلون ربع سكان اليابان، ورغم ذلك تدور فيها الحياة ليل نهار بانتظام عجيب ودقة مذهلة.

لن تجد في طوكيو عراقة المعمار الذي تزخر به العواصم الأوروبية، ولا عبق التاريخ الساكن في حواضر المتوسط والشرق القديمة، ولا فساحة الأمكنة التي تتميز بها المدن الأميركية، "لكنك ستقف مشدوهًا أمام الانضباط الذي تسير عليه الحركة في هذه المدينة، والهدوء المنسدل على الشوارع التي يتدافع فيها الناس بالآلاف، والنظافة التي تطالعك عند كل زاوية تعرج عليها، ولن تكون دهشتك أقل إزاء قدرة اليابانيين الموصوفة على التوفيق بين التقاليد والطقوس الموروثة والحداثة بكل تجلياتها.

بلاد قائمة بحالها عاصمة إمبراطورية الشمس الطالعة، لكن دعونا نجول على بعض المعالم فيها تاركين لمن تسنى له الوقت أن يكتشف المزيد من كنوزها الفريدة ويندهش أمام المفاجآت التي تنتظره في حدائقها ومعابدها وأسواقها التي تعج بالغرائب.

القصر الإمبراطوري

ننطلق في جولتنا من القصر الإمبراطوري، الذي يقوم في الموقع الذي بُني عليه مقر حاكم المدينة عندما كانت تدعى K"Edo" قبل أن يقرر الإمبراطور "Meiji" نقل العاصمة من كيوتو إليها في عام 1868، ويطلق عليها الاسم الذي تعرف به اليوم.

لا يزال القصر محاطًا بقناة عريضة وعميقة لحمايته حول الأسوار، التي تتعاقب عليها أبراج المراقبة وأبواب ضخمة من الخشب والصلب، والقصر مفتوحة أبوابه أمام السياح لزيارة بعض مبانيه، وإذا صادفت الزيارة في 23 ديسمبر/ كانون الأول أو 2 يناير/ كانون الثاني، تحظى برؤية الإمبراطور الذي يخرج في هاتين المناسبتين لتحية زوار القصر الذي تزنره أشجار الكرز الوارفة، التي يكاد زهرها يضيء مع قدوم الربيع في مشهد آسر بات رمزًا لجمال الطبيعة اليابانية وحرص أهل البلاد عليها.

ونغادر القصر عن طريق حديقة الشرق المحاذية له، والتي تضم متحف المجموعات الملكية النفيسة، تحيط به غابة من الأشجار المعمرة التي ترمز كل منها إلى إحدى المقاطعات اليابانية، ومن هناك نتابع طريقنا إلى المتحف العلمي الذي هو كناية عن مجموعة من المتاحف الصغيرة التي تشمل كل جوانب العلوم الحديثة من الزراعة إلى غزو الفضاء.

المتحف العلمي

على مقربة من المتحف العلمي يقوم أحد أشهر المباني الهندسية، الذي يُدَرس في معظم كليات الهندسة المعمارية في العالم، إنها قاعة يودوكان التي شُيدت بمناسبة دورة الألعاب الأولمبية التي استضافتها طوكيو عام 1964، والتي كانت فرصة لتنفيذ عدد من المشاريع الضخمة التي كانت منطلقًا لما صار يعرف لاحقًا بالمعجزة اليابانية، وتشهد المدينة حاليًا تنفيذ عدد من المشاريع الكبرى، استعدادًا لاستضافة أولمبياد الألعاب الصيفية مرة أخرى في عام 2020.

ونواصل جولتنا ونعرج على متحف الفنون التقليدية الذي يقوم في المقر القديم للحرس الإمبراطوري، والذي يعطينا فكرة شاملة عن المهارات الحرفية التي يشتهر بها اليابانيون من نسيج وخزف وزجاجيات وأدوات خشبية وقصبية، إضافة إلى التصاميم الصناعية والرسوم من القرن التاسع عشر إلى اليوم.

بعد هذه الوليمة الدسمة من المتاحف، ليس أفضل من اللجوء إلى واحدة من أجمل الحدائق العامة وأكبرها في العالم، إنها حديقة "Ueno" البديعة التصميم حيث تخال نفسك في عمق الريف بعيدًا عن صخب المدينة الذي تفصلك عنه دقائق معدودة، هندسة الجنائن التي اشتهر بها اليابانيون تتجسد هنا في أبهى حللها، وتهدي الزائر الذي أنهكه التجوال في غابة الإسمنت وصخب الشوارع المكتظة بالمتاجر والمارة، قصعة من الطبيعة الهادئة يستعيد فيها نشاطه ويستعد لاستكشاف المزيد من مفاتن أكبر مدن العالم وأغلاها وأكثرها رقيًا.

منطقة Ginza

محطتنا التالية هي منطقة "Ginza"، الذائعة الصيت بمتاجرها الفاخرة وواجهاتها الأنيقة والمطاعم الحائزة على أهم الجوائز العالمية والتي يحلم كبار الطهاة بالتدرب في مطابخها، ونصيحتنا هي الانتقال إلى هذه المنطقة بواسطة مترو الأنفاق الذي يعتبر الأفضل في العالم، والذي يشكل بذاته تجربة فريدة لا تنسى، خاصة في أوقات الازدحام التي تتزامن مع مواقيت الدوام في الوظائف العامة والمحلات التجارية.

التسوق في الجادة الرئيسية التي تعبر "غينزا" والشوارع المتفرعة منه متعة لا تضاهيها أخرى كل العلامات التجارية الفاخرة في العالم تتنافس هنا لعرض آخر مبتكراتها في مبانٍ جذابة خرجت تصاميمها من مكاتب أشهر المهندسين المعماريين في العالم، وإلى جانبها العلامات التجارية اليابانية التي منذ سنوات يتزايد حضورها وتأثيرها في أسواق الاستهلاك العالمية، ولا تنسى عبور الشارع عند التقاطع المعروف باسم "Shibyo"، والذي يُقدر أن أكثر من ألف شخص يعبرونه بين إشارة المشاة الضوئية وأخرى.

ولأن اليابانيين شعب يهوى تجاذب الأضداد، كما يستدل من مصارعة السومو التي هي رياضته الوطنية، ندعوك للانتقال من "غينزا" إلى طوكيو القديمة في ""Asakusa وشوارعها الضيقة والمحفوفة بالمباني التقليدية والمتاجر الصغيرة، التي تبيع المشغولات الحرفية التي يشتهر بها اليابانيون، إلى جانب المطاعم الصغيرة التي تقدم وجبات شعبية بأسعار معقولة في مدينة على الزائر أن يحسب حسابًا لموازنة سد الجوع فيها.

Shibuya

من هناك ننتقل إلى" Shibuya "الحي الذي يرتاده المراهقون ومنه تخرج "الصراعات" اليابانية التي ما تلبث أن تغزو العالم، ولعل المتعة الأجمل في هذا الحي هي التي تأتيك مع الجلوس في أحد مقاهي الأرصفة ومراقبة المارة الذين يعبرون أمامك متبرجين بأزياء وتسريحات من عصر لم يأتِ بعد أو من كوكب آخر.

وقبل أن يهبط الليل على المدينة وتضاعف سحرها سيمفونية الأضواء والألوان، قد يتسع الوقت لزيارة أحد المعابد الشتوية في "Meiji"، أو المرور على مدينة الملاهي في "Odaiba" والصعود إلى أعلى ناعورة في العالم، لإلقاء نظرة على عاصمة بلاد الشمس الطالعة قبل أن تغرب الشمس عنها.

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طوكيو المدينة المتأرجحة بين عراقة الماضي والتطلع إلى المستقبل طوكيو المدينة المتأرجحة بين عراقة الماضي والتطلع إلى المستقبل



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 16:10 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

جان دارك يمثل مصر في مهرجان الشتات الإفريقي بنيويورك

GMT 11:57 2019 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

المنتخب المغربي للفروسية يشارك في الدوري الملكي

GMT 21:58 2019 الخميس ,07 شباط / فبراير

فيديو فاضح لـ "أدومة" يثير غضب المغاربة

GMT 11:00 2019 السبت ,02 شباط / فبراير

مدرب ليفربول السابق يحذر من سيناريو 2014

GMT 11:08 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

أفكار ديكور مميزة لاختيار باركيه المنازل لموسم 2019

GMT 02:11 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

قائمة تضم أفضل عشرة مطاعم على مستوى العالم

GMT 09:06 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

تطورات مثيرة في قضية صفع شرطي لقاض في سيدي سليمان

GMT 23:16 2018 الجمعة ,21 أيلول / سبتمبر

أستاذ يفارق الحياة داخل الفصل في الناظور

GMT 02:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

قطار ينهي حياة شيخ ثمانيني في سيدي العايدي
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya