تنظر إحدى المحاكم قضية رفعها أحد الآباء على الأطباء الذين اعتبرهم يقتلون آمال بقاء ابنه المصاب بالعمى وورم المخ على قيد الحياة. وأكّد هؤلاء في شباط/فبراير المنصرم، أنّ الشاب الذي يبلغ من العمر 18 عامًا، لم يتبق لديه أكثر من أسبوعين وسيفارق الحياة، مشيرين إلى أنه لا توجد فائدة من استخدام العلاج الكيميائي أو إجراء جراحة له في المخ.
ووثقت المحكمة العليا للمستشفى التي لم يذكر اسمها في إيقاف العلاج للشاب، علي غير رغبة والديه إلا أنه مازال على قيد الحياة بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر، وتؤكّد والدته أنها تكافح وتقاتل من أجل حياة طفلها المريض الذي يقاوم.
ومن الصعب التوقع تحديداً متي سيموت المريض أو التأكيد بالقول أن الشخص سيموت لا محالة.
وجرى الإفراج عن عبد الباسط المقرحي، الذي أدين في تفجيرات "لوكيربي" لأسباب صحية جراء إصابته بسرطان البروستاتا بعد توقع الأطباء بأنه لم يتبق له في الحياة أكثر من ثلاثة أشهر لكن المقرحي توفي بعد عامين وتسعة أشهر من وقت الإفراج عنه.
وفي واحدة من أكبر المراجعات التي نشرت في المجلة الطبية البريطانية، واستعرضت منهجية توقع البقاء على قيد الحياة خصوصًا ما يتعلق بمرضى السرطان. وجرى تحليل ثماني دراسات في ثلاث بلدان على مدى 30 عاماً. وعمومًا فإن توقع الأطباء كان صحيحاً في 25% من الحالات خلال أسبوع واحد، وصحيحاً في 435 من الحالات خلال أسبوعين، بينما في خلال أربعة أسابيع فقد كان التوقع صحيحاً فيما يتعلق بنسبة 61% من الحالات.
ووجدت الدراسة أن الأطباء يميلون إلى المبالغة في تقدير البقاء على قيد الحياة، إذ يعتمد الأمر على قدراتهم في التنبؤ.
وتكمن صعوبة التكهنات في اختلاف كل مريض عن الآخر واختلاف المرض، ويحتاج الأمر إلى خبرة للمعرفة قد لا يتمتع بها الأطباء فإذا كان من المفترض أن التشخيص صحيح في بادئ الأمر يبقى يبقي أكثر تعقيداً حتى في ظل التقدم الطبي.
وأشار الجراح والمؤلف الدكتور أتوي غاوندي، وسبق أن كتب عن تغير الوقت الفاصل بين الموت والحياة، إلى أنّ التكنولوجيا تحافظ على أجهزة الجسم حتى تستقر حالة المريض ويصل إلى حالة الإدراك، إلى جانب ذلك فإنه من الصعب التأكد من موت أحد الأشخاص.
وعرض الأستاذ في جامعة أوكسفورد، دومنيك ويلكنسون مثالا لمريض تحدى الصعاب كان قد قدر الطبيب بأن نسبة وفاته خلال فترة وجيزة تقدر بنحو 99% إلا أن المريض تعافى ولا يزال على قيد الحياة وشدد للطبيب المعالج له على أنه كان على خطأ حينما توقع موته.
وكان ستيفن غيا جولد يعاني من ورم في البطن حينما كان في سن الأربعين والذي أدرك بنفسه أنه لم يعد يفصله عن الموت سوى ثمانية أشهر، بعد متابعة نتائج التحليل والأعراض التي كان يعاني منها، وأجري عملية جراحية فضلا عن علاج كيميائي تجريبي، لكنه توفي بعد عشرين عاماً بمرض سرطان الرئة على عكس المرض الأصلي الذي كان يعاني منه.
ويتساءل الكاتب في مجال العلوم، باني ساركت، عن مدى تأثير إبلاغ مريض السرطان بأنه لم يعد لديه المزيد من الوقت الذي يفصله عن الموت، خصوصًا أنّ إحدي المجلات الطبية صدرت عام 1992 وصفت إحدى الحالات لرجل كان يعاني من سرطان الكبد وأبلغ بأن الأشهر المتبقية لديه في الحياة أصبحت معدودة، وبعد موته أظهر تشريح الجثة بأن الورم لم ينتشر ما جعل الطبيب المعالج له يكتب "هل في إمكان هذا أن يحدث" فقد كان توقع وفاته وراء قتله.
وكشفت دراسة صدرت عام 2007 وخضع لها أكثر من ألف مريض بالسرطان، أنه لم يكن هناك أي تأثير إيجابي للدفعة المعنوية التي يتلقاها المريض للبقاء على قيد الحياة إلا أن علماء النفس يؤكدون أن توقع الموت يوثر على استجابة المريض للعلاج ما يؤثر على مدة البقاء في الحياة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر