الجزائر ـ سميرة عوام
تتنافس العائلات الجزائرية خلال المناسبات و الاحتفالات الخاصة في تنويع الأكلات الشعبية، والتي مازالت حاضرة بقوة في التراث التقليدي للمنطقة، فرغم تطور المطاعم العصرية و الفاخرة وخاصة تلك المتواجدة في المدن الكبرى بالجزائر ، حيث أن الكسكسي ذاع صيتها حتى في المطاعم الفرنسية المتواجدة في الجزائر
،إلا أن ذلك لم يصنع التميز و التفرد مثل الأطباق التقليدية والتي تستهوي السواح الأجانب و زوار الجزائر العميقة.و تستغل بعض المطاعم الكلاسيكية هذه الأكلات من أجل ترويج السياحة المحلية إلى الخارج ، ومن أهم الأطباق التي فرضت قوتها على المائدة الجزائرية طبق الكسكسي ،نظرا لتوفره على العناصر الغذائية الرئيسية و قيمته التراثية ،حيث كان الأجداد في وقت مضى يتفاخرون بطبق الكسكسي و الذي يطلق عليه في اللهجة المحلية الطعام . ويفرض الكسكسي المصنوع بطريقة تقليدية منطقه في الأسواق الشعبية أكثر من ذلك ،الذي يصنع في الماكينات لأنه حسب بعض سكان الجزائر الأصليين صحي وغذائي ،وذلك بناء على مكوناته الرئيسية فهو خلال عملية إعداده يعتمد على خبرة بعض النسوة اللواتي تشرفن على صنعه بطريقة مميزة ،و لتوفير طبق الكسكسي الجزائري الأصيل يتوجب على صانعه اقتناء مادة الدقيق ذات النوعية الجيدة مع مزجها بالماء و الملح، ويتم تحويره و تكويره ومن ثم تصنيفه ووضعه في أكياس مصنوعة من القماش الخشن لتحافظ على نصاعة بياضه ،و قبل ذلك يتم تجفيف مادة الكسكسي تحت أشعة الشمس ،لأن الحرارة تضفي عليه قيمة غذائية مضافة.ويعتبر طبق الكسكسي من الأكلات المفضلة لدى المدعوين ،و يضاف له خلال إعداده على مائدة الضيوف لحم الضأن(الغنم) و بعض الخضروات الموسمية ذات القيمة الغذائية الأساسية،علما أن هذه الأكلة تقدم في الأفراح و الأقراح بالجزائركما يقدم في الأعراس، فرغم توفر مائدة المدعوين و الحضور على الأطباق العصرية، إلا أن ذلك لا يغري الحاضرين للاستغناء عن طبق الكسكسي والذي يعتبره سكان المنطقة رمز الرزق و الخير ، لأن الفلاحين يستبشرون خيرا خلال عملية حصاد القمح و الفرينة والذي يصنع منه الدقيق و الذي يحول إلى خبز و عجائن منها الكسكسي . كما تزين أطباقه باللحم الجبلي و حبات الحمص و حتى بعض المنكهات الأخرى التي تضفي على الطبق مكانة كبيرة لدى المدعويين ، و هناك من العائلات الأخرى التي تقدم هذا الطبق يوم قبل إقامة العرس، وهي الليلة التي يجتمع فيها أهل العروس أو العريس و المقربون من العائلة ،حيث يقدم طبق الكسكسي مرفوقاً بالشواء و أقداح اللبن، و هي مكونات أساسية في إعداد هذه الأكلة الشعبية و التي باتت لها حضور قوي في أعراس الجزائر رغم تنوع و تطور المنطقة في إعداد أشهى الأكلات و الأطباق خاصة منها الغربية .
و يسترزق أهل المدن الكبرى بالجزائر خاصة منها العائلات الفقيرة وذات الدخل المحدود في تسويق أكياس الكسكسي في الأسواق المحلية وذلك لتوفير بعض الدنانير من أجل العيش الكريم.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر