مستشفيات ليبيا كابوس يضاعف محنة المواطنين
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

يرغم نقص الدواء المرضى على السفر للخارج

مستشفيات ليبيا كابوس يضاعف محنة المواطنين

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - مستشفيات ليبيا كابوس يضاعف محنة المواطنين

أحد مستشفيات ليبيا
طرابلس ـ المغرب اليوم

وقفت سيدة ليبية خمسينية أمام جهاز لغسيل الكلى في مستشفى أوباري في الجنوب الليبي، تترقب نجلها، الذي يرقد أمامها انتظارًا لدوره في العلاج، وهي تشتكي لموظفة اللجنة الدولية للصليب الأحمر صعوبة نقله من مدينة غات، الواقعة على مشارف الحدود الجزائرية، إلى مستشفى أوباري قصد إخضاعه إلى جلسة غسيل واحدة، قد تستغرق ساعتين، والعودة به ثانية.
 
وقصة الشاب إعساوي (16 عامًا) مع المرض، التي روتها والدته للجنة الدولية، ليست سوى نموذج مصغر لآلاف الحالات المشابهة، التي تراكمت عبر سبعة أعوام من الانقسام السياسي والاشتباكات المسلحة في مناطق عدة في ليبيا، والتي تعكس تراجع دور المؤسسات الصحية، لدرجة أصبح الكثير منها يعتمد بشكل كلي على المساعدات الإنسانية التي تقدّمها اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر الليبي , لكن وزيرة الصحة الأسبق فاطمة الحمروش رأت في حديثها إلى "الشرق الأوسط" أن "نقص الأدوية والأجهزة ليس بسبب قلة الأموال في ليبيا"، بل لكثرة ما وصفتهم بـ"اللصوص والمحتالين، ونقص الحسّ الوطني لدى الكثيرين ممن تسلموا مقاليد البلد".
 
ويعتبر حال مرضى الكلى في ليبيا هيّنًا مقارنة بمن يتعرضون إلى الحروق أو يصابون بالسرطانات، إذ تضطرهم الظروف إلى السفر خارج البلاد، في ظل لجوء المراكز العلاجية للاعتماد على تبرعات المواطنين لسد نقص الأدوية وإنقاذ ما يمكن إنقاذه , غير أن هذا الوضع لم يمنع والدة إعساوي، وآخرين من مدينة غات من الاستغاثة بوزير الصحة عمر بشير الطاهر، التابع لحكومة الوفاق الوطني، بصفته ينتمي إلى الجنوب لحثه على "توفير ما يلزم لعلاج أبنائهم من مرضى الكلى، بدلًا من الانتقال بهم إلى مستشفيات تبعد بنحو 700 كيلومتر، بمعدل ثلاث مرات أسبوعياً، في ظل شح الوقود وقلة النقود".
 
ولا تتوفر في ليبيا إحصائيات رسمية عن عدد المرضى , لكن إدارة الإعلام والتواصل برئاسة مجلس الوزراء نقلت عن بشير الطاهر تسجيل أكثر من 4 آلاف مريض بالفشل الكلوي في أنحاء البلاد، كما قدّرت منظمة الصحة العالمية وجود نحو 88 ألف مريض بالسكري، وفق أرقام العام الماضي , وتدفع اللجنة الدولية للصليب الأحمر بكميات من الأدوية والمواد اللازمة لمواجهة بعض ما تعانيه المستشفيات في ليبيا من نقص في الإمدادات الطبية، مع زيادة في أعداد المرضى والجرحى، بالإضافة إلى استجابة حكومة فائز السراج بشراء ما يلزم للمؤسسات الصحية، وفقًا للخطط والاعتمادات المالية.
 
ودائمًا ما يبحث الليبيون عن "طبيب شاطر" في دول الجوار، ويخاصة في تونس ومصر للذهاب إليه , وفي هذا الصدد قالت الليبية فاطمة المحروسي إنها تذهب دائمًا مع والدتها لطبيب قلب في مدينة الإسكندرية كل شهرين تقريبًا، معللة ذلك بأن "الأوضاع المضطربة في ليبيا تمنعنا من الحياة بشكل مستقر... فيمكنك الذهاب إلى المستشفيات، لكن ستجدها مغلقة، وعليك الانتظار".
 
ويجري أطباء في مستشفيات ومراكز ليبية جراحات ناجحة وخطيرة من وقت لآخر , لكن قلة الإمكانيات تحول دون الاستمرار في مواصلة ذلك , وفي تشخيصها لأزمات القطاع الصحي في ليبيا، وجهت الحمروش التي تولت قطاع الصحة في حكومة عبد الرحيم الكيب عقب إسقاط القذافي، اتهامات لأشخاص لم تسمهم، وقالت إن "هؤلاء يعملون إمّا لمصالح خارجية، أو كمرتزقة لتحقيق مكاسب مالية لأنفسهم، وفي كلا الحالتين فهم يخدمون مصالح شركات خارجية على حساب الصالح العام، ويعملون على استمرار الحال المتردّي في المستشفيات الليبية، بينما يستثمرون أموال الشعب في الخارج بشراء مزيد من المعدات غير المكتملة، أو من دون عقود ملزمة بالصيانة، أو إخفائها بعد شرائها ليتم شراء المزيد منها دون استخدامها، أو لبيعها في السوق السوداء، وهذا ينطبق أيضًا على الأدوية بنفس الكيفية".
 
وتظل أمراض الأورام تلقي بثقلها على كاهل المواطن الليبي، وفي هذا الشأن أوضح مصدر طبي في مركز مصراتة لعلاج الأورام أن توافد المرضى على المؤسسة دفعهم إلى قبول التبرعات من المواطنين والجمعيات الخيرية، مشيرًا إلى أن "العلاج الكيماوي ناقص في المركز".
 
وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه أن ثمن الجرعة الواحدة للمريض يتراوح ما بين 3 آلاف و4 آلاف دينار، لافتًا إلى أن العلاج يكون بمعدل مرة أو مرتين في الشهر , ودفع نقص الأدوية وتراجع الخدامات الصحية بشكل عام فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي، للتعبير هو الآخر عن استيائه من جودة الخدمات الصحية المقدمة، وعدم توفير الأدوية، وذلك خلال اجتماع سابق ضم جميع المسؤولين عن القطاع الصحي في غرب البلاد، وطالب بتشكيل لجنة مركزية، تتولى مراجعة جميع محاضر العطاءات الخاصة بتوريد الدواء لأمراض الكلى والأورام والتطعيمات.
 
ومع تزايد المترددين على الخارج للعلاج على نفقة الدولة، اعتمد السراج نهاية يوليو/ تموز الماضي خطة علاجية، تشمل الإجراءات الخاصة بالعلاج في الداخل والخارج.
وأوضح المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق أن "السراج أصدر تعليماته بالشروع الفوري في تنفيذ الخطة العلاجية، التي تشمل علاج جميع الليبيين بمختلف أنحاء ليبيا، وضمان الشفافية في الإنفاق، وفقًا للتشريعات النافذة" , وقالت الحمروش في حديثها لـ"الشرق الأوسط" إن "العلاج المقدم لليبيين محدود في الداخل، ومتوفر في الخارج لأسباب، أبرزها الاستنفاع الشخصي للسماسرة، الذين ليسوا فقط متعاقدين مع المستشفيات للعلاج، بل من بينهم (المتعالجون) أنفسهم".
 
وتابعت الحمروش موضحة أن عددًا من الليبيين يستخدمون حجة العلاج للاسترزاق، وذلك بتسلم الأموال المخصصة لعلاجهم من الدول التي يتم إيفادهم إليها (باتفاق مع المسؤولين) عن تسليم هذه الأموال للمصحات العلاجية، وذلك بنسبة متفق عليها بين جميع الأطراف".
 
ولا يتوقف قصور أداء المؤسسات الصحية على نقص الخدمات الطبية أو الدواء فقط , فقد أوضح محمد العزومي، رئيس لجنة تم تكليفها من قبل المجلس الرئاسي بزيارة بلدية الكفرة ومنطقة الشورى الإدارية، انعدام الخدمات الصحية في المرافق الصحية الواقعة في نطاق البلدية والمدينة بسبب تضرر بعض المباني بنسبة تصل إلى 90 في المائة، بفعل المعارك التي شهدتها على مدى السنوات الماضية.
 
وكشف العزومي عن عجز المرافق عن تقديم خدمات صحية مهمة، تتعلق بأمراض النساء والولادة والكلى والأسنان والطوارئ والإسعاف، نظراً لتهالك المباني، وحاجة بعض الأقسام فيها إلى عمليات صيانة جذرية وشاملة، إلى جانب نقص التجهيزات والأمصال والمعدات والأدوية , غير أن وزيرة الصحة الأسبق فاطمة الحمروش رأت أن "انعدام المحاسبة الفاعلة والرادعة، وانتشار الجريمة والسلاح يعيق الإصلاح والتغيير، ويوفر بيئة خصبة للمزيد من الاحتيال والاستغلال، ومزيدًا من البؤس والشقاء والتردّي بين العامة، وما لجوء مركز الأورام للتبرعات إلا نتيجة متوقعة لما ذكرت".

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مستشفيات ليبيا كابوس يضاعف محنة المواطنين مستشفيات ليبيا كابوس يضاعف محنة المواطنين



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 01:30 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاء عامر توضّح أسباب تأخر عرض مسلسل"السر"

GMT 21:02 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد المغربي يحرم الوداد من منحته السنوية

GMT 13:41 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ليلى أحمد زاهر تهنئ هبة مجدي بخطوبتها

GMT 22:26 2017 الإثنين ,04 أيلول / سبتمبر

وفاة فتاة تحت عجلات قطار الدار البيضاء

GMT 09:19 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

شالكه يحصل على خدمات موهبة مانشستر سيتي رابي ماتوندو

GMT 07:52 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

رحيل الممثل المصري ومغني الأوبرا حسن كامي

GMT 12:58 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

فنانات مغربيات يحققن نجاحًا كبيرًا في بلدان الخليج

GMT 09:47 2018 الجمعة ,28 أيلول / سبتمبر

مقتل عارضة الأزياء الشهيرة تارة فارس في بغداد

GMT 22:20 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

العثور على رضيع متخلى عنه في أحد شوارع مدينة وزان

GMT 07:02 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

فوائد العسل الأبيض في نظام الرجيم الغذائي

GMT 08:15 2018 الإثنين ,27 آب / أغسطس

عطور الفانيلا لرائحة منعشة تسحر شريك حياتك

GMT 04:57 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

ظهور دولفين مهجن آخر في هاواي
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya