الرباط - سناء بنصالح
كشف الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، محمد الصبار، عن أنَّ التجارب المقارنة على اختلاف وتنوع استراتيجيات التأطير القانوني للإيقاف الإرادي للحمل تشترك في شروط أساسية تتمثل في ضرورة صدور الطلب على الأم، وموافقتها المستنيرة في جميع الأحوال على القرار، وكذا إجراء عملية التوقيف الإرادي للحمل تحت إشراف طبي.
وحث الصبار في مداخلة له خلال الندوة المنظمة بعنوان: "الإجهاض: التأطير القانوني ومتطلبات السلامة الصحية" في الرباط، الأربعاء، على ضرورة التأمل في التجارب المقارنة المتعلقة بالتأطير القانوني للإيقاف الإرادي للحمل، وعلى سبيل المقارنة فإن كلا من النمسا وبلجيكا أباحتا الإيقاف الإرادي للحمل ابتداء من 1974 و 1990 على التوالي خلال أجل 12 أسبوعًا وما يتعدى 12 أسبوعًا برأي طبي.
وأباحت المملكة المتحدة التوقيف الإرادي للحمل منذ 1967 ورفعت الأجل إلى 24 أسبوعًا، أما إسبانيا التي أباحت الإيقاف الإرادي للحمل منذ 1985 فحددت 12 أسبوعا في حال الاغتصاب و22 أسبوعا في حالة التشوه الخلقي للجنين وفي أي وقت في حال الخطر الكبير على الصحة الجسمانية والعقلية للأم، كما أن فنلندا التي أباحت التوقيف الإرادي للحمل منذ 1970، فقد أرست استثناء بالنسبة لقاعدة أجل 12 أسبوعا وذلك لفائدة القاصرات الأقل من 17 سنة وذلك برفع الأجل إلى 20 أسبوعًا.
وعلى الصعيد الوطني، أكد الصبار أنَّ المادة 453 من القانون الجنائي لا تبيح الإجهاض إلا في حالة المعاناة الخطيرة التي من شأنها أن تضر بصحة المرأة كما تنص نفس المادة على عقوبة سجنية من 2 إلى 5 سنوات للقائم بعملية الإجهاض كيفما كانت مهنته، وكذلك الشأن بالنسبة للمجهضة، غير أنَّ هذا التجريم لا يلغي واقعيًا ممارسة الإجهاض بل يساهم عكس ذلك في مضاعفة ممارسته في ظروف مضرة بصحة المرأة التي تلجأ إليه.
وحسب المعطيات التي قدمتها الجمعية المغربية لتنظيم الأسرة فقد يبلغ عدد عمليات الإجهاض 600 عملية يوميا في حين ترى الجمعية المغربية لمحاربة الإجهاض السري أن العدد يتراوح بين 800 و 1000 حالة يوميا.
وأضاف: فضلا عن كونه يشكل مسًا بحرية النساء، يضع الحد من الحق في الإجهاض النساء في وضعية لا مساواة اجتماعية، مشيرًا إلى أنَّ الفتيات الشابات المنحدرات من الطبقات الوسطى والمحضوضة يمكنهن إجراء عمليات الإجهاض في ظروف جيدة، بالنسبة للنساء المتزوجات، مع العلم أنَّهن لا يلجأن إلى الإجهاض إلا في حالات الضرورة القصوى، فإنه يتيح لهن مواجهة الاكراهات المرتبطة بالحمل غير المرغوب فيه.
وبالنسبة للفتيات المعوزات فغالبا ما تلجأ إلى وسائل تشكل خطرا حقيقيا على صحتهن، وبحكم أنَّ الإجهاض مجرم ومعاقب عليه والاعتراف بالأبوة خارج الزواج ممنوع قانونيًا، تجد الفتيات الشابات غير المتزوجات أنفسهن في خيبة أمل عارمة، إذ يقطعن كل صلة مع أسرهن ومع المجتمع، كما أنَّ العقوبة المجتمعية تكون أقوى تجاه الفتيات المعوزات.
وخلص الصبار إلى أنَّه إذا كان صحيحا أن الإجهاض ليس هو الحل دائما، وأن النساء يلجأن إليه مكرهات، فإنَّه من المفيد أيضا التنويه إلى أنَّ المشرع لا يمكنه الحلول محل النساء واتخاذ القرار بدلًا عنهن، وباعتبار النساء المعنيات الأوائل ويتحملن العواقب الجسدية والاجتماعية والاقتصادية لعمليات الإجهاض غير المؤمنة وللحمل غير المرغوب فيه، فإن للنساء الحق في اتخاذ اختيارات مسؤولة تخصهن لاسيما الشابات المنحدرات من المناطق المهمشة اللائي لديهن الحق في فرصة ثانية وفي المستقبل.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر