يضع عدد من المصممين الجدد الأخلاق صوب عينيه في كل تصاميمه، فلا يعتبرون الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية بمثابة رمزية إضافية ساخرة أو حيلة تسويقية، فبالنسبة إليهم أذكى العلامات التجارية هي تلك التي تتخذ المسؤولية الكاملة عن كل خطوة، في عملية الانتاج، من المورد إلى المصنع وفي بعض الحالات إلى ما بعد طرح المنتج، وستخصص نوافذ سيلفريدغز في شارع أكسفورد في لندن للمصممين الذين يقدمون منتجات مبتكرة، فيما سيمنح أفضل تصميم 3000 آلاف جنيه إسترليني لدعم عمله..
ويهتم هؤلاء المصممون بالجودة أكثر من الكمية، فيتحولون الى جيل جديد من صناع الملابس يجلبون الثقة لبلدانهم، ويجعلون الناس أقل استهلاكا وانتقائيين أكثر، وفي الأسبوع المقبل ستخصص نوافذ سيلفريدغز في شارع أكسفورد في لندن للمصممين الذين يقدمون منتجات مبتكرة وجميلة بطريقة، نظيفة وشفافة في مجال الموضة المستدامة، وسيمنح أفضل تصميم على 3000 الاف جنيه استرليني لدعم عمله.
وتعتبر كاتي جونز واحدة من هؤلاء المصممين ومشاركة في عرض النوافذ، فهي تحب الكروشيه وتنفق حوالي 80 ساعة في العمل على سترة واحدة، في صناعة يدويه معقدة تشاركها فيها أمها أني، ومساعدتها سارا بيز مارتي، وكل ما تنتجه سارة في محترفها في ستراتفورد شرقي لندن هو نتاج من حب العمل وتقول " كل منا لديه تخصصه في العمل، فالي جانب الكورشه أحب الجينز والقطع الجلدية والتي أضيف اليها الكروشيه، وأعتبر أنني أمضي أسعد أوقاتي أثناء العمل."
وتخرجت جونز من سنترال بانت مارتينز وحصلت على ماجستير في التريكو في عام 2013، ولا تحب أن تهدر أي مادة، ولا ترمي أي شيء فهي تستمر في استخدام خيط الصوف حتى أخر قطعة منه، اضافة الى الملابس المستعملة التي تقصها لتعيد تصممها وتضيف اليها القليل من التطريز والحياكة.
وتضم مجموعة ربيع/صيف 2016 لها الكثير من القطع المستخدمة المعاد تصميمها، والجينز المطبوع بنجوم وقلوب متعدد الألوان، المحبوكة مع أزرار وشرائط ملونة، بالإضافة الى فستان صيفي بسيط مصنوع من قطع من الجينز المستطيلة المحبوكة مع بعضه بعضًا بواسطة الكورشيه، وينبع نهج جونز من فكرة أن الكوكب لا يتحمل المزيد من الاستهلاك الغير مبرر والنفايات المفرطة، ولكنها لا تعتبر نفسها في مهمة لإنقاذ العالم.
وتشير " عند العمل مع الاستدامة يصبح الانسان بين خيارين يختار منهما ويقرر الشيء الذي يود أن يستهدفه بالتغيير، والشيء الذي نركز عليه هو اعادة استعمال النفايات، وبالتالي ابتكار وتقديم شيء جديد دون الحاجة لاستخدام أقمشة جديدة، بطريقة يدوية وجميلة."
وتقدم كل من مارغو بومان وديانا دوريا مجموعتهما من ملابس السباحة، فدوريا تعرف كيف تصنع أكثر ملابس السباحة اغراء، فيما يعرف بومان كيف يجعلها تبدو أنيقة وبراقة، ويقدمان مجموعتهما من مادة البوليمايد المعاد تدويرها 100%، ويشرح بومان بفخر " البوليمايد من الأنسجة الجديدة التي تأتي من مشاريع في جميع أنحاء العالم أحدها في الفلبين، حيث يشارك الصيادين في جمعها ثم اذابتها لتبدأ دورة حياة جديدة كاملة لها، تنتهى بكونها ملابس للسباحة معاصرة ومثيرة أنتجت بطريقة ذكية."
وأطلق الاثنان علامتهما التجارية لملابس السباحة بعد أن حصلا على شهادتيهما من كلية لندن للأزياء في عام 2012، حيث تخصصا في تصميم الملابس الداخلية وملابس السباحة، واتت فكرة الاتجاه نحو الأزياء المستدامة عندما كان بومان يعمل مصمم غرافيك لاحدى المجلات التي تشجع العمل مع مصممي الأزياء المستدامة، فقرر الاثنان العمل معا، " وتقول دوريا " أحب فكرة جعل المرأة تشعر بالعظمة تجاه جسمها، وخصوصا اذا كانت ترتدي قطعة من مواد معادة التدوير." ويضيف بومان " العديد من الناس لا تعرف شيئا عن البيئة." وتأتي تصاميمها بألوان مرحة وجذابة، ومريحة في الوقت نفسه.
وتمتلك المصممة مارتينا سبيتلوفا مورد مواد خام تعرفه، يزودها بالمواد الجلدية، فالجلود المصنوعة يدويا تميز تصاميمها، وبالرغم من أن الجلد ليس من أكثر المواد استدامة، الا أن مارتينا عملت على مدار العام الماضي مع مركز الموضة المستدام لجعل الاعمار التجارية الخاصة بها أكثر استدامة بقدر استطاعتها، وتصر على استخدام الجلود الطبيعية فهي أحيانا تعمل مباشرة مع المسالخ، وتشير " من المهم بالنسبة لي أن يكون الجلد طبيعي، فانا لا أتعامل مع الفراء أو الجلود الغريبة، وأعتمد على جلد الغنم والضأن والبقر بالأساس."
وبدأت أخيرا بالتعاون مع مصنع ايكو للدباغة وهو المصنع الاكثر صداقة للبيئة في هذا المجال في العالم، فيقوم بتشغيل انتاجه على 75% من الوقود الحيوي، ويمتلك سياسات صارمة للمياه في المكان، فايكو تمدها بالجلد وهي بدورها تعمل مع ورشة عمل ايكو في هولندا لتجربة جلودها.
وأوضحت "الجلود مادة صعبة وثمينة للغاية، لذلك من المهم أن أعرف المكان الذي يأتي منه." وتتجه مارتينا التي درست الكيمياء في جمهورية تشيك قبل أن تنتقل لدراسة الازياء في سنترال سانت مارتينز في لندن الى العمل نحو خلو انتاجها من النفايات، فهي تستخدم الكمبيوتر لقص الجلود وبالتي عدم وجود أي فائض، وفي حال وجوده تتبرع به لكليات الأزياء لكي يستخدمها الطلاب، وتعمل بالتعاون مع مصممين في التشيك الى جانب ورشة هولندا، وبالتالي تخلق مشروعا أوروبيا عابر للدول.
وتؤمن فستن شتاينميتز ألا منتج يمكن أن يكون مستدامًا 100% ولكن على الأقل يجب على المرء أن يحاول، وبدأت الحياكة في المقام الاول كي لا تجعل كل القطع تبدو وكأنها من هاي ستريت، فلو كان الانسان يحب أن ينفق المال على شراء قطعة ملابس فعليها أن تكون مميزة، وتعلمت الحياكة بنفسها من خلال فيديوهات على يويتيوب، فبدأت بإنتاج نسختها الخاصة من ملابس اديداس الرياضية ثم انطلقت الى زوج من الجينز، وأطلقت أول مجموعة خاصة بها في عام 2013، وتحب أن تبدو الملابس العادية وكأنها غير عادية.
وأشارت " عندما يتحدث الناس عنا وعن الاستدامة، فهم يتحدثون بالأساس عن الحياكة اليدوية الصعبة، ولكن بالنسبة لي أحب أن تأخذ قطعة الملابس وقتا طويلا في صناعتها، فالاستهلاك المفرط هو أسوأ ما يحدث لهذا الكوكب في الوقت الحالي." وتسعى في المستقبل لأن تمتلك علامة تجارية قائمة على الملابس المستدامة.
وفي عام 2009، غادر دافيد وكارل هيات هاوي و بدأ بإنتاج شيء جديد مع علامتهما التجارية التي أسساها في عام 1995، وفي ذلك الوقت وجد ديفيد نفسه في مهمة جديدة وهي اعادة صناعة الجينز التي قدمت عملا لحوالي 400 شخص في بلدتهم كارديغان ويقول " اعتادت بلدتنا على صناعة الجينز، وكانت تضم أكبر مصنع في بريطانيا، يصنع 35 ألف قطعة في الأسبوع، وفي عام 2011 أغلق المصنع، وأصبح 4900 عامل بلا عمل، وكانت وظيفتنا أن نعيد لعم أعمالهم."
ويستطيع المصنع اليوم صناعة 100 قطعة في الأسبوع يعمل عليها 15 شخص، ويير " أنا أتفق مع بيل غيتس في أننا نبالغ فيما يمكننا عمله في سنة واحدة، ولكننا نقلل فيما يمكننا عمله في 10 أيام، وأتمنى مع حلول السنة العاشرة أن نكون اقتربنا من اعادة العدد الكامل للمصنع." وتأخذ كل قطعة في مصنعهم 80 دقيقة في 75 عملية، لتنتج قطعة يمكن أن تستمر طويلا، ويحمل زبائن المصنع الولاء له فهم يستمرون في شراء منتجاته لجودتها ولدعمه في نفس الوقت.
وسيشجع الشقيقان ضمن مشروع نافذة سيلفريدغز على عدم غسل الجينز الخاص بهم لمدة ستة أشهر على الأقل، فهما يعتقدان أن بهذه الطريقة يقلل الناس من الماء المهدور في الغسل، وفي الوقت نفس الحفاظ على طابع الانسان الشخصي على القطعة، فكل بقعة وكل خط عليها ظهر من يوميات وحياة الانسان.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر