رغم الانفتاح الذي شهده المجتمع الموريتاني على المجتمعات الأخرى الغربية والعربية فإنه بقي محافظا على خصوصيته الثقافية في إطار يشوبه الحذر من كل ما هو جديد منطلقا من الخصوصية الاجتماعية والمرجعية الدينية المحافظة على التراث والأصالة والتي لا تبغي دونهما بديلا.
التغيرات التي طرأت على سلوك المجتمع بالتزامن مع الطفرة التكنولوجية في وسائل الاتصال والتواصل طالت البيت الموريتاني والحياة اليومية للأفراد مستثنية بذلك الزي التقليدي الذي ظل متمسكا بمكانته حتى اليوم، وإن طرأت في تصاميمه محاولات لمسايرة الموضة لكنها بقيت في إطار شكلي كالزخرفة والألوان دون المسّ بماهية الثوب وقالبه العام.
الملحفة
تمتاز الملحفة وهي الثوب التقليدي للمرأة الموريتانية بكونه ثوبا من ثلاثة أمتار ونصف المتر طولا ، أما عرضه فلا يتجاوز مترا واحدا وستين سنتيمترا، تلبسه المرأة في حلها وترحالها في البادية أو المدينة كجزء من خصوصيتها الأنثوية وترتديه نساء موريتانيا عموما باستثناء نساء الضفة الأفريقيات اللاتي يرتدين ثوبا شبيها ب"الدراعة" (ثوب الرجل) بلونيين مختلفين هما الأزق والأسود مع فتحة واحدة عند العنق.
الملحفة لم تشهد تغيرا ملموسا في هيئتها العامة باستثناء نوعية القماش التي بدأت تغزو الأسواق كمسايرة للعصر تطريزا ولوانا.
ويمكن تقسيم أزياء الموريتانيات إلى عدة أنواع، منها "كاز" و"الخياطة" و"الطلب" وهي الأثواب التي تستعمل بشكل دائما في الحياة اليومية.
أما "أكنيبه" و"سوار" و"لمفتله" و"أبرسي" فهي غالية الثمن ولذالك يتم ارتداؤها في المناسبات الاجتماعية كالحفلات الأعراس وغيرها.
ويتميّز الثوب عموما بالحشمة والوقار مع الذوق والبساطة ومع مرور الزمن تأقلمت الموريتانية عمليا مع الثوب، حيث أصبحت تزاول به مختلف الأعمال المنزلية والإدارية دون الشعور بالإزعاج أو الحرج في ظل عصر السرعة الذي يستدعي الخفة والسلوك العملي.
الدراعة
الثوب التقليدي للرجل الموريتاني وهو عبارة عن ثوب فضفاض له فتحتان واسعتان على الجنبين، وله جيب على الصدر، وهو عادة ما يكون بأحد اللونين الأبيض أو الأزرق ويصنع من مادة القطن وهو نوعان: "بزاه" و"الشكة" وهما مسميان يطلقان على نوعية الثوب أي القطن المستعمل في صناعته ماهية الثوب والتي تسمح بخاصية امتصاص العرق ودخول الهواء إلى الجسم وذلك تماشيا مع الجو الصحراوي الجاف.
ويتزين الثوب بتطريزات حول الرقبة وعلى الصدر تمتاز بالأناقة وتساير خطوط الموضة المتعارف عليها محليا.
ويتم تصميم وتطريز الدراعة الموريتانية محليا بطريقة خاصة إما يدويا حيث تستغرق خمسة عشر يوما في عملية الخياطة بالإبرة التقليدية أو بالماكينات العصرية حيث لا تستغرف سوى ساعات، ومع أن حجم الثوب وتصميمه غير عملي بالمقاييس الحالية فإن الرجل الموريتاني يعتبره القرين المفضل الذي لا يمكن الاستغناء عنه.
ولا يتخلى عنه إلا في بعض المناسبات لضرورة العمل والدراسة، ورغم ذلك فإن "الدراعة" تبقى هي الطاغية على ملابس الرجال في موريتانيا
اللثام
يعتبر ميزة ثقافية لشعوب جنوب الصحراء وشمال أفريقيا إلا أنه في موريتانيا يسود اللثام الكامل حيث لا يظهر سوى العينين.
ويختلف الموريتانيون في أوقات استخدامه فالبعض يستعمله عندما تسوء الأحوال الجوية ويطغى الغبار المحمل بالأتربة على الجو العام، وآخرون يلبسونه في مجلس شيخ جليل تعبيرا عن التقدير والاحترام وتستخدمه فئة أخرى بسبب الصلع أو الخجل الاجتماعي.
كما أن هناك توظيفا آخر للثام يتمثل في الوقاية من أشعة الشمس كذلك استعماله كلحاف بسيط عند النوم صيفا أو منشفة عند الوضوء، أما في البادية والصحراء فيستخدم حبلا لعقل الإبل وجلب المياه بالدلاء من الآبار، هذا فضلا عن قيمته الجمالية المصاحبة لثوب "الدراعة".
الزي التقليدي الموريتاني صمم في الأساس بصورة مريحة لسكان الصحراء ليتناسب مع المناخ المتقلب لطبيعة الأجواء ولذاك فهو فضفاض عموما مع مراعاة تأثير الخلفية الدينية في شكله العام.
ويعتير الموريتانيون هذه الملابس بمثابة عنوان وخصوصية تعكس جزءا من ثقافتهم وعاداتهم التاريخية والتراثية.
الزي التقليدي الموريتاني كان وما زال حسب المختصين في البنية الاجتماعية أكثر من زي أو لباس تقليدي وعصي على محاولة استبداله بآخر أكثر مسايرة للعصر ومتطلباته مستعينا على تلك الخطوات بالخصوصية الاجتماعية والدينية للمجتمع الموريتاني.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر