رمزية الكوفية الفلسطينية تأسر قلوب الملايين حول العالم
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

الزعيم الراحل ياسر عرفات ظل يعتمرها طوال حياته

رمزية "الكوفية الفلسطينية" تأسر قلوب الملايين حول العالم

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - رمزية

ياسر عرفات
غزة ـ كمال اليازجي

تجاوزت الكوفية الفلسطينية (البيضاء والسوداء المرقطة) حدود الجغرافيا، ولم تعد حكراً على الثائر الفلسطيني، بل وصلت إلى قلوب الملايين في العالم، ليس فقط لكونها رمزاً فلسطينياً تكرّس منذ ثورة عام 1936، وتعزّز بقيام الثورة الفلسطينية الحديثة وإنشاء حركة فتح، أو لارتباطها بالزعيم الراحل ياسر عرفات الذي ظل يعتمرها متّخذة شكل خريطة فلسطين التاريخية حتى رحيله، بل لكونها كانت، ولا تزال، رمزاً جمالياً أيضاً، يأسر قلوب الشابات أينما حلّ "المناضل" الفلسطيني بكوفيته من عمّان، إلى بيروت، ودمشق، والجزائر، وحتى أوروبا، لتكون في حالات كثيرة جسراً رابطاً لعلاقات حب تُوّجت بزيجات. فالحديث هنا ليس عن "نظرة فابتسامة فلقاء"، بل "كوفية فإعجاب فحكاية عشق متواصل".
وقال أحد المقاتلين في ثمانينات القرن المنصرم، لصحيفة "الحياة" التي نشرت تقريرًا عن الكوفية، إنه تعرف إلى زوجته في بيروت بعد مغادرة "الفدائيين"، خصوصًا "الفتحاويين" منهم، وكيف "انبهرت" به آنذاك، وكانت الكوفية لا تفارقه كالوشم على عنقه. وتحدث الرجل باستفاضة عن كاريزما شباب تلك الحقبة، خصوصاً إعجاب الفتيات بهم في البلدان التي تشتتوا فيها بعد اجتياح بيروت عام 1982، حتى بات الفلسطيني "فارس أحلام" تتعمد الصبايا التقرّب منه ولو على خجل، قبل أن يرتدين بدورهن الكوفيات، و"هو ما توّج بزيجات كثيرة للفلسطينيين من فتيات من بلاد الشام، وتونس وأوروبا الشرقية... وأنا أحدهم" على ما يروي محدّثنا.
 
المصنع الأول
كان رواج الكوفية الفلسطينية منذ ستينات القرن المنصرم، دافعاً للحاج ياسر الحرباوي، إلى تأسيس مصنع لإنتاجها في عام 1961 في مدينة الخليل، أي حتى قبل انطلاق الثورة الفلسطينية وتأسيس حركة "فتح" في 1965، لـ"يغطي حاجة السوق المتصاعدة داخلياً وخارجياً على طلب الكوفية"، حسب قول ابنه جودي، الذي يدير المصنع حتى اليوم، على رغم صعوبات التسويق، وانخفاض طاقة المصنع الإنتاجية. ولفت الإبن إلى أن والده لمس الطلب المتزايد على الكوفية الفلسطينية، فقرر الاستغناء عن استيرادها من الخارج، وإقامة مصنع لحياكتها محلياً.
وأضاف الحرباوي: "بدأ المصنع بآلتين، بعدها أخذ يكبر ويتطور حتى بات يحتوي على 15 آلة، وغطى حاجة السوق المحلية والخارجية على السواء، إلا أن المصنع فقد الكثير من طاقته الإنتاجية بسبب غزو الكوفيات الملوّنة، لا سيما أنها بخثة الثمن لكونها ليست بجودة الأولى، وكونها تحوّلت إلى "موضة" بين الشبان والفتيات". ويصر الحرباوي على أن العمل مستمرّ في المصنع لإنتاج الكوفيات الفلسطينية بأيدٍ فلسطينية ولو بالشيء اليسير، لقناعته بأن "مجدها سيعود، وستكتسح الأسواق مجدداً، على رغم محاولات التزييف والسرقة الإسرائيلية التي تروّج للكوفية على أنها إسرائيلية، مستبدلة الأبيض والأسود فيها، بالأبيض والأزرق والنجمة السداسية، باعتبارها إرثاً إسرائيلياً".
 
سرقة إسرائيليّة
وأشار الباحث الفلسطيني نبيل علقم، إلى أن الإسرائيليين باتوا ينتهجون أساليب عديدة لاستلاب الرموز التي تشكل الهوية الفلسطينية، كما يلجأون إلى تخريبها وتشويهها. ويتوقف نوع الأسلوب المتبع على ماهية الرّمز، فبعد أن تحولت الكوفية الفلسطينية أو "حطة" أبو عمار، إلى رمز يعتمده مناصرو القضية الفلسطينية أيضاً، أخذت المصانع الإسرائيلية تنتج الكوفية وتعمّمها على أنها مجرد موضة. وفي خطوة أخرى لاستلاب هذا الرمز الفلسطيني، قام مصممان إسرائيليان بتصميم كوفية بألوان علم إسرائيل ونجمة داود، وقالا إن هذا التصميم يدخل في إطار الاندماج في حيّز الشرق الأوسط!".
أما أستاذ الأنثروبولوجيا السابق في جامعة بيرزيت، شريف كناعنة، وله مؤلفات عديدة لتوثيق التراث الفلسطيني أبرزها كتابه "قول يا طير"، فأشار إلى أن "من مصلحة إسرائيل تذويب الرموز الوطنية الفلسطينية، وليس غريباً مساعيها لتزوير الكوفية"، لكنه شدّد على أن "رمزية الكوفية الفلسطينية من رمزية صاحبها، وهو أبو عمار، ومن هنا دخلت التراث الفلسطيني"، مطالباً المسؤولين بالحرص على ارتداء الكوفية، وبخاصة في المحافل الدولية، لتذكير العالم بالقضية ورموزها".
وشدّد اللواء توفيق الطيراوي، عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، في حديث إلى "الحياة"، على أن الكوفية أكثر من مجرد رمز للقضية والثورة الفلسطينيتين، فهي جزء أصيل من روح المقاوم التي يجب أن تتعمق في الجيل الشاب. وقال: "الكوفية مسؤولية، ومن يرتديها يجب أن يكون على قدر ما تحمل من رمزيات متعددة، بدءاً بالأخلاق والسلوك والانتماء للأرض والقضية".
وإن بات حضور الكوفية موسمياً بعض الشيء، ويرتبط بفصل الشتاء حيث تستعمل كوشاح للوقاية من برد فلسطين القارس، وهي عادة متوارثة من كبار السن، تراها اليوم في المناسبات الوطنية، وبخاصة إحياء ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية وحركة "فتح"، أو ذكرى استشهاد الزعيم ياسر عرفات، أو في مناسبات حديثة كتوجّه القيادة الفلسطينية إلى تثبيت فلسطين دولة في الأمم المتحدة، إلا أن سحرها وعبقها لا يزالان يحركان القلوب قبل العقول. وهي إلى ذلك، شقت طريقها إلى دور الأزياء العالمية، وباتت رمزاً لحركات التحرر ضد الطغيان بكل أشكاله، أو وسيلة للتضامن مع عدالة القضية الفلسطينية، كما يفعل العديد من نجوم السينما وكرة القدم العالميين، وغنى لها الفلسطينيون كثيراً من الأغاني، وأبرزها "عليّ الكوفية" للنجم محمد عساف، التي باتت أشبه بنشيد وطني.

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رمزية الكوفية الفلسطينية تأسر قلوب الملايين حول العالم رمزية الكوفية الفلسطينية تأسر قلوب الملايين حول العالم



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 01:11 2016 الخميس ,01 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب الرفاعي يؤكد أن مكتبة الإسكندرية تضم الكتب النادرة

GMT 12:05 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 22:28 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

الرجاء يعلن تأجيل مباراته أمام الدفاع الحسني الجديدي

GMT 19:25 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

بركان يواجه الاتحاد الليبي في كأس الكاف

GMT 01:05 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

رابطة المحترفين الجزائري يصفون تصرف زطشي بغير القانوني

GMT 11:29 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

الدبلوماسية المغربية توجه ضربة جديدة لجبهة "البوليساريو"

GMT 01:51 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

سيارة كادت أن تخترق واجهة مقهى في طنجة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya