الوجه الدامع لمطربات الكباريهات محرومات من دفء الأسرة
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

هن مبدعات الليل وضحايا مجتمع لا يلتفت إلى نجومه

الوجه الدامع لمطربات "الكباريهات" محرومات من دفء الأسرة

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - الوجه الدامع لمطربات

صورة من الأرشيف لكباريه في المغرب
الدار البيضاء - سعيد بونوار

  هن لسن كائنات من عالم آخر، هن لا يرمقن الشمس إلا لِماماً، هن لا يجلسن على مائدة الإفطار برفقة الزوج والأبناء، لا يشاهدن نشرة الأخبار الأخيرة ولا يقصصن لأبنائهن حكايات الذئب وليلى، يبدأن نهارهن عندما ينتهي عند الآخرين، ويبدأ ليلهن مع بزوغ شروق جديد، هن يمشين عكس عقارب الساعة والمجتمع والأعراف والطبيعة، هن باحثات عن خبز بين نيران حارقة. هن نساء يتوشحن بالسواد، يتسللن في خلسة، ويعودنّ دون أن يزعجن النائمين، هن مبدعات الليل، وضحايا مجتمع لا يلتفت إلى نجومه هن صناع الفرح، المكتويات بنار الحاجة، هن الوجه السعيد لأمة تفتح نوافذها وأوكارها لعشاق السهر، هن محاربات الخفافيش المسلحات بالأحلام والأوهام والوعود التي لا تتحقق، هم..هن نجوم الليل.
  عندما تطاردك الأحزان، وتلاحقك الهموم، تحمل آلامك وتقصد علبة ليل، أو مطعما أو منتزه فندق..هناك تجدهن في انتظارك، مستعدات لطي مشاكلهن نظير إسعادك، متأهبات لقتل الكرب الذي يعتصر فؤادك، يغنين لك أعذب الألحان دون أن يجدن ما يغنيهم عن مذلة الاستجداء بـ"يافطة" "النقطة أو "لغرامة" بتعبير المغاربة، يعزفن لك على أجمل الأوتار دون أن تتدخل أنامل الإنقاذ من أجل الالتفات إلى فئة من الفنانين والفنانات المواطنين المحرومين من الحق في العمل في النور.
  عصافير تصدح، فلا تجد غير أقفاص الاستغلال في انتظارها كل يوم، ومزامير تطلق أعذب الأنغام فلا تجد غير من يكسر صلابتها بكلام الليل الذي لا يمحوه النهار.. هن أيضا يتألمن وخير عزاء "الله يعفو علينا وعليهم".
   قبل أن يرخي الليل سدوله داعيا الأجساد إلى الاسترخاء والنوم، تتسلل مغنيات وراقصات من دروب أحيائهن الشعبية في اتجاه ملاهي وكباريهات المدينة، ولعل أشهرها "عين الذئاب"، فنانات بعضهن مشهورات ولكن انحسار فرص العمل يدفع بالكثيرات منهن إلى كهوف الكباريهات حيث يتجرعن فنونا من التعذيب.
  تجمع فنانات الليل على أن ابتساماتهن للزبائن وهن يغنين أو يرقصن إنما تخفي جبالاً من الآلام، كلهن راغبات في البقاء في البيت في أحضان الأسرة، أو الظفر بمهنة نهارية تنتهي على مائدة العشاء مع الأبناء، ولكنه القوت المر الذي يدفعهن إلى كسب يجمع المجتمع على أنه حرام أو هو غير شريف.
   وتروي مطربة "كباريه" مشهور لـ"المغرب اليوم" "معاناتنا مع الأجرة تفوق بكثير معاناتنا من الزبائن الذين في أغلبهم سكارى ومجرمون ولصوص بأزياء مختلفة يأتون إلى الكباريهات لنسيان جرائمهم".
  وتضيف "لا أخفيك سرا أن أجرة أشهرنا لا تتعدى 30 دولاراً في اليوم (250 درهما مغربيا)، وأيام اشتغالنا لا تتجاوز الجمعة والسبت ولا نملك أي حقوق أخرى بالشكل الذي يملكه مهنيون في وظائف أخرى يداومون ما بين التاسعة صباحا إلى ما بعد الظهيرة".
  وتوضح صديقتها "نحن في حياة الليل كالمقامرين، كل يوم نقول إن غدا سيكون الأفضل، والواقع أن كباريهات المغرب لم تعد كما كانت في السابق، القادمون من الخليج باتوا يفضلون دول آسيا أو برامج" خليك في البيت"، والمحليون مستعدون للشجار والعراك وسفك الدماء أكثر من الدفع للمطربات أو الراقصات".
  سيناريو ألم يومي، ينتهي في كثير من الأحيان في أقسام الشرطة، وتكون فيه المطربة إما شاهدة أو ضحية، فعشاق السهر لا يميزون بين الفنانة المحترمة التي تدفعها الظروف إلى العمل في الليل، وبين من تعرض جسدها للبيع"، وكلاهما ضحايا فقر أو نزوة.
  مطربات وفنانات الليل بعيدات عن الواقع، وكثيرات لا يعلمن بخبر أو حادث إلا في الأعياد الدينية حيث تغلق هذه العلب أبوابها، المتزوجات وهن فئة قليلة لا يعلمن شيئا عن أبنائهن، والعازبات ينتظرن الارتباط بمن ينقذهن من براثن السهر أو شريك حياة من العاملين في المجال نفسه لتكون حياتهم جولات ملاكمة وخصاماً كل يوم، ولا غرابة أن تكون أكثر نجمات الليل مطلقات.
  اعتبرت النقابة الحرة للموسيقيين المغاربة أن الفنانين والفنانات الذين يعملون في الأماكن العمومية والملاهي الليلية لا حقوق لهم، في غياب وزارة التشغيل ومفتشي الشغل.
 وطالبت النقابة، في بيان صادر في الموضوع، وزير التشغيل والتكوين المهني بمناقشة حالة هذه الفئة من الفنانين، وأكدت أن "ما تتعرض له الشغيلة الفنية من إهمال ولا مبالاة واستغلال من طرف أرباب الملاهي الليلية والفنادق لا يعرفه ولا يحس به إلا هؤلاء الفنانون الذين حكمت عليهم ظروفهم بالعمل في الأماكن العمومية، في ظروف قاسية ويقضون ليالي وأعواماً طويلة بلا تقاعد ولا تغطية صحية ولا عطل ولا تعويضات".. بل إنهم يعملون وأجرهم هو "النقطة" بلغة المشارقة أو "لْغْرامة" عند نظرائهم المغاربة.
  وقال نقيب نقابة المهن الموسيقية أحمد العلوي إن وضعية الفنانين الذين يعملون في الملاهي الليلية ظالمة وأن الفئة سالفة الذكر تعاني من ظلم واستغلال بشِع من لدن أصحاب هذه  الأماكن الترفيهية.
  هكذا تجتمع هموم الدنيا فوق رؤوس نجوم الليل، ممن يعتقد الكثيرون أنهم يعيشون في فضاءات السعادة والترويح عن النفس.

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوجه الدامع لمطربات الكباريهات محرومات من دفء الأسرة الوجه الدامع لمطربات الكباريهات محرومات من دفء الأسرة



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya