“السينماتيك فرنسيز” يحتفي بأعمال يوسف شاهين بعد عقد من رحيله
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

شق طريقه إلى الغرب باكرًا ونأى بنفسه عن السائد ليبقي مصريًا

“السينماتيك فرنسيز” يحتفي بأعمال يوسف شاهين بعد عقد من رحيله

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - “السينماتيك فرنسيز” يحتفي بأعمال يوسف شاهين بعد عقد من رحيله

المخرج المصري الراحل يوسف شاهين
باريس ـ المغرب اليوم

يستمرّ “سينماتيك فرنسيز” بتقديم معرض المخرج المصري الراحل يوسف شاهين يوميًا من الثانية عشرة ظهرًا، مع ديكورات وتصاميم ملابس وملصقات وأفلام يوفرها المركز الفرنسي الذي لا غنى عنه لأي سينمائي قديم أو حديث منذ الرابع عشر من نوفمبر (تشرين الثاني)، العام الماضي، وينتهي في الثامن والعشرين من يوليو (تموز) المقبل.  

وخلال هذه الفترة كان عرض أعمالًا لعدد كبير من السينمائيين العالميين، من بينهم أفلام المخرج السويدي إنغمار برغمن، والمخرج الفرنسي رينيه كليز، والممثلة الأميركية جين فوندا، والممثلة والمخرجة الفرنسية فاليريا بروني تديشي، والمخرج الأميركي بيلي وايلدر، والمخرج الإيطالي ألبرتو لاتوادا من بين رهط كبير آخر.

في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي أقام مهرجان الجونة حفلًا خاصًا لموسيقى أفلام شاهين، عارضًا مقتطفات من أربعة أفلام. وقامت “مدينة الثقافة التونسية” بإقامة معرض صور له للمناسبة ذاتها. كما قامت صالة “زاوية” في القاهرة بعرض أفلام للمخرج العريق للمناسبة ذاتها شهدت، فيما أفادت الأنباء التي وردت آنذاك، إقبالًا كثيفًا من جمهور لم يعاصر تمامًا أعمال المخرج السابقة.

- شاهين في “كان”

شق شاهين طريقه إلى الغرب باكرًا كما يشهد مهرجان “كان” السينمائي ذاته. ففي عام 1951 قدّم فيلمه “ابن النيل” (ثاني أفلامه) على شاشة المهرجان الفرنسي داخل المسابقة. بعد ثلاث سنوات عاد بفيلمه الثامن “صراع في الوادي” ثم غاب طويلًا عن المهرجان الفرنسي (وإن قصد مهرجان برلين بفيلمه “باب الحديد” سنة 1958)، حتى عاد إليه في “الأرض” (1970) ولاحقًا (وخلال السنوات المتوالية) “العصفور” (1973) و”وداعًا بونابرت” (1985)، و”الإسكندرية كمان وكمان” (1990)، و”المصير” (1997)، و”الآخر” (1999)، و”القاهرة” (2001)، و”الإسكندرية - نيويورك” (2004). ومنحه المهرجان جائزة خاصة عن مجمل أعماله الأمر الذي لم يتكرر له مع أي مهرجان رئيسي آخر.

للتأكيد، لم يكن شاهين المخرج المصري الوحيد الذي وطأ عتبات “كان” عارضًا أفلامه في المسابقة أو في أقسامها الموازية. قبله اختار المهرجان الفرنسي فيلم “دنيا” لمحمد كريم لعرضه في مسابقة دورة 1947. بعد عامين جاء دور صلاح أبو سيف بفيلم “مغامرات عنتر وعبلة” (المسابقة). فيلم كمال الشيخ الممتاز “حياة أو موت” كان رابع فيلم مصري يعرضه “كان” في مسابقته، أي مباشرة بعد “ابن النيل” ليوسف شاهين. عاد صلاح أبوسيف لمرّة ثانية وأخيرة عبر “شباب امرأة” (1956)، وعاد كمال الشيخ بفيلم “الليلة الأخيرة” (1964). وخلال ذلك شهدت أفلام مصرية أخرى لهنري بركات (“الحرام”، 1965) وعاطف سالم (“سنوات المجد”، 1965) وعاطف الطيب (“الحب فوق هضبة الهرم”، 1985) ومحمد خان (“عودة مواطن، 1997) ويسري نصر الله (“باب الشمس”، 2004) وتهاني راشد (“البنات دول”، 2006) وصولًا إلى أبو بكر شوقي الذي دخل مسابقة “كان” بفيلم “يوم الدين” في العام الماضي.

- المقابل المختلف

لكن الجمهور الغربي تآنس مع أفلام يوسف شاهين وأقبل عليها أكثر من أي مخرج مصري آخر. الواضح أن التآلف بين الجمهور الفرنسي، على الأخص، والعالمي، بشكل عام، تمحور حول أفلام يوسف شاهين أكثر من أي أفلام أخرى لأي مخرج عربي آخر، وهناك سبب مهم وأساسي لذلك تكشفه أفلام يوسف شاهين ذاتها. فالمخرج الذي وُلد في الإسكندرية سنة 1926، عرف كيف ينأى بنفسه عن السائد المصري، وأن يبقى مخرجًا مصريًا في الوقت ذاته.

يوسف شاهين حقّق أفلامه المصرية في أحداثها وشخصياتها بصياغة أجنبية عرف كيف يتسلل إليها حال فك قيوده مع الشكل التقليدي للفيلم المصري، وذلك منذ سنوات مبكرة في حياته السينمائية التي شملت 38 فيلمًا ما بين 1950 و2007، ونلحظ كذلك كم أن هذا المخرج الذي انطلق للعمل شابًا في السادسة والعشرين من العمر حافظ على استقلاليته الفكرية والفنية ومبادئه في صياغة الفيلم الذي يريد، حالما وقف على قدميه من بعد أفلام أولى تقليدية.

هذه الأفلام التقليدية بدأت بفيلم “بابا أمين” (1950)، وشهدت “ابن النيل” (1951)، و”المهرج الكبير” (1952)، و”سيدة القطار” (1952)، و”نساء بلا رجال” (1953)، و”ودعت حبك” (1956)، من بين أخرى، فبعض هذه الأفلام كان ذا بصمة شاهينية واضحة، خصوصًا “سيدة القطار” و - لاحقًا - “صراع في الوادي” و”صراع في الميناء” (1954 و1956 على التوالي). لكن يوسف شاهين جديدًا وُلد بالفعل سنة 1958 بفيلم “باب الحديد” الذي أدّى فيه دورًا رئيسيًا كذلك أمام هند رستم وفريد شوقي.

بعد هذا الفيلم عمد شاهين إلى الأفلام التاريخية والموسيقية كما الدراما العاطفية، فحقق “الناصر صلاح الدين” (1963)، و”بيّاع الخواتم” (1964)، و”رجل في حياتي” (1961)، لكنه بعد خمس سنوات من “باب الحديد” عاد إلى الواجهة العالمية بأول فيلم من سلسلة سياسية تبحث في أوضاع الوطن عبر حقبات متعاقبة. هذا الفيلم كان “الأرض” (1969) الذي شحن فيه الأجواء بمشاهد استماتة الفلاح بأرضه تحت عبء الإقطاع الذي كان سائدًا وقت أحداث الفيلم (قبل ثورة 1952).

- صوب الذات وعكسها

هذا المد السياسي تابعه المخرج في “الاختيار” (1974)، وفي “عودة الابن الضال” (1976) وكلاهما جاء محمّلًا بالرمزيات الفاضحة لمشكلات المجتمع، بصرف النظر عن الفترة الزمنية التي يتناولها كل فيلم.

وكان حقق سنة 1971 فيلم “العصفور” الذي نقل فيه الأحداث إلى الفترة التي سبقت وتبعت استقالة الرئيس جمال عبد الناصر بعد هزيمة عام 1967، وعودته عن تلك الاستقالة. فيلم “العصفور” بقدر ما كان مؤرِّخًا لتلك الفترة كان تحذيرًا من نتائج ما حدث في فترة سادت فيها الأحلام الكبيرة على الرغم من خروج الناس إلى الشوارع للتعبير عن رفضهم للهزيمة وللاستقالة معًا. هنا قال شاهين كلمته النقدية لعصر وعد وخاض وخرج من التجربة بآلام كبيرة. في الوقت ذاته، عكس ذلك المقدار من الوقوف إلى جانب الإنسان العادي الذي آثر الاستمرار في النهج السابق على أن يترك أحلامه تندثر بسبب أخطاء القيادة.

لم يُفهم “عودة الابن الضال” (1976) على هذا النحو لكنه احتوى ذلك النقد للأرضية بشقيها السلطوي والدنيوي. على أن هذا الفيلم لم ينل ما يستحقه من احتفاء نقدي بعد، رغم أنه احتوى على التمهيد اللازم لانتقال شاهين إلى كل تلك الأعمال المقبلة التي سادتها النزعة الذاتية. فهو يدور عن الذات والذات الأخرى... متلازمتان حتى التشابه الكلي ومتناقضتان في الاتجاه العاطفي والنفسي.

بعده قرر شاهين، سنة 1979، أن الوقت حان ليتكلم عن نفسه بوضوح أكثر، وهكذا وُلد “إسكندرية ليه”؟ و”حدوتة مصرية” (1982) و”الإسكندرية كمان وكمان” (1990) و”إسكندرية - نيويورك” (2004)، وتخلل هذه الأفلام “الآخر” (1999)، و”سكوت حنصور” (2001)، وقبل ذلك “المهاجر” (1994)، و”المصير” (1997). لكن من العبث اعتبار أن كل هذه الأفلام كانت - فنيًّا - متساوية.

كل ما سبق نسيج مكّن يوسف شاهين من تكوين صوته الخاص، لا في السينما المصرية والعربية فقط، بل في السينما العالمية. استخدم شاهين لغة مؤلفة من مفردات أجنبية ليتحدث عن شؤون مصرية، ومن بين هذه المفردات تحويل الاهتمام من الموضوع العام إلى الخاص ومنح أعماله الصفة الذاتية التي انتقدها عليه سينمائيون مصريون كثيرون، لكن الغرب فهمها وتجاوب معها.

 

ليس من الصدفة على الأرجح أن أسلوب شاهين في بعض أعماله في الثمانينات لا يبتعد كثيرًا عن أسلوب المخرج المجري ميكلوش يانشو (1921 - 2014) في السمات الأساسية، خصوصًا لناحية تجاوز المحور الواحد واتباع سبل الإحاطة الشاملة بكاميرا دائمة الحركة، وبحوار لا يبدو مصريًا إلا بلهجته.

أقرأ أيضًا : حسن الإمام يشارك "نجيب الريحاني" فيلم "سي عمر"

- أحد أسلوبين

التفاوت المشار إليه في أعمال المخرج ازداد في أفلامه الأخيرة. “هي فوضى” (آخر أفلامه وحققه بشراكة مع خالد يوسف) و”سكوت حنصور” (2001) و”الآخر” (1999) لا ترتفع إلى سدّة أفلام سابقة له. حتى “إسكندرية - نيويورك” لم يحفل بإخراج فذّ يجعله قريب المستوى من “حدوتة مصرية” أو “الإسكندرية ليه”. ومع أن هذا أمر عرفه مخرجون آخرون قبله وبعده، فإن المسألة لدى شاهين ربما لها علاقة بتلك الذات فعليًا. لقد وجد المخرج نفسه وقد بات اسمًا عالميًا، ولو أنه لم يزن مقدار هذه العالمية خارج إطارها الفرنسي. بالتالي، ترك لنفسه حرية أن يعكس ذاته في أي عمل يؤول إليه حتى وإن كان ضمن مجموعة أفلام “سبتمبر 11” حققها 11 مخرجًا من أنحاء العالم.

شاهين عمد إلى واحد من أسلوبين شاملين للتعامل مع الذات. أولهما أن يحيل المخرج ذاته لتعيش من خلال أفلامه. الثاني أن يحيل المخرج ذاته لتعيش من خلال أفلامه، وتسطو عليها أيضًا. وشاهين اختار الأسلوب الثاني، بقدرة المخرج البديعة ومستوى معظم أفلامه ليست بحاجة لمن يدافع عنها، فهي موجودة وحاضرة لتثبت أنه كان مخرجًا منفردًا بين سينمائيي العالم العربي. ولعل احتفاء “السينماتك فرنسيز” هو الذي يمكن اعتباره الأوفى والأشمل والأطول كذلك.

وقد يهمك أيضاً : 

لبلبة تؤكّد ارتباطها بصداقة قوية مع يوسف شاهين

درة تؤكد سعادتها بتكريم يوسف شاهين في مهرجان الجونة

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

“السينماتيك فرنسيز” يحتفي بأعمال يوسف شاهين بعد عقد من رحيله “السينماتيك فرنسيز” يحتفي بأعمال يوسف شاهين بعد عقد من رحيله



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 21:40 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة الفنانة شادية إلى منزلها بعد استقرار حالتها الصحية

GMT 02:37 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

"عارضة الأزياء بيلا حديد تتظاهر من أجل "القدس

GMT 04:39 2016 الأحد ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المكسيكي غابرييل داو يصمِّمم "قوس قزح" بألوانه الزَّاهية

GMT 09:40 2016 الثلاثاء ,06 أيلول / سبتمبر

الذكرى 46 لرحيل الأب جيكو

GMT 16:24 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

خالد الصاوي ينعي رحيل الفنان مصطفى طلبه

GMT 01:47 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أطعمة تساعد على تحسين مزاجك وإحساسك بالراحة

GMT 01:43 2016 الإثنين ,15 آب / أغسطس

متي يمكن معرفة جنس الجنين بوضوح

GMT 23:56 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

عبد السلام وادو يحصل على شهادة مدير عام نادي رياضي

GMT 00:25 2014 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

9 مليارات درهم أرباح سوق الأضاحي في المغرب

GMT 02:03 2016 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

شرطي متخفي يكتشف رصاص حي معروض للبيع في آسفي

GMT 01:23 2014 الإثنين ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الفنانة ميساء مغربي تخطف الأضواء مع رئيس الشيشان

GMT 22:54 2016 الثلاثاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أدوية حرق الدهون
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya