صرح مدير إدارة الاقتصاد الكلي في اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة آدم الحريكة، بأن المغرب استطاع في السنين الأخيرة أن ينجز الكثير على المستوى الاقتصادي، " بفضل السياسات الحكيمة والرؤية السديدة التي وضعتها قيادته السياسية للنهوض بالاقتصاد وتنويع مصادر الإنتاج، مما يجعل منه قاطرة للتنمية الاقتصادية في أفريقيا".
وأوضح الحريكة على هامش أعمال المؤتمر السادس عشر للشبكة العالمية للتنمية، بالتعاون مع مركز السياسات التابع للمكتب الشريف للفوسفاط ومنتدى البحوث الاقتصادية، أن "المغرب الذي لا يصنف ضمن الدول الغنية من حيث الموارد الطبيعية، يعد من بين أكبر خمس اقتصاديات في أفريقيا، إذ استطاع أن يستفيد من الموارد المتاحة ويبني قاعدة صناعية محترمة تمكنه مستقبلًا من المنافسة إقليميًا ودوليًا".
وأكد الحريكة أن "الرؤية والسياسة الاقتصاديتين المتكاملتين مكنتا المغرب من إحداث طفرة اقتصادية هامة"، مشيرًا إلى أن "المملكة تستثمر في مجالات كثيرة وتوسع القطاع الصناعي بشكل عام وتواصل تطوير الصناعة المرتكزة على الزراعة، كما استثمرت بشكل كبير في البنيات التحتية، كالطرق والمواصلات والطاقة وغيرها، الأمر الذي من شأنه أن يساعدها على تنمية قاعدتها الاقتصادية والصناعية في المستقبل".
واعتبر الخبير الاقتصادي في اللجنة الاقتصادية لأفريقيا أن "هذه القوة الاقتصادية المغربية، يمكن أن تستفيد منها القارة الأفريقية"، مبرزًا أن اللجنة الاقتصادية تعتبر أن التكامل الاقتصادي بين بلدان القارة وفتح الحدود وإزالة العوائق الجمركية وغير الجمركية التي تواجه التجارة الأفريقية، هو المدخل الرئيسي للنهضة الاقتصادية في أفريقيا".
وتابع أن "الإحصائيات الرسمية تفيد بأن التجارة الأفريقية البينية، تهيمن عليها سلع صناعية لا تستطيع أفريقيا أن تنافس بها عالميًا، لكن بمستطاعها أن تنافس بها على المستوى الإقليمي"، وحث البلدان الأفريقية على التوسع في التجارة الداخلية حتى تتمكن القارة من بناء قاعدة صناعية صلبة ومن المنافسة عالميًا في المستقبل".
وأضاف الحريكة "أنه يعتقد أن للمغرب فرصًا كبرى للتوسع في التجارة مع البلدان الأفريقية، لكن لا تزال هناك بعض المعيقات المرتبطة بالمواصلات والترحيل (...) إنه يتفاعل حاليًا مع السوق المتواجد في قلب أفريقيا، وإلى حد ما مع السوق الكائن وسط القارة"، معتبرًا في الوقت ذاته أن علاقاته مع الأسواق في جنوب وشرق القارة لا تزال محدودة.
ورأى في السياق ذاته أنه "يمكن للمغرب الاستفادة من موقعه الجغرافي وسيطًا بين بلدان أفريقيا والسوق العالمي في أوروبا، فهناك الكثير من السلع التي يمكن أن يستوردها من القارة الأفريقية ويعمل على تحويلها وتطويرها لتصديرها إلى الأسواق العالمية".
وأشار إلى أن الدول الأفريقية تنتج الفواكه والخضروات، "لكنها تستورد عصيرًا مصنعًا في دول غير أفريقية، علمًا أن المغرب يتوفر على سوق كبير جدًا في مجال الصناعة الغذائية، وأيضًا في قطاع النسيج وقطاعات أخرى (...)، هنالك مجال واسع للتعاون، والمغرب يستطيع أن ينافس في هذه الأسواق إذا ما توفرت الطرق وتيسرت سبل الترحيل".
ولفت عند تقييمه للوضع الاقتصادي في أفريقيا، أن القارة "تمر بمرحلة اقتصادية تواجه فيها كثير من البلدان أزمات اقتصادية، لكن يجب ألا ننسى أنها توجد في وضع اقتصادي أفضل من الماضي، ففي الـ15 عامًا الأخيرة استطاعت الدول الأفريقية مجتمعة أن تنمو سنويًا بمعدل حوالي 5 في المائة، وهو نمو يساوي ضعف النمو الاقتصادي العالمي.
وبيّن أن أفريقيا تعد القارة الثانية في العشر أعوام الماضية من حيث معدل النمو الاقتصادي في العالم بعد شرق آسيا، بقوله "إنها أغنى قارة من حيث الموارد الطبيعية، أعتقد أن المستقبل لها، فهي في نمو مضطرد، لكنه نمو لم يؤد إلى تطور اجتماعي بالشكل المرجو"، حسب تعبيره، مضيفًا "لا تزال أفريقيا تواجه صعوبات جمة من حيث معدلات الفقر العالية وعدم المساواة في توزيع الدخل والتشغيل، خاصة في صفوف الشباب".
وأبرز أن أفريقيا "ستكون في الاتجاه الصحيح إذا ما وضعت السياسات الاقتصادية التي تمكنها من الاستفادة من مواردها الكثيرة"، وعلى الرغم من "الحروب العبثية " التي تشهدها بعض بلدان القارة، مثل الصومال وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وليبيا، فإن القارة بصفة عامة، حسب رأي الحريكة، "استقرارًا سياسيا أكثر من أي وقت مضى في تاريخها القريب، فهناك الكثير من الحكومات الأفريقية المنتخبة والمسؤولة أمام شعوبها".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر