فاس-حميد بنعبد الله
يحاول سكان الجماعة السلالية لأهل إكلي في مدينة ميسور في إقليم بولمان المغربي، منذ أكثر من 20 عاما، عبثًا إيقاف نزيف النهب الذي طال أراضيهم الجماعية من قبل "مافيا العقارات" وأجهزة الفساد الإدارية المختلفة المتواطئة معها، في ظل صمت رهيب ومريب تطبقه وزارة الداخلية حيال هذا الموضوع، باعتبارها الجهاز الوصي على الأراضي السلالية.بحت حناجرهم من شدة الاحتجاج من دون أن ينفع غضبهم في شيء، منذ أعلنوا تصديهم الميداني لهذا النهب قبل أربعة أعوام خلت، أدى بعضهم فيه من حريته شهورا قضوها في السجن،
إثر اعتقالهم في تدخل أمني لفك اعتصام مفتوح دخلوه أمام مقر عمالة الإقليم في 2010، للمطالبة بوقف الترامي القائم على أراضيهم وحماية العقار الجماعي من كل أشكال التطاول والنهب.وأمام عدم نجاح تلك الاحتجاجات المتواصلة في إنصافهم، لجأوا إلى العاصمة الرباط، لتوصيل أصواتهم المبحوحة إلى الدوائر المركزية، مدعومين من الفرع الجهوي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان في جهة فاس بولمان، الذي طالما ناصرهم في محنتهم، وأعلن عن تنظيم ندوة صحافية ، صباح الجمعة في مقر الجمعية المركزي، لكشف تطورات الملف وفضح ناهبي الأراضي السلالية.وقال رئيس فرع الجمعية الحقوقية، محمد أولاد عياد، إن مافيا العقار لم تكتف بالاستحواذ على أراضي المزارعين، بل تمادت في تصرفاتها بطبخ ملفات قضائية لهم بداعي تزوير وثائق، كما حال أسرة المزارع محمد الرحماني التي سقطت ضحية حكم بإفراغها من إسطبل تتصرف فيه منذ ثمانينات القرن الماضي، قبل طبخ ملف تزوير محضر معاينة، لرب الأسرة وابنه وعون قضائي.ولعل من أهم الأسباب الدافعة إلى نقل المعركة إلى الرباط، التطورات المثيرة الأخيرة التي عرفتها القضية بعدما أدانت غرفة الجنايات الابتدائية في فاس، عون التنفيذ في المحكمة الابتدائية في ميسور بالسجن النافذ لمدة 10 سنوات، مقابل سنة واحدة نافذة لفلاح من الجماعة السلالية، على خلفية نزاع مع مافيا العقارات، بشأن إسطبل صدر حكم قضائي فيه أحد أفراد المافيا.
ويعتبر هذا الملف القضائي ليس الوحيد، في الوقت الذي ما زال ملف متابعة أعضاء مافيا العقار المتهمين بتزوير الملكية الأصلية لاستحواذهم على تلك الأراضي، يراوح مكانه أمام محكمة الاستئناف في فاس، بعد سنوات طويلة من التحقيق، بينما يوجه المزارعون أصابع اتهامهم إلى جهات قضائية من المنطقة، بالوقوف وراء طمس مثل تلك الملفات وحفظ أخرى تقدموا بها.
ويتهم المزارعون وزارة الداخلية بنهج سياسة الصمت حيال نهب الأراضي إلى درجة القيام بتعاقدات وكراءات لمحطتي بنزين في المدينة قائمتين على تلك الأراضي، ومحطة للفحص التقني، بل أشرفت السلطة وعدة أطراف أخرى، على إنجاز مشاريع ذات نفع عام ستتحول بقدرة قادر إلى أملاك خاصة، وفي طليعتها العقار المزعوم "اخنيدكات أولاد عزوز" المتنازع عليه.
وضحى السكان بالغالي والنفيس من أجل استرجاع تلك الأراضي وحقوقهم المسلوبة، وقدموا شكايات إلى القضاء كان مصيرها الحفظ إلا واحدة متعلقة بتزوير عقد ملكية يخصها، سرعان ما تراجع مجموعة من الأشخاص الذين شهدوا على ملكية مافيا العقار لتلك الأراضي، عن شهادتهم قبل أن يجدوا أنفسهم متابعين قضائيا أمام استئنافية فاس بتهمة أداء شهادة الزور.
وخاض السكان اعتصامًا مفتوحًا أمام مقر العمالة منذ 26 شباط فبراير 2010 إلى أن تم فكه في 10 يونيو من نفس السنة، بتدخل أمني عنيف كانت حصيلته عشرات الجرحى واعتقال 13 شخصًا أدين 11 منهم بعقوبات سجن سالبة للحرية، تراوحت بين شهر موقوف التنفيذ وأربعة أشهر نافذة، قبل الإفراج عنهم استئنافيا بعد مراجعة الحكم وإدانتهم بما قضوا.
هؤلاء المزارعين توبعوا بإلحاق الأذى بموظفين عموميين أثناء قيامهم بواجبهم والتجمهر غير القانوني والإخلال بحركة السير في الطريق العمومي وتهم أخرى، أمام المحكمة الابتدائية في ميسور، في ظل تراجع السلطات الإقليمية عن وعود قدمتها لأبناء أهل إكلي لتسوية الوضعية القانونية لمرافق الدولة التي تؤدي خدماتها لأكثر من ثلاثين سنة.
ولا يطالب المتضررون إلا بتسوية التداخل بين الأملاك المخزنية من جهة الشمال وأراضي جموع أهل إكلي اعتمادا على التحديد الإداري لسنة 1931، مستغربين عدم تفعيل لجان اليقظة للتصدي للنهب الممنهج لأراضي الجموع من طرف سماسرة البناء العشوائي والمتواطئين معهم من أعوان السلطة في دواوير المراير وتزارين ونومر.
وأبدت سكان الجماعة السلالية لأهل إكلي، في عدة مناسبات نيتهم الحسنة بتعليق احتجاجاتهم طيلة نحو سنة، كبادرة منهم لإعطاء السلطة الإقليمية فرصة لتنفيذ وعودها التي قدمها عامل سابق على إقليم بولمان، لكن أملهم خاب ليتأكد لهم أن السلطة "لا تسعى إلا على التسويف والمماطلة وربح الوقت وإعطاء الفرصة للمترامين لتنفيذ المزيد من النهب ومصادرة للأراضي".
وأمام تيقنهم من هذه الحقيقة، لجؤوا في 19 آيار/مايو الماضي، إلى استئناف احتجاجهم أمام مقر العمالة، ونظموا وقفة احتجاجية أمام المحكمة الابتدائية في مدينة ميسور بعد يومين من استئنافهم احتجاجاتهم، إضافة إلى وقفة احتجاجية ثالثة أمام محكمة الاستئناف في فاس 30 من الشهر نفسه، لإدانة تماطل القضاء في البت في الملفات المعروضة أمامه.
وتطالب اللجنة المنتدبة من طرف الجماعة السلالية لأهل إكلي، بمعاقبة ناهبي أراضيهم ووقف النهب الممنهج من قبل مافيا العقار وتحديد أراضيهم بإعادة وضع الأنصاب في العلاقة مع الأملاك المخزنية اعتماد على التحديد الإداري لسنة 1931 ومع القبائل المجاور، مستنكرة عدم تصدي السلطات إلى البناء العشوائي الذي يصادر مساحات واسعة من تلك الأراضي
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر