طنجة - المغرب اليوم
أضحت مدينة طنجة، التي تتوفر على بنية مينائية وفق المعايير الدولية، ومناطق حرة للتجارة والصناعة ذات صيت عالمي، وتجهيزات أساسية حديثة، صلة وصل لا مناص منها، بين أوروبا وأفريقيا، ووجهة اقتصادية مفضلة، على الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية. ولم يدخر المغرب جهدًا لجعل مدينة البوغاز قطبًا اقتصاديًا هامًا في المملكة، وذلك عبر تمكينها من مشاريع مهيكلة،
تطلبت استثمارات ضخمة، وهو واقع يعتبر ثمرة طموح ملكي، لجعل مدينة طنجة منصة من الطراز الأول، في مجالات النقل والصناعة واللوجيستيك، تتيح ترابطًا مثاليًا، بغية تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني على الصعيد الدولي.
وتم إنجاز ميناء طنجة المتوسط، الذي بدأ تشغيله في تموز/يوليو 2007، لاستقبال الأجيال الحديثة من ناقلات الحاويات، وليكون أرضية للأنشطة الدولية لإعادة الشحن، وبوابة المملكة على أنشطة الاستيراد والتصدير، ومواكبة اتفاقات التبادل الحر، والاتفاقات التفضيلية الموقعة مع العديد من الشركاء.
ومنذ بلورة تصور المركب المينائي طنجة المتوسط، تم وضع رهانات التنمية الترابية ضمن أولوية الانشغالات، مشكلة بالتالي محور سياسة طموحة وحازمة للمملكة، التي استثمرت أكثر من 20 مليار درهم، لإنجاز البنيات التحتية، الكفيلة بربط الميناء مع المناطق البعيدة.
وكانت المدير العامة لميناء طنجة المتوسط نجلاء الديوري قد أكدت، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن "أشغال إنجاز الشطر الثاني من هذا المركب المينائي الضخم، (ميناء طنجة المتوسط 2)، تعرف تقدمًا بنسبة 79%، مع متم عام 2013"، مشيرة إلى أنه "تم على مستوى الميناء المخصص للمسافرين وضع برنامج طموح لتجديد وملاءمة التجهيزات"، لافتة إلى أن "حجم رواج الحاويات في ميناء طنجة المتوسط بلغ خلال الفصل الأول من العام الجاري 1،2 مليون حاوية (سعة 20 قدمًا)، بزيادة نسبتها 36%، مقارنة مع الفترة نفسها من العام 2012"، موضحة الطابع الخاص لميناء طنجة المتوسط، مقارنة بالموانئ الأخرى للمملكة، لا سيما على مستوى الأنشطة الجديدة في المغرب، ومنها تموين السفن والشحن، وإحداث مناطق حرة للوجيستيك.
ولاشك أن ميناء "طنجة المتوسط 2"، الذي يعتبر الجزء الثاني من ميناء "طنجة المتوسط"، الذي تصل طاقته الاستعابية إلى 5،2 مليون حاوية، فضلاً عن 3 ملايين حاوية، التي يتسع لها ميناء "طنجة المتوسط 1"، ما سيجعل من هذا المركب المينائي بنية رائدة على مستوى المتوسط والواجهة الأطلسية.
ويصل حجم الاستثمار الإجمالي في المركب المينائي، الذي تمتد مدة تطويره إلى عام 2016، إلى نحو 35 مليار درهم.
وفي شأن صناعة السيارات، وضعت المملكة تدابير ملموسة من شأنها تحويل مدينة طنجة إلى قاعدة صناعية دولية في هذا المجال، وقد توجت هذه الاستراتيجية بالتوقيع، في عام 2007، على اتفاق بين الحكومة ومجموعة "رينو"، بغية إنجاز مصنع جديد للمجموعة في طنجة، لإنتاج 400 ألف سيارة في العام، يوجه الجزء الكبير منها إلى التصدير، وهو ما سيمكن طنجة من أن تصبح أحد مراكز إنتاج السيارات الأكثر أهمية في حوض المتوسط.
وتم تدشين مصنع "رينو" في طنجة، في شباط/فبراير 2012، الذي تطلب استثمارات تقدر بـ1،1 مليار يورو، ويهدف هذا المصنع في المرحلة الأولى إلى إنتاج ما بين 150 و170 ألف سيارة في العام، ثم في مرحلة ثانية، في عام 2013، إنتاج أكثر من 400 ألف سيارة.
وقد تم في هذا الصدد تخصيص نحو 310 ألاف ساعة تكوين، لفائدة مستخدمي مصنع "رينو"، في عام 2011، في معهد التكوين في الحرف وصناعة السيارات في طنجة، فيما تم تخصيص 600 ألف ساعة تكوين في 2012.
وإلى جانب الشق الانتاجي، يعتبر مصنع "رينو" سابقة عالمية بشأن احترام البيئة، والوقاية من التلوث، حيث يطمح إلى التقليص من انبعاث الكربون بنحو 135 ألف طن في العام، ومقذوفاته من المياه المستعملة، ذات المصدر الصناعي، في الوسط الطبيعي، فضلاً عن التخفيض بنسبة 70% من حاجياته من الموارد المائية، في دورته الصناعية.
ومن ناحية أخرى، من شأن مصنع رونو بطنجة تحسين الميزان التجاري للمغرب، وذلك عبر جلب نحو 3،5 مليار يورو من الصادرات الإضافية.
وعلى صعيد المناطق الحرة، فإن شركة تدبير المنطقة الحرة تتمتع بإمكانات النمو والتموقع الاستراتيجي، مقارنة مع الأسواق الدولية الرئيسية.
وتخصص المنطقة الحرة، الواقعة قرب مطار طنجة الدولي، فقط للمقاولات ذات الأنشطة الموجهة نحو التصدير، وقد تم تصنيفها في المرتبة السادسة كأفضل منطقة حرة للمستقبل لعام 2012 -2013، حسب التصنيف العالمي، الذي نشرته مجلة "الاستثمارات الخارجية المباشرة"، التابعة لمجموعة "فايناشل تايمز"، كما حصلت في حزيران/يونيو الماضي على جائزة "أفضل مشروع للوجستيك الدولي"، في المعرض الدولي للوجستيك في برشلونة.
وكذلك تخصص المنطقة الحرة للوجيستيك في مجمع طنجة المتوسط، التي افتتحت في كانون الأول/ديسمبر 2008، وتصل مساحتها إلى 250 هكتارًا، منها 130 هكتار سيتم تهيئتها ما بين 2008 و2014، فقط لأنشطة اللوجستيك ذات القيمة المضافة العالية.
أما الخط السككي فائق السرعة (طنجة - الدار البيضاء)، المقرر تشغيله في كانون الأول/ديسمبر 2015، فيشكل من جانبه ثورة في مجال التكنولوجيا، ستقدم حلاً ملائمًا ومستدامًا لقطاع نقل المسافرين، كما سيواكب تنمية القطب الاقتصادي الجديدة لطنجة، وتيسير مرونة النقل بين محور طنجة-الدار البيضاء، ويندرج في سياق تطوير شبكة النقل، التي تربط المغرب مع أوربا، وبلدان المغرب العربي.
ويضم المشروع، الذي سينجز باستثمار قدره 20 مليار درهم، والذي يعتبر الأول من نوعه في القارة الأفريقية، خطًا جديدًا بين طنجة والقنيطرة، على مسافة 200 كيلومترًا، بسرعة 350 كيلو مترًا في الساعة.
وتتوفر مدينة طنجة على مشاريع للطاقات المتجددة، ومنها مشاريع محطة طاقة رياحية، من 260 ميغاوات، فيما توجد خمسة مشاريع أخرى قيد الانجاز، لإنتاج 200 ميغاوات إضافية.
وتشكل كل هذه المشاريع المهيكلة، التي رأت النور بفضل طموح وعزم جلالة الملك محمد السادس، مؤهلات من شأنها أن تنقل مدينة طنجة إلى مصاف الأقطاب الحضرية التنافسية الكبرى في حوض المتوسط.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر