طنجة ـ المغرب اليوم
أشرف العاهل المغربي الملك محمد السادس، الخميس، على انطلاق برنامج طنجة الكبرى من أجل تنمية مندمجة ومتوازنة وشاملة لمدينة البوغاز، حيث تم وضع برنامج طنجة الكبرى ليكون نموذجًا حضريًا غير مسبوق في المملكة وفي الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط.
وسيُمكّن الربنامج مدينة البوغاز، من الارتقاء إلى مصاف
الحواضر العالمية الكبرى، وسيمتد مجموع مخطط التنمية هذا على فترة خمس سنوات من 2013 إلى 2017، ويصل حجم الاستثمارات فيه إلى قرابة 663ر7 مليار درهم، و قد تحقق هذا المشروع التنموي الضخم، من الجيل الجديد، كبوابة طبيعية إستراتيجية في ملتقى أوروبا وأفريقيا وأميركا وآسيا، فمدينة طنجة تجتذب استثمارات مهمة بفضل مؤهلاتها الصناعية المتعددة التي مكنت من إنجاز ميناء طنجة المتوسط، وجعلت شركات ذات صيت عالمي تختار الاستقرار في المغرب، كمجموعة "رونو- نيسان" أو الشركة الدانماركية العملاقة "ماييرسك"، التي تُعتبر أول شركة بحرية وأكبر ناقل للحاويات في العالم، وسيُمكّن هذا البرنامج أيضًا من تسريع وتيرة تنمية مدينة طنجة وجعلها وجهة مفضلة بامتياز.
وتم إنجاز هذا البرنامج الطموح، وفق مقاربة مجددة، من حيث أفقية واندماج وانسجام التدخلات العمومية، ويأخذ بعين الاعتبار العناصر الأساسية المهيكلة لمدينة كبرى تتجه نحو المستقبل، ألا وهي البيئة الحضرية لضمان جودة الحياة، والبيئة الاجتماعية لتثمين الثروة البشرية، والبيئة الاقتصادية لتطوير مؤهلات وخبرات المدينة، والبيئة الثقافية من أجل ترسيخ الهوية وقيم الانفتاح التي تزخر بها المدينة، مع تثمين إرثها، ويتعلق الأمر كذلك بتعزيز مناخها الروحي، لإيلاء ممارسة الشعائر الدينية المكانة اللائقة بها في المجتمع، وعلى المستوى الحضري، سيتم إنشاء منافذ جديدة من أجل تخفيف الضغط الذي تعاني منه المدينة، كما سيتم إنشاء طريق التفافي، سيربط المحيط الأطلسي بالبحر الأبيض المتوسط، مما سيمكن من التحكم في تدفقات حركة المرور في طنجة، وبهدف إعادة تنظيم الفضاء الاقتصادي سيتم نقل مجموع الخدمات الجماعية المرتبطة بحركة المرور إلى ضواحي المدينة، كما سيمكن ذلك من تحرير العقار.
ويتضمن برنامج طنجة الكبرى إنشاء محور ثالث للطريق السيار، وطريق ساحلي، وتثنية الطرق الإقليمية، وإنشاء طرق التفافية كبرى كتلك الرابطة بين المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، "طريق البحرين الالتفافية"، وتعميم الطرق على مستوى الأحياء، وإحداث ممرات خاصة ومواقف سيارات تحت أرضية داخل المدينة، فضلاً عن طريق ساحلية أطلسية، فيما يواكب هذه السياسية الحضرية اهتمام خاص بالرهانات البيئية المستدامة وتطهير الساحل على طول محور يمتد من كاب مالاباطا إلى مدينة أصيلة، مرورًا بكاب سبارتيل على طول 65 كلم، كما سيتم تطهير الأودية التي تخترق المدينة وأحياءها، وستتم إعادة تهيئة (كورنيش) طنجة، وإنشاء عدد من الفضاءات الخضراء في مختلف الأحياء.
وفي ما يتعلق بالبيئة الاجتماعية، فسيتم دعم طنجة ببناء 25 مؤسسة تعليمية جديدة، و21 حضانة، وتوسيع أربع مدارس، وإعادة بناء 166 قسمًا، وربط جميع المؤسسات المدرسية بشبكتي الماء والكهرباء، فيما سيتم إنشاء أربع مستشفيات جديدة، وإعادة تأهيل ستة مراكز صحية، وإعادة تأهيل مستشفى محمد الخامس، وإحداث قسم للطوارئ، إلى جانب مركز صحي متعدد التخصصات.
وبالنسبة للمجال الرياضي، فقد أعطى الملك محمد السادس، تعليماته بتمكين طنجة من مدينة للرياضات على مساحة 60 هكتارًا، بمواصفات دولية، وستضم هذه المدينة مسبحًا أولمبيًا، ومركبًا كبيرًا لكرة المضرب، يتوافر على ملعب رئيس، وثلاث قاعات مغطاة متعددة التخصصات، وستة ملاعب لكرة القدم، وملاعب أخرى لكرة السلة والكرة الطائرة، فضلاً عن ملعب للكرة الحديدية، وستشتمل مدينة الرياضات على مؤسسة فندقية، ومصحة للطب الرياضي، ومنطقة ترفيهية تحتوي على مركب تجاري مخصص حصريًا للوازم الرياضية.
وفي ما يتعلق بالعرض الاجتماعي، فسيتم إحداث مراكز للشباب، وتقوية قدرات النساء، كما ستكون هناك عروض اجتماعية جديدة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وذوي الحركية المحدودة.
وتُعدّ طنجة ثاني قطب اقتصادي في المغرب بعد الدار البيضاء، فالنشاط الصناعي في المدينة متنوع ويشمل صناعة النسيج، الكيمياء، الميكانيك، صناعة الحديد، والصناعة البحرية، وتتوافر المدينة حاليًا على أربع مناطق صناعية، اثنتين منها خاضعة لنظام منطقة حرة، وهما المنطقة الحرة لطنجة والمنطقة المينائية، وسيتم إنشاء منطقة صناعية جنوب المدينة على مقربة من مبدل الطرق السيارة، وسيتم نقل مجموع التجهيزات الجماعية خارج المدينة، من أجل تقديم خدمات سريعة وذات جودة للمواطنين، كما سيتم ترحيل الأنشطة الاقتصادية المعروفة بـ"ضجيجها" إلى مناطق ملائمة لهذه الأنشطة، وذلك لهدف التخفيف من الإزعاج الناجم عنها، وسيتم تحسين ظروف الصحة والنظافة، وكذلك بناء وإعادة تأهيل أسواق القرب من أجل إعادة توطين الباعة المتجولين.
ويشمل هذا المناخ الاقتصادي الجديد، الجانب السياحي أيضًا، وذلك بهدف حماية وتأهيل المواقع الموجودة من جهة، وتطوير المزارات السياحية للمدينة من جهة أخرى .
وتشتهر طنجة، عاصمة الشمال، عالميًا بموروثها التاريخي والثقافي، ومن أجل ذلك سيتم تخصيص مشروع ضخم أطلقه الملك لإعادة تأهيل رصيد طنجة خاصة بالنسبة لمغارة هرقل الشهيرة، و"فيلا هاريس"، وحديقة الرميلات، كما سيمكن من إنشاء منشآت جديدة سيكون لها إشعاع وطني، وفي مقدمتها قصر الفنون والثقافات، الذي يروم إعادة ربط المدينة بماضيها الثقافي العريق، وسينضاف إلى هذه البنيات التي ستكرس التوجه الثقافي لمدينة طنجة، مسرح كبير.
وفي يتعلق بالمناخ الديني، فسيتم تقوية العرض المتعلق بأماكن العبادة، ولأن النمو الديموغرافي وتوسيع المناطق السكنية في المدينة، يحتمان إقامة منشآت جديدة لممارسة الشعائر الدينية، ويتضمن هذا الجانب عمليتين كبيرتين تتمثلان في بناء 11 مسجدًا جديدًا، وبالموازاة مع ذلك، تأهيل سبعة مساجد بهدف تمكين المواطنين من أداء شعائرهم الدينية بكل طمأنينة.
ولهذه المناسبة، ترأس الملك محمد السادس، حفل توقيع الاتفاق المتعلق ببرنامج طنجة الكبرى (2013-2017 )، حيث وقع الاتفاق كل من وزير الدولة عبدالله باها، عن وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، ووزير الداخلية امحند العنصر، ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، ووزير الإسكان والتعمير وسياسة المدينة محمد نبيل بن عبدالله، ووزير الزراعة والصيد البحري ووزير الاقتصاد والمالية بالنيابة عزيز أخنوش، ووزير التربية الوطنية محمد الوفا، ووزير الشباب والرياضة محمد أوزين، ووزير التجهيز والنقل عزيز الرباح، ووزير الصحة الحسين الوردي، ووزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة عبدالقادر اعمارة، ووزير الثقافة محمد أمين الصبيحي.
كما وقع الاتفاق المندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر عبدالعظيم الحافي، ووالي جهة طنجة- تطوان محمد اليعقوبي، ورئيس مجلس الجهة رشيد الطالبي العلمي، ورئيس مجلس عمالة طنجة - أصيلة عبدالحميد أبرشان، ورئيس الجماعة الحضرية وسلطة التدبير المفوض لخدمات التطهير السائل وتوزيع الماء الشروب والكهرباء في طنجة فؤاد العماري، والرئيس المدير العام لشركة التهيئة من أجل إعادة توظيف المنطقة المينائية لطنجة المدينة عبدالوافي لفتيت، والمدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية ربيع الخليع، والمدير العام للشركة الوطنية للطرق السيارة في المغرب عثمان الفاسي الفهري، فيما أشرف الملك على إطلاق أعمال إنجاز عدد من المشاريع المندرجة في إطار برنامج طنجة الكبرى.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر