الدار البيضاء ـ كوثر حراث
أمرت النيابة العامة في المدينة القنيطرة المغربية، ظهر يوم الأربعاء، بوضع مدير وكالة "بريد بنك" في مشرع بلقصيري، ونائبه وحارس أمن خاصّ رهن الحراسة النظرية، على خلفية تورطهم في سرقة مبلغ يناهز 50 مليون سنتيم (59506.04 دولار أميركي) كانت مودعة في الخزنة الحديد للوكالة المذكورة.
وحسب مصادر "المغرب اليوم"، تعود الفصول الأولى للقضية إلى الإثنين الماضي، عندما عمد مدير الوكالة إلى إخطار مصالح الشرطة في مشرع بلقصيري باختفاء مبلغ 47 مليون سنتيم و 2700 يورو من خزنة الوكالة، بعدما قام مجهولون بالتسرب إليها، ليلة الأحد – الإثنين، مستغلين فترة غيابه عن منزله الوظيفي الموجود أيضا داخل مقر الوكالة البريدية نفسها.
وأفادت المصادر ذاتها، مباشرة بعد تلقي الإفادات الأولى من مدير الوكالة، انتقلت عناصر الشرطة القضائية إلى مقرها الكائن في شارع محمد الخامس بالمدينة، حيث قامت بالمعاينات الضرورية، ومن بين الملاحظات الأولى التي استرعت انتباهها أن الفاعلين الإجراميين اكتفوا بسرقة مبلغ 50 مليون سنتيم الموجود في الخزنة الصغيرة، فيما أحجموا عن سرقة مبلغ 100 مليون سنتيم كانت مودعة أيضا بها.
وأكدت المصادر نفسها، الأمام هذا المعطى، قامت الضابطة القضائية بالاستماع إلى المسؤولين والمستخدمين في الوكالة، إضافة إلى عدد من الشهود الموجودين في محيط الوكالة، إلا أن مجهودات الفرقة المحلية للشرطة القضائية لم تكلل بالنجاح، وبقي لغز اختفاء الخمسين مليون سنتيم شفرة صعب تفكيكها على المحققين الجنائيين.
وأشارت المصادر نفسها، أمام هذا الوضع، أحالت النيابة العامة، الثلاثاء، ملف سرقة الوكالة البريدية على المصلحة الولائية للشرطة القضائية في القنيطرة، وبمجرد تسلمها للملف، سارعت عناصرها إلى الانتقال إلى مدينة بلقصيري، حيث باشرت المعاينات داخل مسرح الجريمة من جديد، حيث استوقفها معطيان، الأول هو إحجام الفاعلين الإجراميين عن سرقة مبلغ 100 مليون سنتيم الذي كان في الخزانة، والثاني أن العملية تمت بدون كسر أو تخريب. من هنا اتجهت شكوك المحققين نحو شخص من داخل الوكالة، وفي المقدمة مدير الوكالة كونه هو من يتحوز مفاتيحها وشفرة فتح الخزنة.
وبناءً على هذه المعطيات جرى الاستماع إلى مدير الوكالة، حيث نفى أن تكون له علاقة من قريب أو من بعيد بقضية اختفاء الخمسين مليون سنتيم، بعدما قدم دليلاً دامغًا على ذلك وهو غيابه عن مبنى الوكالة وسكنها الوظيفي طيلة عطلة العيد، وهو أمر تحققت منه عناصر الشرطة القضائية.
وأوضحت المصادر ذاتها أنه أمام هذا الإنكار لمدير الوكالة، قامت الشرطة القضائية بالبحث في محيط الوكالة، ومن بين المعطيات التي تم التوصل إليها هو الوضعية الاستثنائية التي يتمتع بها حارس الأمن الخاص، فهو، كما يصفه بعض الشهود، " موظف" نافذ فيها، ووظيفته تتعدى بكثير مهام الأمن والحراسة، لتمتد إلى التدخل في العمل اليومي وتدبير الملفات الخاصة بزبناء الوكالة، كما أنه نسج علاقة وطيدة مع المدير. هذا المعطى سيوجه بوصلة المحققين بتركيزهم على النبش في تاريخ وماضي هذا المستخدم الاستثنائي، حيث توصلوا إلى كون المعني بالأمر له سوابق قضائية في النصب والاحتيال وتزوير الوثائق الرسمية.
وأضافت المصادر ذاتها أن عناصر الشرطة الضابطة القضائية في القنيطرة، ووجه المشتبه فيه الرئيسي بأسئلة المحققين، وعلى الرغم من الجهد الجهيد الذي بذله في إنكار أي علاقة له بواقعة اختفاء الأموال العمومية من "بريد بنك" بلقصيري، إلا أن أسئلة الضابطة القضائية كانت وجيهة ومتسلسلة إلى درجة لم تسمح له بالاستمرار في الإنكار، حيث انهار المشتبه فيه واعترف باقتراف جريمته بالتواطؤ المادي والمباشر مع مدير الوكالة، هذا الأخير الذي قام بسحب الأموال من الخزانة وتسليمها للحارس قبل سفره خلال عطلة العيد، وبعدما اتفقا على تفاصيل سيناريو السرقة وما سيصرحون به أمام مصالح الأمن.
ومباشرة بعد اعتراف المعني بالأمر بجريمته، قامت عناصر الشرطة القضائية بمرافقته إلى منزله الكائن في مدينة بلقصيري، حيث تم حجز المبالغ المالية المسروقة، في انتظار إنهاء البحث مع الأظناء (المتهمين)، وتقديمهم أمام النيابة العامة لمحكمة جرائم الأموال في الرباط.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر