خسائر جسيمة في قطاع الطاقة العالمي مع محاولات احتواء  كورونا
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

انخفاض هائل في سعر الغاز الطبيعي يصل إلى 3 دولارات

خسائر جسيمة في قطاع الطاقة العالمي مع محاولات احتواء "كورونا"

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - خسائر جسيمة في قطاع الطاقة العالمي مع محاولات احتواء

قطاع الطاقة العالمي
واشنطن ـ يوسف مكي

تسبب فيروس كورونا المستجد أو "كوفيد 19" في إحداث أضرار جسيمة بحياة البشر، بشكل عام، وبقطاع الطاقة العالمي، بشكل خاص. وقد تصل هذه الأضرار في هذا القطاع المحوري لحياة البشرية إلى مرحلة الشلل "شبه التام"، حال عدم تمكن العالم من احتواء هذا الفيروس الخطير في المدى المنظور.قطاع الطاقة العالمي تلقى عدة صفعات قاسية ومؤلمة منذ تفشي وباء كورونا في الصين، في الأيام الأخيرة من العام الماضي، نتيجة التدابير الاحترازية، التي تطبقها معظم حكومات العالم لتقييد حركة الأفراد من خلال عمليات حظر التجول وغلق الحدود والمطارات والموانئ والمصانع وغيرها. فهذا التقييد يساهم بشكل ملحوظ في تراجع الطلب على الطاقة بكافة أنواعها. وربما يكون ذلك هو السبب الأهم في انهيار أسعار النفط الخام (مزيج برنت) من حوالي 70 دولارًا للبرميل في 6 يناير (كانون الثاني) الماضي إلى حوالي 31 دولارًا للبرميل حاليًا في السوق العالمية، بينما يتزايد عرض النفط في هذه السوق بشكل هائل نتيجة اشتعال حرب أسعار النفط العالمية بين روسيا ومنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك).

"كورونا" أيضًا تسبب في حدوث انخفاض هائل في سعر الغاز الطبيعي، ليصل إلى ما دون 3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وفقًا لمؤشر "Platts JKM" الفوري. كما يتوقع كثير من الخبراء أيضًا تراجع أسعار الغاز الطبيعي المسال في المدى المنظور بموجب العقود المرتبطة بسعر النفط العالمي. ورغم عدم تأثر صادرات الغاز الطبيعي المسال في العموم، فإن جائحة "كورونا" تسببت في خفض أسعار تأجير ناقلات تصدير هذا الغاز، حيث انخفضت هذه الأسعار من 85 ألف دولار لليوم في بداية يناير الماضي إلى 37500 دولار لليوم في نهاية فبراير (شباط) الفائت.

وستكون الشهور المقبلة حاسمة لمستقبل الطاقة في العالم في ضوء قيام عدد كبير من شركات الطاقة الكبرى بخفض وتحجيم خطط إنفاقها الرأسمالي على مشروعاتها الجديدة، في ظل حالة الفوضى التي تشهدها صناعة الطاقة العالمية حاليًا، بسبب جائحة "كورونا"، وتراجع الأسعار العالمية للنفط والغاز، حيث أعلنت عدد من شركات الطاقة العالمية عن عزمها إعادة النظر في خطط الإنفاق الرأسمالي لعام 2020. وتعد شركة "إكسون موبيل" الأميركية مثالًا بارزًا في هذا الصدد، حيث أكدت هذه الشركة، التي كانت تخطط لزيادة استثماراتها بقيمة تتراوح بين 30 إلى 35 مليار دولار سنويًا، خلال الفترة من 2020 إلى 2025، أنها سوف تخفض خطتها الاستثمارية للعام الحالي، التي تقدر بحوالي 33 مليار دولار.

وفي إطار خططها الاحترازية لعدم تفشي فيروس كورونا، اضطرت معظم شركات الاستكشاف والإنتاج (E&P) والشركات الموفرة للخدمات في مجال حقول النفط (OFS) إلى تشجيع كثير من العاملين فيها على البقاء في منازلهم، وعدم السفر إلى الخارج. فعلى سبيل المثال، كانت شركة "رويال داتش شل" واحدة من أولى الشركات التي علقت سفر موظفيها ومديريها إلى الخارج. كما طلبت شركة "شيفرون" الأميركية من موظفيها تأجيل السفر، بل طلبت أيضًا من موظفيها في لندن العودة إلى الولايات المتحدة في 26 فبراير الماضي، بعد أن ظهرت "أعراض تشبه أعراض الإنفلونزا" على أحد الموظفين هناك.

ومن بين الآثار المهمة لانتشار جائحة "كورونا" على قطاع الطاقة العالمي أيضًا خسارة المليارات من أسعار أسهم شركات النفط والغاز الكبرى في أسواق المال العالمية، نتيجة انهيار السعر العالمي للنفط بشكل كبير في وقت قصير. فعلى سبيل المثال، تبلغ القيمة السوقية لشركة "بريتش بتروليوم" العملاقة حاليًا حوالي نصف ما كانت عليه في بداية العام تقريبًا، نتيجة تراجع سعر برميل النفط الخام من 67 دولارًا في 1 يناير الماضي إلى حوالي 31 دولارًا في وقت كتابة هذا التقرير.

من جهة أخرى، تأثر قطاع الطاقة المتجددة بشدة نتيجة جائحة "كورونا"، بسبب توقف النشاط الصناعي المرتبط بتصنيع تقنيات تلك الطاقة. ففي قطاع الطاقة الشمسية، أدى إغلاق المصانع وتعطل الإنتاج في جميع أنحاء الصين إلى تأخير صادرات الألواح الشمسية والمكونات الأخرى، ما عطَّل سلسلة الإمدادات لمشاريع عدة في آسيا وأستراليا. وفي هذا السياق، قدر المراقبون حجم الخسائر جراء انتشار وباء كورونا بنحو 2.24 مليار دولار من مشاريع الطاقة الشمسية في الهند وحدها، التي تعتمد على الواردات الصينية في 80 في المائة من الوحدات الشمسية التي تستخدمها. وفي الإطار نفسه، تعثرت صناعة طاقة الرياح في العالم نتيجة انتشار "كورونا"، حيث أدت اضطرابات الإنتاج المرتبطة بتفشي المرض إلى توقعات بخفض بناء مشروعات طاقة الرياح في الصين والولايات المتحدة بنسبة تتراوح بين 10 و50 في المائة خلال العام الحالي.

ومن ناحية ثانية، من المرجح أن تتسبب جائحة "كورونا" أيضًا في تراجع إنتاج البطاريات الصينية، وبالتالي توجيه ضربة قاصمة لأسواق السيارات الكهربائية وتخزين الطاقة.

على أي حال، لا أحد يعرف على وجه التحديد ما إذا كان سوف يتم احتواء فيروس كورونا بسرعة في الأيام المقبلة، أم أنه سيصبح وباءً متفشيًا على نطاق واسع. ومع ذلك، وفي كلتا الحالتين، من المرجح أن يستمر الشلل الذي أحدثه هذا الفيروس اللعين في قطاع الطاقة العالمي حتى نهاية هذا العام، على الأقل، خصوصًا مع استمرار حكومات العالم المختلفة في عمليات العزل وإجراءات المباعدة الاجتماعية. ومن المنتظر ألا يتعافى هذا القطاع مرة أخرى (حتى مع التخلي عن الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي جائحة كورونا) دون التخلص من الفوائض المتزايدة في السوق العالمية، نتيجة حرب أسعار النفط العالمية. وهذا الأمر لن يتحقق، في الغالب، إلا بالتعاون الوثيق بين اللاعبين الرئيسيين في سوق الطاقة العالمية، في مقدمتهم السعودية وروسيا والولايات المتحدة.

صحيح أن هناك بصيص أمل لإنقاذ قطاع الطاقة العالمي من حالة الشلل، التي تسبب فيها فيروس كورونا بعد إعلان منظمة "أوبك" وروسيا (أوبك +)، الأسبوع الماضي، عن التوصل إلى اتفاق بخفض تاريخي في إنتاج النفط بمقدار 10 ملايين برميل يوميًا، في الشهرين المقبلين، مايو (أيار) ويونيو (حزيران) 2020، وهو ما يمثل 10 في المائة من إجمالي الإنتاج العالمي من النفط. إلا أن تعافي القطاع قد يواجه انتكاسة شديدة قد تصل إلى حالة من "العجز التام"، إذا لم يتعاون باقي المنتجين الآخرين، بعد أن تحملت السعودية وروسيا نصيب الأسد في هذا الخفض التاريخي. فالخفض الحالي لن يكون كافيًا لتحقيق التوازن في السوق، في وقت يشهد انهيار الطلب 30 في المائة. ومن ثم يجب على دول مجموعة العشرين، على رأسها الولايات المتحدة وكندا والنرويج، خفض إنتاجها النفطي أيضًا بقيمة تتراوح بين 5 إلى 10 في المائة، حتى لا تتفاقم الخسائر الهائلة المتوقعة للدول الرئيسية المصدرة للنفط بصرف النظر عن حصتها في السوق. وهو الأمر الذي تؤكده توقعات وكالة الطاقة الدولية، التي تشير إلى إمكانية توقف كثير من مشروعات الطاقة المستقبلية في كثير من هذه الدول نتيجة حدوث عجز هائل في موازنات هذه الدول في ضوء أنها تحتاج إلى سعر يتراوح ما بين 49 إلى 95 دولارًا للبرميل أو أكثر، لتحقيق التوازن في ميزانياتها، ويوضحها الشكل المرفق.

قد يهمك أيضًا:

السعودية تنفي الادعاءات الروسية حول انسحابها من اتفاق "أوبك +"

ارتفاع أسعار النفط بدعم من توقّعات إيجابية بشأن اجتماع "أوبك +"

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خسائر جسيمة في قطاع الطاقة العالمي مع محاولات احتواء  كورونا خسائر جسيمة في قطاع الطاقة العالمي مع محاولات احتواء  كورونا



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 16:10 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

جان دارك يمثل مصر في مهرجان الشتات الإفريقي بنيويورك

GMT 11:57 2019 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

المنتخب المغربي للفروسية يشارك في الدوري الملكي

GMT 21:58 2019 الخميس ,07 شباط / فبراير

فيديو فاضح لـ "أدومة" يثير غضب المغاربة

GMT 11:00 2019 السبت ,02 شباط / فبراير

مدرب ليفربول السابق يحذر من سيناريو 2014

GMT 11:08 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

أفكار ديكور مميزة لاختيار باركيه المنازل لموسم 2019

GMT 02:11 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

قائمة تضم أفضل عشرة مطاعم على مستوى العالم

GMT 09:06 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

تطورات مثيرة في قضية صفع شرطي لقاض في سيدي سليمان

GMT 23:16 2018 الجمعة ,21 أيلول / سبتمبر

أستاذ يفارق الحياة داخل الفصل في الناظور

GMT 02:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

قطار ينهي حياة شيخ ثمانيني في سيدي العايدي
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya