ارتفاع أسعار الأكباش يكسر فرحة الفقراء بعيد الأضحى في المغرب
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

جاء العيد ليتزامن مع فترة قلّ فيها العمل بسبب ارتفاع الحرارة

ارتفاع أسعار الأكباش يكسر فرحة الفقراء بعيد الأضحى في المغرب

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - ارتفاع أسعار الأكباش يكسر فرحة الفقراء بعيد الأضحى في المغرب

المواشي في المغرب
الرباط - المغرب اليوم

في زاوية منعزلة من سوق أسبوعي بضواحي الفقيه بن صالح في المغرب، ينزوي اسليمان شاحب الوجه بعربته المجرورة دون أن يهتم لحرقة أشعة الشمس، عيناه المفعمتان بالأمل والألم تحملقان يمينا ويسارا، على امتداد رحبة الماشية المتعالية أصواتها في السماء، لعلها تقتنص فرصة عمل قد تكون مفيدة.

اسليمان المتحدر من سوق السبت أولاد النمة بضواحي الفقيه بن صالح، المعروف بالرحماني، ليس وحده من ينشغل بأضحية العيد، فالعشرات من الرجال والنساء، خاصة الأرامل و"الفرّاشات" والعاملات المياومات بالضيعات الفلاحية والمتسولات وممتهنات بعض الحرف المصنفة ضمن قطاع البطالة المقنعة، ممن حاولت هسبريس الاقتراب منهن، يحملن هذا الهمّ ويتجرعن مرارة العيش في زمن الفوارق الاجتماعية الصارخة.

تقول عائشة (اسم مستعار) إن صيف هذا العام جاء ثقيلا بمصاريفه وحاجياته، فإلى جانب متطلبات شهر الغفران، اكتوت العشرات من العائلات المعوزة بفواتير الكهرباء والماء، وجاء العيد ليتزامن مع فترة قلّ فيها العمل بسبب ارتفاع درجة الحرارة بالمنطقة إلى جانب عوامل أخرى، ما صعّب من إمكانية توفير حاجيات الأطفال من الملابس والتغذية، فما بالك بثمن الأضحية، خاصة بالنسبة للنساء اللواتي لا يتوفرن على مدخول قار، أو اللواتي يعشن خارج زمانهن بسبب الإقصاء والتهميش.

إقرا ايضًا:

تراجع بورصة المغرب​​​​ بنسبة 0.26% إلى مستوى 11070.96 نقطة

والعيد فرحة بطعم الخوف والانتظار بالنسبة لعائشة، حيث يبقى الحصول على "بهيمة" كيفما كانت حالتها مجرد تمنٍّ أو حلم قد لا يتحقق، بسبب اتساع رقعة المحتاجات والمعوزات وعدم توفرهن على ما يضمن لهن حق الاستفادة من القروض الصغرى، وكذلك بسبب تراجع عدد من الأغنياء عن التكفل بهذا الإحسان، بعدما تكشّف أن أشخاص دأبوا على تجييش نساء عدة لامتهان التسول خلال كل مناسبة دينية للاغتناء بطرق احتيالية.

يقول الشرقي القادري، فاعل جمعوي: "لقد تزايد حقا عدد المتسولين والفقراء، وأمست الأسواق والمقاهي نموذجا لاستفحال هذه الظاهرة (...) وأكيد أن الكثيرين من هؤلاء، وخاصة النسوة، في أمس الحاجة إلى أضحية العيد، لكن ليس الكل، لأن البعض منهن على ما يبدو يزاول هذه الحرفة تنفيذا على ما أعتقد لرغبات أشخاص محترفين يتصيّدون المحسنين باسم الفقر والعوز، وهم في واقع الأمر ينهبون ويبتزون بطرق احترافية ويضيقون الخناق على من هن في ضيق وشدة".

من جانبها، أكدت عائشة، التي تعالت زفراتها لتشهد على حالتها قبل أن تتحدث بلغة البؤس والفقر، أن السوق بالنسبة للفئات الفقيرة "مكان يمزج بين ثنائية الفرح والحزن"، البعض من المعوزين يسعفه الحظ، ويتيسّر له الحصول على رضا بعض المحسنين لشراء الأضحية، والبعض الآخر يعيش طيلة هذه الأيام على ايقاع الهمّ والغم توجّسا من أن يجد نفسه أمام أبنائه في لحظة زمنية لا يعرفها إلا الفقراء ممن جرّبوا قضاء هذا اليوم بدون فرحة العيد.

ويقول الزويتي عبد الله، من الباعة المزوالين لهذه المهنة منذ أزيد من 20 سنة، في تصريح لهسبريس، إن "هذا العام يبقى استثنائيا مقارنة مع السنوات الماضية، ليس فقط بكونه تزامن مع فترات تتطلب من الأسر المغربية مداخيل إضافية، وإنما لكون الفلاح/الكساب مرّ خلال هذا الموسم بلحظات عصيبة، بسبب تأخر التساقطات المطرية وقلة حصص السقي، ما زاد من ارتفاع مواد العلف في غياب مواد عشبية وزراعات موسمية توظف للغرض ذاته".

لكن هذه العوامل، يوضح المتحدث ذاته، "لا تعني عدم وفرة العرض، بل على العكس من ذلك، إن السوق المحلية دأبت على توفير أجود السلالات، وبالعدد الكافي، فقط يرتقب أن تكون الأثمنة شيئا ما مرتفعة بحسب الجودة، وهذا ما حدث خلال هذا اليوم مثلا، حيث يمكن القول بحسب تجربتنا إن هناك زيادة في سعر رؤوس الأغنام تتراوح ما بين 200 و300 درهم مقارنة مع العام الماضي، مع الإشارة إلى أن هذا السعر يبقى قابلا للارتفاع أو التراجع بحسب العرض والطلب".

من جهته، سجّل حسن بن صالح، وهو أحد مربي المواشي، تأخرا في العرض هذا العام، حيث أشار إلى أنه "إلى حد الساعة مازالت الأسواق المحلية لم تشهد بعد الحضور المكثف للأسر الوافدة من مدن كبرى كالدار البيضاء وسطات وخريبكة ...، بسبب قلة العرض، على عكس إسطبلات الكسابة التي تعرف رواجا تجاريا ملحوظا، ما زاد من تخوفات الفئات العريضة التي اعتادت على اقتناء أضحيتها من السوق المحلية حيث يكون الثمن منخفضا شيئا ما".

وكشف الجابري محمد، صاحب اسطبل لتسمين المواشي، أن تفضيل المواطن اقتناء أضحيته من "الكساب" أو من أحد المعارف "جاء نتيجة الحملات التحسيسية للدولة والمصالح المختصة التي سبق لها أن كشفت عن عدة تلاعبات بعلف الأضحية، ما يفيد بأن لجوء الأسر إلى الكسابة يجسد الطموح في البحث عن الجودة، وعن الثقة المفقودة التي ولّدها الجشع والرغبة في الربح السريع"، على حد قوله.

وأقر الجابري بمعاناة الفئات الهشة في الحصول على أضحية العيد، قائلا إن "الكساب يجد نفسه مضطرا للبيع بهذه الأثمنة، التي تبقى بالنظر إلى حالة المعوزين جد مرتفعة، بسبب ارتفاع سعر الأعلاف والأدوية واليد العاملة، في غياب دعم جدي من الدولة لتجاوز كل هذه الإكراهات".

ووصف حسن بن صالح الوضع بالأسواق المحلية بالعادي، مشيرا إلى أن غالبية "الكسابة" لم يعرضوا بعد ماشيتهم بالسوق المحلية لكونهم يعرفون اللحظات القوية التي يصل فيها البيع إلى الذروة، ولأنهم يفضلون تصريف "منتوجهم" دون وسطاء و"شناقة"، تفاديا لبعض التهم المجانية التي غالبا ما يكون الوسيط سببا فيها، وكذا درءا لأتعاب النقل وواجبات الرحبة، أو ما اسماه بـ"صداع السوق".

وكشف المتحدث أن الأسواق باتت تفقد خصوصياتها لاعتبارات كثيرة ترتبط بأحداث السرقة والنشل والضيق والمنافسة وتدخّل "الشناقة"، على عكس "محلات الكسابة" التي تمنح لأفراد الأسرة فسحة التمعن بأريحية في الأضحية والاستشارة بشأنها والتواصل مع أصحابها الذين غالبا ما يكونون من الكسابة المعروفين لدى الزبائن، ما يجعلهم يتكلفون بالأضحية إلى حين اقتراب موعد الذبح.

وعلى خلاف الكثيرين ممن استمعت إليهم هسبريس، أكد الزويتي أن كل الأسر ستحصل على أضحيتها على الرغم مما يقال، لأن الأمر-بحسبه-يتعلق "بكل بساطة بسُنّة حميدة لا ترتبط بالمال أو بموضوع الأكل والشراب، إنما ببُعْدها الديني والرمزي؛ فهي إلى جانب كل ذلك، تبقى في مدلولها الأصلي دعوة إلى صلة الرحم وإحياء قيم التواصل وتذكيرا بحق الفقير على الغني"، وفق تعبيره.

قد يهمك أيضًا:

أعيان قبائل صحراوية يسلمون أخنوش مصحفاً فاق عمره 4 قرون

اتفاق بين المغرب وسويسرا للتعاون في مجالات الزراعة والأنظمة الغذائية المستدامة

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ارتفاع أسعار الأكباش يكسر فرحة الفقراء بعيد الأضحى في المغرب ارتفاع أسعار الأكباش يكسر فرحة الفقراء بعيد الأضحى في المغرب



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج الميزان

GMT 11:52 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 11:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 01:15 2018 الثلاثاء ,24 إبريل / نيسان

عبير صبري تبدي سعادتها بنجاح أعمالها الأخيرة

GMT 02:30 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أفضل الجزر البريطانية لالتقاط صور تظهر روعة الخريف

GMT 03:32 2017 الخميس ,02 آذار/ مارس

نهى الدهبي تكشف عن رحلات السفاري المميزة

GMT 05:29 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تفتتح أفخم فندق سبع نجوم بتكلفة 515 مليون دولار

GMT 10:07 2019 الأحد ,21 تموز / يوليو

ســاق علــى ســـاق

GMT 05:02 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

مرسيدس تكشف عن سيارتها الجديدة GLB 2020

GMT 19:10 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

50 هدفًا تفصل "ليونيل ميسي" عن عرش "بيليه"

GMT 06:21 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

مرسيليا عاصمة الثقافة وجهتكَ لقضاء أجمل الأوقات
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya