الأوضاع الاقتصادية الصعبة تدفع الغزيين لابتكار مشاريع للرزق
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

ارتفاع معدلات البطالة لمستويات غير عادية مع الحصار الخانقصار الخانق

الأوضاع الاقتصادية الصعبة تدفع الغزيين لابتكار مشاريع للرزق

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - الأوضاع الاقتصادية الصعبة تدفع الغزيين لابتكار مشاريع للرزق

مشاريع صغيرة للرزق
غزة – منيب سعادة

تبحث العديد من الأسر الغزية عن مصدر رزق، في ظل الحصار الخانق والظروف الاقتصادية الصعبة التي يشهدها قطاع غزة، وارتفاع لمعدلات البطالة لمستويات غير عادية، وتبتكر مشاريع اقتصادية صغيرة لا تحتاج إلى المال الكثير للتغلب على ظروف الحياة !!

الشاب محمد شقليه حمل على كتفه مجموعة من البلالين وألعاب الأطفال ويتجول على شاطيء بحر غزة لبيعها، منظر يختصر كل معاني الحياة في قطاع غزة المحاصر، فظروف الحياة الشاقة التي يمر بها محمد كغيره من الشباب تتغلب عليها ألوان البلالين والألعاب، يروي محمد ل"فلسطين اليوم"،  حكايته مع البلالين وألعاب الأطفال بالقول"أنهيت دراسة الثانوية العامة، ولم تتح لي الفرصة في إكمال دراستي الجامعية، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها أسرتي، فأخوتي الاثنين يكبرونني سناً وانتهوا من  تعليمهم الجامعي بعد مصاريف أرهقت العائلة فباعت أمي الذهب التي تمتلكه من يوم زواجها لتعليمهم، واليوم هم خريجوا ، وأسمائهم دونت في كشوفات الخريجي في غزة وعلى طوابير البطالة، وأنا فضلت ان لا أضيع سنين عمري بدون عمل، فبحث عن عمل فلم أجد أي فرصة للعمل، فقمت بشراء مجموعة من البلالين وبعض الألعاب الذي يرغبها الأطفال رخيصة الثمن، وأقوم ببيعها على شاطيء البحر المكتض بالزائرين، لأعيل أسرتي وأكون نفسي، فألوان البلالين الجدابة تجعل من الأطفال الرغبة في شرائها، والحمد الله كل يوم أخرج من البيت لشراء كمية من هذه البلالين بسعر الجملة وأقوم ببيعها منفردة ، وفي كل مساء لا يتبقى شيء منها.

ومن داخل منتزه غزة وجدنا الفتى أحمد ثابت البالغ من العمر 16 عاماً، يقوم بتأجير سيارة لعبة مزينة، ويصطف حوله الأطفال ينتظرون دورهم في اللعب وأخذ شوط بالسيارة في شوارع الحديقة، وتحدث أحمد لـ"فلسطين اليوم" قائلاً ، "أي هو أنت شايف عمل أخر في غزة"، كاشفاً إنه جمع ثمن هذه السيارة من مصروفه اليومي، لكي يعمل بها في المناطق التي يكثر بها المتنزهون، وخصوصاً في فصل الصيف على شاطيء غزة والمنتزهات، وفي الأعياد يذهب الي الجندي المجهول ، قائلاً أن الأطفال يميلون الى السيارة الأكثر جمالاً من ناحية التزيين والألوان، كما تجذبهم الأغاني والأناشيد التي يستمتعون بسماعها أثناء تجوالهم بالسيارة.

وفي الحديث عن سبب عمله في هذا المجال وبنبرة صوت يعتصرها القهر والحرمان قال أبي عامل عاطل عن العمل وأصيب في الحرب وأنا وأخوتي نساعد أبي في توفير حياة كريمة لأسرتنا،  لا نحتاج التذلل للجمعيات والمؤسسات التي لا تراعي التكافؤ والتوزيع حسب الحاجة، نعمل ونسترزق من عرق جبيننا.

أما الشاب الثلاثيني أحمد عمر الذي يجلس خلف بسطته المتنقلة "كشك صغير" ويبيع المشروبات الساخنة يروي لـ"فلسطين اليوم" حكايته : بالقول "قمت بشراء ألواح حديدية، وذهبت للحداد ، فقام بلحمها وتكوينها  كشك متحرك بعجلات، وشريت غاز صغير ، وقمت بشراء المعدات والأدوات والاحتياجات اللازمة لعمل المشروبات الساخنة "الشاي والقهوة والنسكفي والكابتشينو"، وأصبحت أذهب بها من شارع لشارع وفي الأماكن العامة والمزدحمة الذي يرغب المارة بهذه المشروبات، ودائما الحركة الشرائية تكون في الصباح على القهوة وفي وقت المساء، أما وقت الظهيرة لا أحد يأتي ويتطلع على كشكي، والحمد الله بدأ يتردد زبائن لشرب الشاي والقهوة عندي، واستطعت توفير احتياجات أسرتي من المأكل والمشرب والملبس، فأطفالي بحاجة الى ملابس مدرسية وحقائب وكتب وقرطاسية ونحن على ابواب بدء المدارس، فالحياة عمل ، من لا يعمل لا يستطيع تحمل هذه المصاريف في قطاع غزة.
وفي أحد شوارع مدينة غزة يبيع أبو عماد 45 عاماً " إكسسوارات وكل ما يلزم زينة الجوال" تحت حرارة الشمس ويبدو على ملامح وجهه التعب والإرهاق، فيقف خلف بسطته الصغيرة، ويقوم بعرض بضاعته على المارة، متحدثاً لنا " رغم التعب الذي أعانيه من وقوفي كثيراً بدون راحة إلا أنني سعيد جداً، فهذا المشروع جعلني اعتمد على نفسي في توفير احتياجات أسرتي، فقمت بإنشاء المشروع بعد ما كنت أعمل أجير في أحد المحلات بيومية قليلة جداً، فأستدنت مبلغ قليل من المال وقمت بشراء الإكسسوارات، وأقوم ببيعها للمارة، والعديد يفضلون الشراء مني لأن بضاعتي أرخص من المحلات التي تدفع إجار للأماكن.

وقال أبو عماد أن لديه بنتان في الجامعة تدرسان العلوم والصيدلة، وانه بحاجة لتوفير مصاريف ورسوم دراسية لهم كل فصل، قائلاً إن هذا المشروع ساعده كثيراً في توفير احتياجات أسرته.

وبحسب مركز الإحصاء الفلسطيني، ووفقًا لمعايير منظمة العمل الدولية، فإن نسبة البطالة في قطاع غزة قد بلغت 41 في المائة، وبلغ عدد العاطلين عن العمل ما يزيد عن 200 ألف شخص خلال الربع الأول من عام 2017، حيث تعتبر معدلات البطالة في غزة الأعلى عالميًا.
وارتفعت معدلات الفقر المدقع لتتجاوز 65%، فيما تجاوز عدد الذين يتلقون مساعدات إغاثية من الاونروا والمؤسسات الاغاثية الدولية أكثر من مليون شخص بنسبة تصل إلى 60% من سكان قطاع غزة.

 ويسعى المواطنون إلى تحسين دخلهم من خلال مهن متعددة يقومون بها ، لتوفير ما تحتاجه عائلاتهم من احتياجات يومية. وفي قراءة تراجيدية للأوضاع في قطاع غزة  قال أ. د. نسيم أبو جامع الخبير الاقتصادي، أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر ل"فلسطين اليوم "أن قطاع غزة يتجه نحو الأسوأ في ظل انهيار الاقتصاد الوطني، وأن كافة المؤشرات والدلائل تؤكد بأن قطاع غزة دخل مرحلة الانهيار الاقتصادي، فالحصار الإسرائيلي المستمر لأكثر من ١٢ عام والانقسام السياسي الفلسطيني أدى الي ضعف الاقتصاد ومن ثم ضعف التنمية وبتالي عدم فتح آفاق ومشاريع جديدة أمام العاطلين والخريجين والشباب من أجل دمجهم في سوق العمل الفلسطيني.

وحذر أبو جامع من  الأوضاع المعيشية الصعبة في ظل انهيار تام للاقتصاد الفلسطيني التي ستؤدي في زيادة في الأعمال الغير مشروعة والتجارة الغير مشروعة،وكل شيء غير مشروع من أجل توفير احتياجات الفئات المعدومة، الذي سيؤثر سلباً على أمن وأمان المواطن والمجتمع الغزي، وأيضاً على عجلة التنمية في المجتمع.

وأكد أن الأسر الغزية تتجه نحو عمل مشاريع صغيرة من اجل توفير حياة كريمة قدر الامكان في ظل عدم توفر أدنى مقومات الحياة في غزة ، وهذا يجعل عجلة حياة الاقتصاد مستمرة وبطيئة . ودعا إلى رعاية واحتضان من قبل الجهات المسؤولة لهذه المشاريع ، ووضع برنامج اقتصادي فلسطيني يتضمن النهوض بالاقتصاد الفلسطيني وابعاد الخلافات السياسية عن حياة المواطن وحاجياته لتستمر عجلة التنمية .

وقال الدكتور رمضان بركة الخبير النفسي والاجتماعي ل"فلسطين اليوم" أن الحصار والانقسام أثر بشكل كبير على الاقتصاد الغزي الذي بدوره أدى  الي زيادة في نسبة البطالة والفقر، ومن ثم أثر على الوضع النفسي والاجتماعي للأسر الفقيرة والمحتاجة ، وأيضاً على الشرائح والفئات التي لا تعمل، منوهاً أنه يلاحظ بعض الأسر تقوم بإرسال أبنائها الأطفال للعمل من أجل توفير الحد الأدنى لاحتياجاتهم وهذا يؤثر على نفسية الأطفال ويجعلهم عدوانين في بعض الأحيان، وحذر من ظاهرة الوصول للانحراف المجتمعي بسبب هذه الأزمات المتراكمة والتي ليس لها حلول قريب في الأفق ، فالوصول لهذه الظاهرة سيؤدي الي وضع خطير تخرج بالفرد أو الأفراد المنحرفين عن معايير وقيم المجتمع .

معتبراً أن عمالة الأطفال والشباب تؤثر بشكل سلبي على وضعهم النفسي والاجتماعي، مدللاً ذلك بوضع خريجي عاطلين عن العمل يبيعون في الأسواق أو يعملون في البناء ..الخ. فهذا ينعكس سلباً على المجتمع، داعياً المؤسسات الي رعاية الشباب والخريجين والعمال ودعم هذه المؤسسات للأسر المهمشة والفقيرة للحد من الظواهر الخطيرة التي تنجم جراء تفاقم هذه الأزمات.

 

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأوضاع الاقتصادية الصعبة تدفع الغزيين لابتكار مشاريع للرزق الأوضاع الاقتصادية الصعبة تدفع الغزيين لابتكار مشاريع للرزق



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya