المملكة المغربية ستعاني في عامها الجديد من موروث السابق من المديونية العام
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

حاملون أزمات مالية تفتقد إلى حلول تدبيرية ناجحة

المملكة المغربية ستعاني في عامها الجديد من موروث السابق من المديونية العام

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - المملكة المغربية ستعاني في عامها الجديد من موروث السابق من المديونية العام

وزير الاقتصاد والمالية المغربي محمد بنشعبون
الرباط - المغرب اليوم

يطوي عام 2019 أوراق رزنامته الأخيرة في المملكة المغربية تاركاً باب الأزمات مفتوحا على مصراعيه، مورّثا 2020 معضلات كثيرة تبدأ بالمديونية العامة، وتمرّ بالتضخم الاقتصادي، ولا تنتهي بالقدرة الشرائية. ويُقفل المغاربة الباب على عامهم الحالي حامِلين كما في كلّ عام أزمات مالية تفتقد إلى حلول تدبيرية ناجحة.

في ختام 2019، يبدو الوضع الاقتصادي في المغرب غير مُطَمْئِن. تقارير دولية تنبّه المملكة إلى خطورة تنامي وتيرة الاقتراض. على المسار نفسه، تذهب مقالات أخرى إلى دق ناقوس الخطر بشأن عجز الموازنة. الكلّ يرى أن التصحيح واجب، لكن من يدفع الفاتورة وعلى ضوء ذلك، تنامت وتيرة استعمال اسم "المنظمات المالية الدولية" هذا العام، لاسيما البنك الدولي، حيث أعربت فئة واسعة من المواطنين عن مخاوفها من أي شراكة محتملة مع هذه المؤسسات المالية، مقابل ترحيب فئات أخرى بهذه الشراكة. وبين هذا وذاك، كثيرا ما يُساء فهم الآثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على الشراكة معها.

تبعا لذلك، تنطلق ثلاثة أسئلة محورية لمقاربة الموضوع من زوايا مختلفة (اقتصادية، اجتماعية، سياسية...)، هي: المغرب والمؤسسات الدولية، هل هي مغامرة غير محسوبة؟ هل ارتفاع وتيرة الاستدانة مدعاة للقلق كما يرى كثير من المحللين؟ وهل هذه المخاوف تستند إلى مرتكزات واقعية تُضفي عليها المصداقية؟

عجز الموازنة

البنك الدولي، في تقرير له معنون بـ "إحصاءات الديون الدولية 2020"، أوضح أن إجمالي الدين العام للمغرب مقداره 42.029 مليون دولار سنة 2018، يتوزع بين ديون خارجية طويلة الأمد وأخرى قصيرة الأمد، حيث انتقلت الأولى من 19.242 مليون دولار سنة 2008 إلى 40.803 مليون دولار عام 2018. أما الديون قصيرة الأمد، فقد انتقلت من 1.631 مليون دولار سنة 2008 إلى 7.446 مليون دولار في الموسم المنصرم.

وأشار التقرير سالف الذكر إلى أن المملكة تقترض نحو 15.483 مليون دولار من الدائنين متعددي الأطراف، حيث تصل قيمة قروض البنك الدولي إلى 5.529 مليون دولار. كما أن نسبة الديْن من الناتج الداخلي الخام عرفت ارتفاعا مضطردا خلال العشرية الأخيرة، بعدما انتقلت من 23 بالمائة عام 2008 إلى 42 بالمائة السنة الماضية ووفق منشور للمندوبية السامية للتخطيط، أصدرته في يوليوز، فإنها تتوقع تراجعاً طفيفاً لمعدل الدين العمومي مقارنة بالناتج الداخلي الإجمالي في الموسم القادم، بحيث سيتراجع معدل الدين للخزينة إلى حوالي 64.8 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي عوض 65.3 في المائة سنة 2019.

على ضوء ارتفاع عجز الموازنة وزيادة الاحتياجات التمويلية، يُفترض أن يتجه المغرب للتمويل من خلال طرح أدوات الدين محليا ودوليا، الأمر الذي من شأنه أن يُعزز أهمية تنمية أسواق التمويل المحلية، حيث يجب العمل على تأمين احتياجات الموازنة من التمويل بأفضل التكاليف الممكنة وعند مستوى مقبول من المخاطر.

قابلية السّداد

تتوزع القراءات الاقتصادية للمديونية العامة بين موقفين؛ أحدهما يرى أن الاقتراض ليس مشكلاً مادام محدد الأهداف ويتوفر فيه شرط القابلية للسّداد، والثاني يعتبر أنه لا يمكن الحديث عن المديونية إذا ما كانت مسوغاتها ذات صلة وطيدة بالسيرورة العامة للبلاد على المديين المتوسط والطويل.

في هذا الصدد، قال المهدي فقير، خبير محاسباتي واقتصادي، إن "المشكل الذي يواجه الاقتراض هو القابلية للسداد، لأنه في هذه الحالة يكون مجرد عملية تقنية تعتمد على مدى قدرة الدولة على الاستدانة"، مبرزا أن "المديونية قد تكون لها أهداف تمسّ التوازنات العامة؛ مثل الاقتراض لتشييد البنى التحتية" وأضاف فقير، في تصريح، أن "قانون المالية في المغرب اشترط الاستدانة بتمويل الاستثمار؛ أي إن نفقات التسيير ستؤديها الدولة من المداخيل الضريبية والعامة"، لافتا إلى أن "المغرب لديه قدر كبير من السيادة على القرار الاقتصادي، والدليل على ذلك النقاش الذي صاحب تعويم الدرهم".

وفي جوابه على سؤال بشأن قابلية سداد المغرب لمديونيته، قال الباحث إنها "هيكلية في نسبة منها بالنظر إلى الظروف الحالية والمداخيل الكائنة؛ إذ يستعصي سداد هذه المديونية، ما يجعل من المسألة مصيرية لأن الدولة تسعى قدر الإمكان إلى توفير الموارد المالية لإعادة التوازن والحفاظ على مستوى معين من الإنفاق".

"ديون كريهة"

لطالما شكّلت مسألة الديون إحدى القضايا المحورية التي تشتغل عليها جمعية "أطاك المغرب"، العضو في الشبكة الدولية لـ "لجنة إلغاء الديون غير الشرعية"، حيث تنادي على الدوام بإلغاء الديون، معتبرة أن ذلك هو الشرط الأساس لخلق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية.

في هذا الصدد، قالت فاطمة الزهراء البلغيتي، الكاتبة العامة لجمعية "أطاك المغرب": "لا يمكن تحقيق أي تنمية دون إلغاء المديونية التي تمتص 84 في المائة من الناتج الداخلي الخام، حيث وجب تعليق سداد الديون إلى حين تدقيقها وإلغاء القسم الكريه منها، مقابل عطاء الأولوية لتوفير خدمات عمومية مجانية جيدة للمواطنين والمواطنات" وأضافت البلغيتي، أن "اهتمامنا في جمعية أطاك المغرب لا يقتصر على مسألة الدين العمومي، بل يشمل الديون الخاصة، مثل سلفات مؤسسات القروض الصغرى التي نعتبرها وسيلة يُراكم عن طريقها المتدخلون في سوق تمويل السلفات الصغرى أرباحًا على حساب الفقراء".

وأوضحت المتحدثة أن "المديونية العمومية تتجه نحو الارتفاع؛ إذ بلغ الدين الإجمالي سنة 2017 ما مجموعه 900 مليار درهم، وفي سنة 2018 بلغ حجم الدين العمومي 930 مليار درهم؛ أي ما يعادل 84 في المائة من الناتج الداخلي الخام، في حين لم تتجاوز ميزانية التعليم في السنة نفسها 59.29 مليار درهم، وميزانية الصحة 14.79 مليار درهم".

إحصائيات رسمية

إجمالي الدين الخارجي العمومي للمغرب، وفق نشرة إحصائية لوزارة الاقتصاد والمالية، بلغ خلال النصف الأول من السنة الجارية 35.2 مليار دولار، ما يُعادل 337.8 مليار درهم. ويمثل هذا الرقم ارتفاعاً بـ 11.2 مليار درهم مقارنة مع نهاية سنة 2018 التي وصل فيها الدين العمومي الخارجي للمملكة إلى 326.6 مليار درهم.

وتأتي المؤسسات الدولية على رأس لائحة المُقرِضين للمغرب بنسبة تقترب من النصف (49.5 في المائة)، والسوق المالية الدولية والأبناك التجارية بـ23.9 في المائة، إضافة إلى دول الاتحاد الأوروبي بـ17.5 في المائة، والدول العربية بـ3.7 في المائة، أما الباقي فهو موزع على دول أخرى في هذا السياق، أكّدت فاطمة الزهراء البلغيتي، الكاتبة العامة لجمعية "أطاك المغرب"، أن "المديونية تُشكّل عبئا ثقيلا على موارد الميزانية العمومية، حيث يُشكل نظام الدين أداة لفرض هيمنة المؤسسات المالية وضمانة لمواصلة تطبيق برامج التقشف، ما يجعله آلية من آليات الاستعمار الجديد".

"يتزايد عدد الفقراء بسبب سياسات التقشف التي ينتج عنها تحرير الأسعار وانهيار القدرة الشرائية وانعدام الدخل وتضخم أعداد العاطلين والعاطلات عن العمل"، تقول المتحدثة التي أشارت إلى أن "ذلك يسيل لعاب المتدخلين في سوق التمويل الأصغر لتوزيع أكبر عدد من السلفات على الفقراء بفوائد فاحشة لجني الأرباح، حيث يبلغ عدد زبناء هذه السوق نحو مليون شخص، وتسعى الدولة إلى رفع عدد زبناء السلفات الصغيرة إلى 3.2 مليون شخص في أفق 2022".

مُدَد القروض

عمد المغرب إلى ضخ دينامية جديدة في سياسته الاستثمارية على الصعيدين الداخلي والخارجي، لكن العديد من المتتبعين للشأن الاقتصادي يتساءلون عن ماهية الأسباب التي تجعل الاستثمارات المالية لا تغني المملكة عن الاقتراض الخارجي، لنطرح بدورنا السؤال الآتي: لماذا لا يكفي مدخول الاستثمارات المغربية لتغطية حاجيات البلاد ومن ثمة تفادي اللجوء إلى الاقتراض؟

تعليقاً على ذلك، قال عمر الكتاني، باحث اقتصادي: "هناك شبكة لوبيات تستغل المشاريع العمومية التي تكون كلفتها زائدة على السوق بنسبة 25 في المائة على الأقل، ما يجعلها مشاريع تكلّف أكثر من كلفة السوق، بينما مدخولها المالي ضعيف؛ ما يعني أنها لا تغطي القروض التي تحرّكها" وأضاف الكتاني، في تصريح أدلى به أن "الاستثمار العمومي مكلّف في المغرب، ولو أنني أسانده، لأنه لا يغطّي فوائد القروض"، موردا أن "آخر إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط تشير إلى أن نسبة القروض تبلغ 92 في المائة من الدخل الوطني"تقترض القطاعات الوزارية والمؤسسات الحكومية ديوناً على مدد طويلة تصل إلى 20 سنة، في حين يمتد القانون المالي على عام فقط"، يقول المتحدث الذي اعتبر أن "هاجسها (القطاعات الوزارية والمؤسسات الحكومية) هو أن تمرّ السنة بسلام، وفي مقابل ذلك تكون انعكاسات مستقبلية على الاقتصاد الوطني".

تبِعات اجتماعية

في غالب الأحيان، يجري الحديث عن التوازنات المالية التي تقف وراء الحصول على الديْن الدولي، لكن يتم إغفال تبعات الاستدانة على الصعيد الاجتماعي، ومرد ذلك إلى الإملاءات التي تفرضها الصناديق المالية الدولية على الدول المُقترضة، الأمر الذي يجعل البلدان، لاسيما النامية، ترتهن بسَداد فوائد الديْن على حساب الأمن الاجتماعي للمواطن، والموازنة بين وتيرة الاقتراض ومعدّل الاستثمار هي معادلة يراها خالد الهوير العلمي، القيادي في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، من منظور اجتماعي، "مديونية مرتفعة ينتج عنها اختفاء الدور الاجتماعي للدولة من خلال تدمير الطبقة المتوسطة التي تحرّك الاقتصاد الوطني".

ولفت الهوير العلمي، في تصريح أدلى به إلى واقع الاقتصاد الوطني الذي شَخّصَ معضلاته وأجملها في "سوء تدبير المالية العمومية، وغياب رؤية واضحة للاقتصاد، فضلا عن الارتباط الدائم بالدعم الذي تمنحه البلدان الخارجية، سواء تعلق الأمر بالاتحاد الأوروبي أو دول الخليج".

وتابع النقابي ذاته قائلا: "توجد لوبيات تحتكر المشاريع الكبرى، في حين ينبغي إعطاء دينامية جديدة للمقاولات الصغرى والمتوسطة، إلى جانب مواكبة القطاع غير المهيكل"، خاتما بالقول: "نحتاج إلى حكامة مالية جيّدة من شأنها خلق فرص الشغل وتوفير الثروة، ما يستلزم توجيه الاستثمار صوب القطاعين الصناعي والخدماتي".

قد يهمك أيضًا : 

"المالية" المغربية تؤكد أن الديون الخارجية للمملكة وصلت إلى 337 مليار درهم

التحفيزات الجبائية تضيّع على الدولة المغربية 27 مليار درهم خلال 2019

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المملكة المغربية ستعاني في عامها الجديد من موروث السابق من المديونية العام المملكة المغربية ستعاني في عامها الجديد من موروث السابق من المديونية العام



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:55 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الميزان

GMT 04:16 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

زكي يوجه رسالة قوية إلى مسؤولي الدفاع الحسني الجديدي

GMT 14:34 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

"بريزنتيشن" تؤكد أن مُبررات "صلة" في شأن فسخ تعاقدها غير الصحة

GMT 08:32 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

"الأساور العريضة" تصلح لمختلف مناسبات صيف 2018

GMT 11:37 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ياسمين جمال ترتدي فستان الزفاف للمرة الثانية بعد الطلاق

GMT 01:48 2016 السبت ,08 تشرين الأول / أكتوبر

علاج الشيب نهائياً وبألوان مختلفة

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 04:16 2019 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يشهد نهضة غير مسبوقة في مجال التنقيب عن النفط

GMT 06:33 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على الفوائد المذهلة لثمرة الرمان على الصحة

GMT 17:22 2019 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

احصلى على أسنان ناصعة البياض فى المنزل

GMT 13:30 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

عربية السيدات تعتمد جوائز خاصة للفرق الرياضية

GMT 23:33 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

موعد الكشف عن "بوجاتي تشيرون سوبر سبورت" الجديدة

GMT 13:12 2018 الخميس ,18 تشرين الأول / أكتوبر

الإدريسي يؤكد على أهمية التنافس الديمقراطي داخل المغرب

GMT 05:24 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي علي طرق تزيين حديقة منزلك بدراجة ابنك القديمة

GMT 09:00 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

افتتاح مطعم " WOK & CO" في فندق "ايبس ون سنترال"

GMT 10:34 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ضبط ثعابين وسحالي نادرة في معبر باب سبتة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya