إدغار موران يؤكّد أنّ اختلاف آراء العلماء يثير الشكوك في نفوس المواطنين
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

أوضح أنّ الحجر الصحّي قد يكون فرصة للتأمل بشأن الأشياء التافهة

إدغار موران يؤكّد أنّ اختلاف آراء العلماء يثير الشكوك في نفوس المواطنين

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - إدغار موران يؤكّد أنّ اختلاف آراء العلماء يثير الشكوك في نفوس المواطنين

الفيلسوف إدغار موران
باريس - ليبيا اليوم

لا يزال الفيلسوف إدغار موران، الذي يعيش بدوره في الحظر الصحي داخل منزله في مونبلييه الفرنسية، مخلصًا لرؤيته العالمية للمجتمع، في حين أنّه ينظر إلى أزمة فيروس "كورونا" العالمية، بمنظور فلسفي يأخذ طابعًا مختلفًا عن غيره من المراقبين حول العالم، حيث اعتبر أن الأزمة الوبائية يجب أن تعلّمنا أن نفهم العلم بشكل أفضل وأن نعيش بعدم اليقين، وإعادة اكتشاف شكل من أشكال الإنسانية.وعن الأزمة العالمية يقول موران: ما أدهشني هو اعتبار جزء كبير من الجمهور أن العلم مرجعًا للحقائق المطلقة، وأنه يقدم تأكيدات لا تقبل الجدل. والجميع شعر بالطمأنينة بعد رؤية الرئيس ماكرون محاط بمجلس علمي. لكن ماذا حدث؟ سرعان ما أدركنا أن هؤلاء العلماء دافعوا عن وجهات نظر مختلفة جدًا وأحيانًا متناقضة، سواء حول التدابير التي يجب اتخاذها، أو العلاجات الجديدة التي يمكن أن تستجيب للطوارئ، وكذلك العقار الذين يجب اعتماده للعلاج، أو طول مدة التجارب السريرية… كل هذه الخلافات تثير الشك في أذهان المواطنين.

وأضاف : الجمهور لن يفقد الثقة في العلم إذا فهمنا أن العلوم تعيش وتتقدم من خلال الجدل. على سبيل المثال، جعلتنا المناقشات حول الكلوروكين أن نطرح مسألة البديل بين الاستعجال والحذر. لقد عرف العالم العلمي بالفعل خلافات قوية في وقت ظهور مرض الإيدز في الثمانينيات، وما أظهرنا نحن فلاسفة العلوم، بالضبط هو أن الخلافات جزء متأصل من البحث. بل يحتاج العلم هذه الخلافات من أجل التقدم.لسوء الحظ، قرأ عدد قليل جدًا من العلماء كارل بوبر، الذي أثبت أن نظرية علمية هي التي تكون قابلة للدحض، أو غاستون باشلار، الذي طرح مشكلة تعقيد المعرفة، أو توماس كون، الذي أظهر كيف أن تاريخ العلم هو عملية متقطعة. للأسف يتجاهل الكثير من العلماء ما قدمه هؤلاء الإبستمولوجيون العظماء ولا يزالون يعملون من منظور دوغمائي.

وبشان قدرة الأزمة الحالية على تغيير هذه الرؤية للعلم، قال :لا أستطيع أن أتوقع ذلك، لكنني على آمل أن يساعد ذلك في الكشف عن مدى تعقيد العلم أكثر مما نود أن نعتقد – عندما نضع أنفسنا في جانب أولئك الذين يتصورون (العلم) كفهرس catalogue للدغمائيات، أو لأولئك الذين يرون العلماء فقط عددًا كبيرًا من ديافوروس (الدجال في مسرحية المرض المتخيل لموليير) يناقضون أنفسهم باستمرار، فالعلم هو حقيقة بشرية يقوم، مثل الديمقراطية، على مناقشات الأفكار، على الرغم من أن طرق التحقق صارمة أكثر. لكن رغم ذلك تميل النظريات المقبولة الرئيسية إلى أن تصبح دوغمائية، فقد كافح المبتكرون العظماء دائمًا من أجل التعرف على اكتشافاتهم. قد تكون الحلقة التي نمر بها اليوم هي الوقت المناسب لتوعية المواطنين والباحثين أنفسهم بالحاجة إلى فهم أن النظريات العلمية ليست مطلقة، مثل الدوغمائيات الدينية، لكنها قابلة للتحلل…وفيما يخص الكارثة الصحية أو حالة الحظر الصحي غير المسبوقة التي نمر بها حاليًا، قال :ليست هناك حاجة لإنشاء تسلسل هرمي بين هاتين الحالتين ، لأن تسلسلهما كان زمنيًا ويؤدي إلى أزمة يمكن أن يقال عنها حضارة، لأنها تجبرنا على تغيير سلوكنا وتغيير حياتنا محليا وعالميا. كل هذا كله معقد. إذا أردنا أن نفكر في الأمر من وجهة نظر فلسفية، يجب أن نحاول الربط بين كل هذه الأزمات والتفكير أولًا في عدم اليقين، وهو السمة الرئيسية.

والمثير للاهتمام في أزمة فيروس كورونا هو أننا ما زلنا غير متأكدين من أصل هذا الفيروس، ولا على أشكاله المختلفة، ونوع الناس الذي يهاجمهم، ودرجات ضرره… ولكننا نمر أيضًا بحالة من عدم اليقين بشأن جميع عواقب الوباء في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادي.

وتابع: يجب أن نتعلم قبول الأزمات والعيش معهما، في حين أن حضارتنا قد غرست فينا الحاجة إلى مزيد من اليقين بشأن المستقبل، غالبًا ما يكون وهمًا، وأحيانًا يكون تافهًا، فعندما نقوم بوصف بدقة ما سيحصل لنا في عام 2025! فيجب أن يذكرنا هذا الفيروس بأن عدم اليقين لا يزال عنصرًا منيعًا في الشرط الإنساني. لن تتمكن جميع التأمينات الاجتماعية التي يمكنك الحصول عليها من أن تضمن عدم إصابتك بالمرض أو أنك ستكون سعيدًا مع عائلتك ! نحاول أن نحيط أنفسنا بالحد الأقصى من اليقين، لكن العيش هو التنقل في بحر من الشكوك، من خلال جزر وأرخبيلات اليقين الذي نشكل إمداداتها.

وواصل أنّ هذه هي نتيجة تجربته، موضحا بقوله : لقد شاهدت الكثير من الأحداث غير المتوقعة في حياتي – من المقاومة السوفيتية في ثلاثينيات القرن الماضي إلى سقوط الاتحاد السوفييتي، وذلك لكي نتحدث فقط عن حقيقتين تاريخيتين غير متوقعتين قبل حدوثهما – هذا  جزء من طريقي في الوجود. أنا لا أعيش في قلق دائم، لكنني أتوقع حدوث أحداث قد تكون كارثية. أنا لا أقول إنني توقعت الوباء الحالي، لكنني قلت لسنوات عدة أنه مع تدهور محيطنا الحيوي notre biosphère يجب أن نستعد للكوارث. نعم ، إنها جزء من فلسفتي: “توقع ما هو غير متوقع”.

بالإضافة لهذا، أنا قلق بشأن مصير العالم بعد أن فهمت، عندما قرأت هيدغر سنة 1960، أننا نعيش في عصر الكواكب، ثم في عام 2000 أن العولمة هي عملية يمكن أن تسبب الكثير من الضرر على الإستفادة. وألاحظ أيضًا أن الاندفاع غير المنضبط للتنمية التقنية والاقتصادية، الذي يحركه العطش غير المحدود للربح والذي تفضل سياسة ليبرالية معممة، أصبح ضارًا ويثير أزمات من جميع الأنواع … منذ تلك اللحظة، أنا مستعد فكريا لمواجهة ما هو غير متوقع، لمواجهة الاضطرابات.

وفيما يخص طريقة تدبير الوباء من قبل السلطات العمومية في فرنسا، قال موران: أتأسف أنه تم إنكار احتياجات معينةّ، في فترة معينة، مثل ارتداء الكمامة، فقط… وذلك لإخفاء حقيقة أنها غير متوفرة! قلنا أيضا أن الاختبارات عديمة الفائدة، فقط لتمويه حقيقة أننا لم تكن لدينا. سيكون من البشري أن ندرك أن الأخطاء قد ارتكبت وأننا سوف نقوم بتصحيحها. المسؤولية تمر عبر الاعتراف بأخطائها. ومع ذلك، لاحظت أنه منذ خطابه الأول حول الأزمة، لم يتحدث الرئيس ماكرون عن الشركات فقط، بل تحدث عن الموظفين والعمال. إنه التغيير الأول! نأمل أن يحرر نفسه في نهاية المطاف من العالم المالي: حتى أنه ذكر إمكانية تغيير نموذج التنمية…

وتطرق موران إلى مسألة الاتجاه نحو التغيير الاقتصادي، فقال : نظامنا قائم على التنافسية و الربحية وهو الشيء الذي غالبا ما يكون له عواقب وخيمة على ظروف العمل. يمكن أن تساعد الممارسة الهائلة للعمل عن بعد التي فرضها الحظر الصحي في تغيير الطريقة التي تعمل بها الشركات التي لا تزال هرمية أو استبدادية للغاية. يمكن للأزمة الحالية أيضًا تسريع العودة إلى الإنتاج المحلي والتخلي عن الصناعة التي يمكن التخلص منها بالكامل، وبالتالي توفير وظائف جديدة للحرفيين والشركات المحلية. في هذه الفترة عندما تكون النقابات ضعيفة للغاية، فإن كل هذه الإجراءات الجماعية هي التي يمكن أن يكون لها تأثير على تحسين ظروف العمل.

أمّا على الجانب السياسي، وما يتوقّعه من تغيّر في العلاقات بين الفرد والجماعة، علّق بقوله: هيمنت المصلحة الفردية على كل شيء، والآن أصبح التضامن يقظًا. أنظر إلى عالم المستشفيات: كان هذا القطاع في حالة من الانشقاق والسخط العميقين، ولكن عندما واجه تدفق المرضى، أظهر تضامنًا غير عادي. حتى لو كانوا في حجر صحي، فقد فهم الناس هذا جيدًا من خلال التصفيق، في المساء، على جميع الأشخاص الذين يكرسون أنفسهم ويعملون من أجلهم. هذه بلا شك لحظة تقدم، على الأقل على المستوى الوطني.

للأسف، لا يمكننا الحديث عن إيقاظ تضامن إنساني أو عالمي. ومع ذلك ، فقد كنا بالفعل إنسانيين في جميع البلدان، نواجه نفس المشاكل في مواجهة التدهور البيئي أو السفاهة الاقتصادية. بينما اليوم، من نيجيريا إلى نيوزيلندا، نجد أنفسنا جميعًا في حجر صحي، يجب أن ندرك أن مصائرنا مرتبطة، سواء أحببنا ذلك أم لا. الآن سيكون الوقت المناسب لتحديث إنسانيتنا، حتى نرى الإنسانية كمجمع مصيري، فنحن لا يمكننا دفع الحكومات إلى التصرف بطريقة مبتكرة.

وفي النهاية قدّم موران أهم نصائحه لقضاء فترات الحظر الصحي الطويلة، فقال : صحيح أنه بالنسبة للكثيرين منا الذين يعيشون جزءًا كبيرًا من حياتهم بعيدًا عن المنزل، يمكن أن يمثل هذا الحظر المفاجئ إحراجًا رهيبًا. أعتقد أنها يمكن أن تكون فرصة للتأمل، للتساؤل عما في يوجد في حياتنا من أشياء تافهة أو عديمة الفائدة. أنا لا أقول أن الحكمة هي البقاء في غرفتك طوال حياتك، ليس فقط في طريقة الاستهلاك أو التغذية، فقد يكون الوقت قد حان للتخلص من كل هذه الثقافة الصناعية التي تعرف العديد من الرذائل، لحظة للتخلص من السموم. إنها أيضًا فرصة لأن نكون على دراية دائمة بهذه الحقائق البشرية التي نعرفها جميعا،  ولكن يتم قمعها في اللاوعي لدينا: الحب والصداقة والشراكة والتضامن هي التي تؤدي إلى جودة الحياة.

قد يهمك أيضًا:

الرئيس ماكرون يكشّف تفاصيل حديثه مع ولي العهد السعودي في قمة العشرين

إدغار موران يؤكد أن وباء "كورونا" كشف أن العولمة ترابُطٌ فاقدٌ التّضامنَ

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إدغار موران يؤكّد أنّ اختلاف آراء العلماء يثير الشكوك في نفوس المواطنين إدغار موران يؤكّد أنّ اختلاف آراء العلماء يثير الشكوك في نفوس المواطنين



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين

GMT 20:47 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

"الوطني للسكك الحديدية "يعلن عن تخفيضات في تذاكر القطار

GMT 10:42 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حركة إعفاءات وتغييرات جديدة في صفوف الدرك الملكي

GMT 02:26 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ورق جدران بألوان جذابة لديكورات غرف معيشة مبهجة

GMT 22:03 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

صعقة كهربائية تودي بحياة شاب في سلوان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya