المحيبس أحد أهم الطقوس والعادات المتوارثة في رمضان في العراق
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

توارثت عن الاجداد ونتاج ثقافات وخزين معرفي متنوع

"المحيبس" أحد أهم الطقوس والعادات المتوارثة في رمضان في العراق

المغرب اليوم -

المغرب اليوم -

لعبة "المحيبس" تزيّن شهر رمضان لدى الأسرة العراقية
بغداد – نجلاء الطائي

في كل بقعة من بقاع العالم العربي والإسلامي، تكون لشهر رمضان نكهة خاصة تختص بها تلك البقعة، يمارس فيها الناس طقوسهم الخاصة وتقاليدهم التي توارثوها عن أجدادهم كلٌ حسب أجوائه والتي هي نتاج ثقافات وخزين معرفي متنوع.

فقد إعتاد الناس في العراق على طقوسهم الخاصة، ومارسوها في هذا الشهر الفضيل، ومع أن تلك الطقوس صارت تتغير مع تغير الأجيال، فهي تتأثر بالثقافات الاُخرى بحيث تتقارب وتتشابه في بعض الأحيان من بلد الى آخر، فمثلاً شخصية "المسحراتي" تكاد تكون مشتركة في كل العالم العربي، فقد أوجدته الحاجة، لكن هذه الشخصية نشأت في بغداد منذ زمن العباسيين، وأوجدوا له فنًّا شعريا سموه "القوما" والكلمة مشتقة من "قوما نسحر قوما" وأول من إخترع هذا الفن هو "أبو نقطة" للخليفة الناصر ثم أخذه عنه ابنه، وكانا يقومان بإنشاده لغرض إيقاظ الخليفة في وقت السحور.

المحيبس أحد أهم الطقوس والعادات المتوارثة في رمضان في العراق

وتغيرت هذه الشخصية مع مرور الزمن لتستخدم أدوات مثل الطبل والصفائح المعدنية وأية وسيلة للتنبيه، وكان يقوم بها شخص من عائلة واحدة ورث هذا العمل عن آبائه في كل منطقة، أما الآن فتغيرت الى مجموعة من الشباب تتجول في الشوارع في وقت السحور، وهي تضرب على طبول ضخمة عالية الصوت بإيقاع متناسق تشبه الى حد كبير تلك التي تُستخدم في المواكب الحسينية. وكان المسحراتي في بغداد يتطوع لهذا العمل، ولا ينتظر أجراً عن عمله هذا، أما الآن ففي كل مدينة مجموعة "تحتكر" هذا العمل، وتقبض أجرها في أول يوم العيد بالتجول نهاراً "هذه المرة" وهي تضرب على طبولها أثناء تجوالها لتنبيه الناس، ثم تدق البيوت باباً باباً لاستلام العيدية، وهي غالباً ما تكون مبالغ بسيطة، لكن بسبب حجم المدن الكبير وعدد البيوت الضخم  يكون الوارد مبالغ كبيرة يوزعها الشباب في ما بينهم .

المحيبس
هذا الإسم كان يَكثر تداوله في رمضانات بغداد القديمة، فهو اقدم لعبة في العراق آن ذاك، ففي العراق لا يمكن أن يحل رمضان بدون أن تنتشر هذه اللعبة الشعبية، فقد ارتبطت بهذا الشهر الفضيل بشكل شرطي، فلا يمكن الفصل بينهما، وبعد أن ينتهي رمضان، ويحل العيد لا يعود لهذه اللعبة أي ذكر، على الرغم من كونها لعبة ممتعة تستغرق وقتا طويلا، "وربما يكون سبب إنتشارها واختراعها أصلاً لهذا الغرض"، فتبدأ هذه اللعبة بعد الفطور لتستمر حتى السحور، وفي بعض الأحيان الى الصباح، فهي لا تُحدد بوقت بل بعدد النقاط.

والمحيبس مُصغَّر "محبس" وهو "الخاتم" في اللهجة البغدادية،  يتنافس في هذه اللعبة فريقان لا يتحدد عدد الفريق الواحد، فقد يصل الى 100 او 200 او حتى 400 شخص في بعض الأحيان  ويُسلّم أحد اللاعبين المحبس، ويدعى ذلك "بالتبييت" ليأتي دور رئيس الفريق المنافس بمعرفة ذلك الشخص الذي يملك المحبس "وفي أي يد " ليكسب نقطة، وينتقل المحبس الى فريقه في حال اكتشافه، وقبل ذلك يدور بين اللاعبين "متفرّساً وجوههم وردود أفعالهم" فيقول لأحدهم "طلك" أي افتح يدك فهي ليس فيها المحبس ، أما عند فشله بقوله لصاحب المحبس "طلك" فيصيح الذي بيده المحبس "بات" وهو إعلان أن المحبس سيبقى عند الفريق الفائز لجولة جديدة.

ويكسب الفريق الفائز نقطة حتى تصل اللعبة الى نهايتها بحصول أحد الفريقين على  21 نقطة، لتنتهي المباراة بتوزيع كمية كبيرة من الحلويات بين الفريقين يتحملها الفريق الخاسر، ويشتهر الآن، في العراق وبغداد، بخاصة،  لاعبون كبار لهذه اللعبة التي اهتمت اللجنة الأولمبية العراقية بها، ونظّمت لها دوريّا يشمل العراق، تتنافس فيها فرق شهيرة مثل الكاظمية، الشعلة، الفضل، باب الشيخ، الكرادة والأعظمية، وغيرها فضلاً على فرق المحافظات، ومن تلك الأسماء الشهيرة جاسم الأسود في الكاظمية، وفي الأعظمية أبو داود، وفي باب الشيخ شاكر طليعة، وفي الشعلة كريم داخل، أما في الكرادة فاشتهر حجي سهيل، وحجي فاضل، وفي منطقة الكرخ إشتهر صاحب ذيبان ومحمد شعيطه، ومن الوشاش عبد الله بروس، فيما يمثل منطقة الفضل لطيف ابو شوارب!.

ويمتلك هؤلاء فراسة، ودقة ملاحظة  كجزء أساس من متطلبات اللعبة، فيجب أن يكونوا حادّي الذكاء ولا تفوتهم أي شاردة، أو واردة، أو حركة يقوم بها لاعبو الخصم، فيفرزون حامل المحبس من بين المئات بعلامات خاصة، فهم يميزون علامات الخوف التي تظهر عليهم ، وهذا بالتأكيد يحتاج الى خبرة كبيرة ، فيتداول  البغداديون قصة طريفة وهي أن "لطيف ابو شوارب" تَنقّل بين اللاعبين أكثر من مرة في إحدى المباريات لكنه لم يشك بأحد ، فصاح "المحبس مشايله أحد" ويعني أن المحبس ليس بيد أحد اللاعبين، فضحك الحضور لأنهم كانوا قد قرروا أن يمزحوا معه ولم يسلموا المحبس الى أيّ لاعب.

وتنتهي عادة بتوزيع أطباق "الزلابية" و"البقلاوة" وهي نوع من الحلوى التي تشتهر في رمضان، ولا يكاد تخلو مائدة  منها في العراق.
 
وهكذا يمضي رمضان في اليوم العراقي الذي يمتاز أهله فيه بالكرم، فمن المعتاد أن يبعث الجار الى جاره صحنًا من مائدتهم قبل الافطار فيردّ الجار الثاني الصحن مليئاً بما حوت مائدتهم "فقد اعتادوا أن لا يعود الصحن فارغاً "، كما تكثر ولائم الإفطار في هذا الشهر، فيتزاور أهل المنطقة في ما بينهم تلبية لتلك الدعوات، وهذه العادات من شأنها تقوية أواصر الألفة  والمحبة بين أفراد المجتمع الواحد ، وفي الأيام الأخيرة من رمضان تستعد العائلة العراقية له بعمل "الكليجة " وهي معجنات تجتمع العائلة كلها بصناعتها ثم ترسلها الى أحد الأفران القريبة لتحميصها لتوزعها بعد ذلك الى ضيوفها في أيام العيد .

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المحيبس أحد أهم الطقوس والعادات المتوارثة في رمضان في العراق المحيبس أحد أهم الطقوس والعادات المتوارثة في رمضان في العراق



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 21:40 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة الفنانة شادية إلى منزلها بعد استقرار حالتها الصحية

GMT 02:37 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

"عارضة الأزياء بيلا حديد تتظاهر من أجل "القدس

GMT 04:39 2016 الأحد ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المكسيكي غابرييل داو يصمِّمم "قوس قزح" بألوانه الزَّاهية

GMT 09:40 2016 الثلاثاء ,06 أيلول / سبتمبر

الذكرى 46 لرحيل الأب جيكو

GMT 16:24 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

خالد الصاوي ينعي رحيل الفنان مصطفى طلبه

GMT 01:47 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أطعمة تساعد على تحسين مزاجك وإحساسك بالراحة

GMT 01:43 2016 الإثنين ,15 آب / أغسطس

متي يمكن معرفة جنس الجنين بوضوح

GMT 23:56 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

عبد السلام وادو يحصل على شهادة مدير عام نادي رياضي
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya