يرتبط اسم نهر لا لوار في فرنسا بالقصور وفن الحدائق، فعلى امتداد النهر يوجد أكثر من مائة قصر محاط بالحدائق ذات التصميم الفريد، والتي تشهد على عصر التنوير وفترة مهمة في تاريخ فرنسا.
لا تقع جميع القصور على ضفاف النهر، بعضها مختبئ في الغابات، وتحيط بها هكتارات من الحدائق، وبالمجمل يوجد حوالي 300 قصر على طول 300 كيلومتر من الوادي.
أُدْرِج وادي "لا لوار" في قائمة التراث العالمي لليونيسكو، نظراً لثرائه بالمواقع التاريخية والمعالم الثقافية، فهو المنطقة الأولى في العالم من حيث ازدحامه بهذا العدد الكبير من القصور.
تتمُّ حماية عدة مئات من المباني، العامة والخاصة والقلاع الكبيرة بموجب قانون التراث، المعني بحماية المعالم التاريخية وترميمها وصيانتها دورياً.
تتحدَّث آثار المنطقة والقرى والبلدات المنتشرة على ضفاف النهر عن قرون من التفاعل بين النهر والأرض التي يرويها والسكان الذين استقروا فيها عبر التاريخ، وعن التاريخ السياسي والاجتماعي لفرنسا وأوروبا الغربية في العصور الوسطى وعصر النهضة، حيث كان الوادي مركزاً للقوة الملكية، وتم تحويل القلاع التي شيدت في العصور الوسطى إلى قصور مع حدائق كبيرة في عصر النهضة.
كان الوادي يتمتع بمكانة تجارية هامة حتى القرن التاسع عشر، مما سمح بتنمية المدن فيه. ويظهر الكثير من المعالم التاريخية التي صممت لاستخدام النهر في النقل وتجنب الفيضانات، مثل الموانئ والسدود بالإضافة إلى بعض القصور التي شيدت على النهر.
كما يضم الوادي مجموعة بارزة من الكنائس الرومانية الكبيرة، التي ترمز لاهتمام الملوك والشعوب وقتها بالجانب الديني، مثل كنائس: سان بينوا سور لوار وفونتيفراود وكونولت، وكنائس أويفاليس بلوايس وكانديس.
أقرأ أيضا :
دمشق تحتفل بإدراج سورية على قوائم "اليونيسكو" للتراث الإنساني
يعد قصر شامبور أكبر وأفخم قصور "لا لوار"، وأمر الملك فرانسوا الأول ببنائه، كنوع من أنواع تخليد اسمه وليكون رمزاً لقوته، حيث لم يتخذه مكاناً للإقامة، ولم يمكث فيه أكثر من 50 يوماً.
ويعتقد أن ليوناردو دافينشي قام بتصميمه، واستضاف القصر منذ بنائه العديد من الشخصيات المشهورة التي أقيمت لها داخله حفلات، ورحلات صيد.
ويتألف القصر من 426 غرفة ويصل بين الطوابق 83 درجاً، وهو مزود بـ282 مدخنة، واليوم هناك 60 غرفة مفتوحة للزوار تضم 4500 قطعة فنية.
ويشتهر القصر بدرجه الحلزوني الذي ارتبط باسم ليوناردو دافينشي، يتألف من سلالم مزدوجة داخل برج ضخم، بحيث يمكن الصعود من جهتين دون التقاء.
وتم ترميم الحدائق المحيطة بالقصر عام 2017، ويمكن للزوار الاستمتاع بجولات سياحية واستكشاف النباتات والحيوانات البرية التي تعيش في المنطقة، تبلغ مساحة حديقة القصر 5440 هكتاراً، لتكون بذلك أكبر حديقة مسورة في أوروبا، يحتفل القصر هذا العام بالذكرى الـ500 على إنشائه ويقام فيه معرض كبير من 26 مايو/ أيار إلى 1 سبتمبر/ أيلول 2019، للاحتفاء بخمسة قرون على بناء القصر وتسليط الضوء على تفاصيل فن العمارة فيه، والمراحل التاريخية التي عاشها.
ومنذ عام 1930، أصبحت ملكية القصر عامة، وفي عام 2005 أصبح تحت وصاية مشتركة لوزارات الثقافة الوطنية والزراعة والبيئة، وتحت رعاية رئيس الجمهورية.
أيضاً، قصر أمبواز من القصور الأخرى البارزة في الوادي، وقد أقام فيه ملوك فرنسا دعوات لكبار الفنانين الأوروبيين، ويعتبر هذا القصر من روائع عصر النهضة، وكان الملك هنري الثاني قد قدمه لعشيقته ديان دي بواتييه، لكن بعد وفاته قامت زوجته كاثرين دي ميديسي بطردها منه.
أما قصر فيلاندري فهو آخر القلاع البارزة التي بنيت في عصر النهضة على ضفاف نهر لا لوار، تم بناؤه في القرن 16 من قبل جان لو بريتون، والذي شغل منصب وزير المالية في عهد فرانسيس الأول، يشتهر القصر بشكل خاص بحدائقه المتراكبة.
فيما يحوي قصر شيفيرني مجموعة غنية من التحف الفنية والمنسوجات التي تجذب الآلاف من الزوار كل عام، بالإضافة إلى حدائق تتجاوز مساحتها 100 هكتار.
بينما تم بناء قصر لا نغيس في أواخر القرن العاشر، وتم توسيعه من قبل ريتشارد قلب الأسد، ودمره الإنكليز في حرب المائة عام، إلى أن أمر لويس الحادي عشر بإعادة بنائه، وشهد هذا القصر على زواج تشارلز الثامن من آن دي بريتاني.
وقد يهمك أيضاً :
"الآثار" المصرية تدعو لاجتماع طارئ بسبب بيع القطع الأثرية فى المزادات العالمية
روسيا تأمل بمشاركة "اليونيسكو" في إعمار آثار سورية
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر