سلطان بن فهد يجمع التذكارات والأشياء المهملة لتكوين أعمال موحية
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

ما بين القصر الأحمر و"خزام" الفن يُعيد رواية التاريخ

سلطان بن فهد يجمع التذكارات والأشياء المهملة لتكوين أعمال موحية

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - سلطان بن فهد يجمع التذكارات والأشياء المهملة لتكوين أعمال موحية

سلطان بن فهد يجمع التذكارات والأشياء المهملة لتكوين أعمال موحية
جدة - المغرب اليوم

ينتظر زائر قصر خزام بحي النزلة في مدينة جدة أكثر من مفاجأة، فالقصر الذي فتح جانبا من غرفه للزيارة يعد تحفة معمارية ظلت بعيدة عن أعين الناس لسنوات طويلة، والتجول داخله يمثل متعة حقيقية تعود بنا لأزمان مضت ولأساليب معمارية عريقة بها من الفخامة ومن التراث الكثير، أما المفاجأة الثانية فهي أن عددا كبيرا من تلك الغرف احتضن معرضا فنيا يغزل من التاريخ المعاصر لبناء القصر ولسنواته الطويلة، منسوجة ثرية تحاور التاريخ وتفسره بل وتعيد تخيله.

ينقسم المعرض وهو للفنان السعودي سلطان بن فهد، وعنوانه «القصر الأحمر»، إلى سبعة فصول: القصر الأحمر، و1979، والأيدي العاملة، وحرب الخليج، والاقتصاد المقدس، وعشاء القصر، والمصلى، وتم تأطير الأعمال في هذه الفصول ضمن الأحداث التاريخية والسياسية التي وقعت خلال فترة استخدام القصر، وخلال الجولة، التي ضمت فريقا من الإعلاميين العرب والعالميين، صاحبنا الفنان شارحا لنا أبعاد أعماله الفنية التي تبدأ من مدخل القصر، حيث تخطف أبصارنا ثريات قديمة متكسرة ومكومة على الأرض؛ تبدو الثريات كأنها ترانيم من ماضٍ بعيد، وحتى بعد تحولها لقطع صغيرة وفقدانها لوظيفتها الأساسية في إضاءة الغرف الشاسعة، لا تزال تحتفظ ببريقها وبرونق حزين.

يقول الفنان إنه جمع عددا كبيرا من الثريات المهملة، ووجد بعضها الآخر في الأسواق، ونسقها داخل أقفاص حديدية كانت تستخدم كإطارات لأجهزة التكييف. وحتى بهذه التفصيلة يتوغل العمل في الذاكرة الشعبية، ويلمس كل شخص عاصر مثل تلك الثريات أو إطارات المكيفات. يقول الفنان: «عنوان العمل هو (إلى التراب)، والفكرة هنا هي إعادة تلك القطع التي قضينا معها أوقاتاً طويلة، نعيد استخدامها ونعيد الاهتمام لها». وربما بهذا المعنى يمكننا إكمال عبارة «إلى التراب» بعبارة «من التراب وإليه نعود»، لتكتسب القطعة معاني إضافية متراكمة تحت حبات الكريستال اللامعة الملقاة أمامنا.

يقودنا الفنان لحجرة مجاورة ذات إضاءة خافتة، تحتل الأرضية بها مجموعة ضخمة من سجادات الصلاة قديمة التصميم. هي مثل سجادات الصلاة التي استخدمها الفنان وجيله كله، يقول: «سجادات الصلاة يمكن اعتبارها غلالة من الأمان التي تغلف مستخدمها، والعلاقة بينهما علاقة خاصة جداً تعبر عن الارتباط الروحي. بالنسبة لجيلي كانت سجادة الصلاة حاضرة في كثير من لحظات الحياة اليومية، إلى جانب استخدامها الأساسي للصلاة، كنا نعتبرها بمثابة حقيبة مدرسية نضع كتب الدراسة داخلها ونحملها للمدرسة، ونحملها معنا للجلوس عليها في الرحلات البرية. أردت هنا أن أعبر عن تلك العلاقة الخاصة بين الشخص وبين سجادة الصلاة. واخترت أن أعبر عن عبارة نقولها بعد الصلاة وهي (اللهم أنت السلام ومنك السلام)». لم يكتب الفنان العبارة على السجاد، ولكنه عبر عنها بوضع حركات التشكيل بأسطوانات مضاءة تنتثر على السجاد أمامنا: «أردت أن أخلق طريقة لتجسيد صوت الدعاء، ولهذا استخدمت حركات التشكيل، ويمكن للناظر أن يحاول تكوين الأحرف في ذهنه حسب التشكيل المضاء أمامه». وبهذه الطريقة نجد أن الارتباط الذي أراد الفنان التعبير عنه بين الإنسان وسجادة الصلاة، يتحول من علاقة بين اثنين، ليدخل فيها زائر المعرض، ويكوِّن هو أيضاً علاقته الخاصة مع كل ذلك السجاد الملون أمامه.

يعتمد العمل الثالث أيضا على جمع مقتنيات قديمة، وتنسيقها بشكل يعبر عن تأملات الفنان، وتفسيره للحظات مضت من التاريخ، فهنا نجد مجموعة من «الزمزميات»، وهي قوارير للماء مصنوعة من الألمنيوم، ومرسومة عليها بألوان متنوعة مناظر مختلفة مرفقة بكلمات، يقول إن القوارير التي جمعها من الأسواق الشعبية كان الحجاج والمصلون يبتاعونها من أسواق مكة المجاورة للحرم، ويملأونها بماء زمزم، ولكن مع توسعة الحرم وإغلاق عدد كبير من البوابات المطلة على الأسواق، تراجعت مبيعات القوارير، وأصبح ماء زمزم يوضع في حاويات ضخمة داخل الحرم لمن يريد الشرب أو تعبئة زجاجات المياه منه.

في الطابق الثاني من القصر، تمتد طاولة طعام حافلة بالأطباق وأدوات الأكل الفضية في شكل جميل، هي مأدبة ضخمة، ولكن بطعم ومنظور مختلف. في هذا القسم المعنون: «عشاء القصر»، يفرد الفنان مراحل الاستعداد لمأدبة في القصر ضيوفها العاملون في القصر، وعبر عروض فيديو نرى الاستعدادات تجري في المطابخ، أيضاً نرى العاملات وهن يتزين لحضور المأدبة. هي مأدبة استثنائية، سواء من حيث الضيوف، أو من حيث المكان، وأيضاً بأدوات الطعام التي تحمل شعار المملكة العربية السعودية، وأيضاً بطاولة الطعام الممتدة أمامنا، وبالاقتراب منها نجد أنها مجموعة من المناضد الصغيرة المصطفة، وربما تكون هي الطاولة الكبيرة نفسها، وقد قطعت لتصبح موائد كثيرة. ما الذي تعنيه المرايا الأثرية الملقاة على الأرض خلف الطاولة، أو تلك المقاعد المغلفة بالسجاد، ووضعت على أطراف الحجرة، أسئلة واستفهامات ستثور في ذهن الناظر، وربما تحتاج منه للجلوس في جو تلك المأدبة لفهم الإيحاءات الفنية، ووضعها داخل إطار المعرض ككل.

عموماً، معرض «القصر الأحمر» يعبر عن سلسلة من التساؤلات المادية النقدية حول الأحداث التاريخية للمنطقة، وتعود تسمية المعرض على اسم مقر نسخته الأولى في القصر الأحمر في مدينة الرياض، الذي شكّل حينها رمزاً جمالياً وحضارياً في ذروة الحداثة في البلاد، وقد تم اختيار قصر خزام بجدة، الذي كان يشكل قبلة جدة الحكومية، موقعاً لمعرض «القصر الأحمر»، تقديراً لما يمثله القصر من قيمة وطنية مهمة في تاريخ المملكة، فقد كان أول مقر لإقامة الملك عبد العزيز، كما شهد توقيع أول اتفاقية للنفط بين المملكة والولايات المتحدة الأميركية عام 1933، وهذه القيمة تلتقي مع فكرة معرض «القصر الأحمر» من حيث احتفائه بمعلم تاريخي آخر.

يمثل المعرض أول استخدام للمبنى، على هذا المستوى، منذ أن تم إغلاقه في أواخر الثمانينات، وتتوزع أعمال سلطان الفنية الحديثة إلى مجموعة من المعروضات، كالفيديو والمنحوتات والصور الفوتوغرافية والأعمال التركيبية، وقد استثمر الفنّان في جمع التذكارات والآثار التاريخية والأشياء المهملة من مواقع مختلفة من جميع أنحاء المملكة العربية السعودية، حيث يقوم بإنشاء المنحوتات والأعمال التركيبية من هذه المواد مستحضرّاً جوهرها وطاقتها التحويلية، وفي العرض لمحات جمالية عالية ومعانٍ كثيرة مبطنة داخل كل قطعة، ولا شك أن قصر خزام بتاريخه ومعماره يمثل عنصراً مهماً من عناصر العرض، ومن قوة جاذبيته.

قد يهمك أيضا :

جامعة زايد تنظم المعرض التوعوي الأول للتقنيات المساندة

  "الصداقة المغربية" تنشر أجواء الفرح في وجدة بتوزيع ملابس العيد

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلطان بن فهد يجمع التذكارات والأشياء المهملة لتكوين أعمال موحية سلطان بن فهد يجمع التذكارات والأشياء المهملة لتكوين أعمال موحية



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:55 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الميزان

GMT 04:16 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

زكي يوجه رسالة قوية إلى مسؤولي الدفاع الحسني الجديدي

GMT 14:34 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

"بريزنتيشن" تؤكد أن مُبررات "صلة" في شأن فسخ تعاقدها غير الصحة

GMT 08:32 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

"الأساور العريضة" تصلح لمختلف مناسبات صيف 2018

GMT 11:37 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ياسمين جمال ترتدي فستان الزفاف للمرة الثانية بعد الطلاق

GMT 01:48 2016 السبت ,08 تشرين الأول / أكتوبر

علاج الشيب نهائياً وبألوان مختلفة

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 04:16 2019 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يشهد نهضة غير مسبوقة في مجال التنقيب عن النفط

GMT 06:33 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على الفوائد المذهلة لثمرة الرمان على الصحة

GMT 17:22 2019 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

احصلى على أسنان ناصعة البياض فى المنزل

GMT 13:30 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

عربية السيدات تعتمد جوائز خاصة للفرق الرياضية
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya