العالم الإسلامي يفقد ثريا لهي الدكتورة المغربية الأولى في الأدب الأندلسي
آخر تحديث GMT 06:12:26
الجمعة 25 نيسان / أبريل 2025
المغرب اليوم -
أخر الأخبار

أثْرَت الخزانة العربية بمؤلَّفات رصينة ودراسات نقدية

العالم الإسلامي يفقد "ثريا لهي" الدكتورة المغربية الأولى في الأدب الأندلسي

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - العالم الإسلامي يفقد

ثريا لهي
الرباط ـ منير الوسيمي

فَقَدَ العالمُ الإسلاميّ، الخميس 31 تشرين الأول/أكتوبر، العالِمة والأكاديمية والمحقِّقَة والباحثة ثريا لِهي، التي أثْرَت الخزانة العربية بمؤلَّفات رصينة ودراسات نقدية ومذكّرات تعبق بتأمّلات للاستكشاف والمعرفة.

علمٌ يُنتَفَعُ به
دخلت ثريا لهي تاريخ المملكة كأوّل باحثة مغربية تقدَّمت بأطروحة لنيل دكتوراه الدّولة في الأدب الأندلسي، من كلّيّة الآداب بجامعة محمد الخامس، وناقشَتها في اليوم الرّابع من شهر يونيو عامَ 1991، لتحصل على شهادتها بميزة حسن جدا.

ولم تكن هذه المناقشة سابقَتها الوحيدة؛ فقد كانت هذه الأكاديمية أوَّلَ مغربية تُعَيَّن أستاذة بشعبة اللغة العربية وآدابها في جامعة محمد الخامس، فضلا عن كونها أول مغربية عُيِّنَت عضوا في المجلس العلمي لمدينة مكناس، وأول مغربية عُيِّنَت عضوا ملاحظا للمجلس العلمي الأعلى لدى مجلس الجالية المغربية بالخارج.

وكتَبت الراحلة، في "الحضارة الأندلسية ومظاهر التّسامح"، عن ما عرفه المجتمع الأندلسي من تعدّد في الأجناس المتساكنة، من عرب وأمازيغ وروم ومولَّدين وصقالبة، وتعدّد في الأديان والعقائد، من إسلام ويهودية ومسيحية، وفي اللغات من لاتينية وعربية وعبرية، عامية وفصحى، وما نتج عن ذلك في العلاقات الاجتماعية والإنسانية، والأعمال المتعلّقة باللغة العربية وآدابها، والمناصب العليا في الدولة.

ويظهر الاهتمام بالمرأة، في الأعمال الأدبية للفقيدة ثريا لِهي؛ فمن سيرتها الذّاتية "محطّات في حياة امرَأة"، إلى "روايات من ضفاف النيل"، فمذكّراتها المُعنوَنة بـ"من شرفة لاريفيِيرا"، التي نُشِرَت ورَقِيّا في جزأين، بعدما نظَرَتهُما الأعين في البدءِ على موقع "فيسبوك".

ومن بين الأعمال الفريدة للفقيدة لهي دراسة "نساء في القرآن ودورُهُنَّ في التّشريع الإسلامي" التي قدَّمَت فيها "كثيرا من الأحكام والتّشريعات التي جاءت نتيجة سعي المرأة، والمطالبة بإنصافها من تشريعات الجاهلية، المُجحِفة بحقوقها…"، مُسَجِّلَة في تصدير منشورها أنّها "محاولة خجولة في فهم الخطاب القرآني، وتعبير عن إعجابها به وتقديسها له، وقراءة شخصيّة في كتاب الله، وتمعّن في أساليب القول الوارِدَة فيه"، وهو ما دفع إليه "حبّ التدبّر فيه، وتخصّص في دراسة اللغة العربية، وميل إلى البحث والتّأليف، وأمل في ملء صحيفة تشفع لها عند خالقها يوم تعرض الصّحف"، مسجِّلَة أنّها "إن أصابت فلها أجران؛ أجر المُجتهد وأجر المصيب، وإن أخفقَت فحسبها أجر المجتهد".

ويظهر اهتمام الفقيدة بالعالم الإسلامي في نظرتها إلى مصر، وخاصة القاهرة والإسكندرية، بعيون مغاربية، ببحثها في ما كتبه المغاربيون عن علمائها، وأحيائها، وروضاتها... وبحثها عن أوجه "التبادل العلمي بين بلاد فارس والأندلس"، بالتّعريف خاصّة بالعلماء الذين رحلوا من إحدى المنطقتَين للاستقرار أو المكوث في الأخرى.

أدبٌ تاريخيّ مهتمّ بالمرأة
من بين ما كُتِبَ عن أعمال الراحلة، كتاب الباحثة الزهرة حمودان، المعنون بـ"شهرزاد في أكاديمية التاريخ" الذي قالت فيه إنَّ لغة كتابتها الروائية يُسمع صوت المحكيّ، ويشي بعتاد المؤلّفة العلمي والمَعرفي، مع تركيب نحوي مستقى من نبع القواعد العربية، ونظمها الذي يسند الحمولة المعرفية للنّصوص، ويجلي بناءها الأدبي، دون إغراق بلاغي؛ بالاهتمام باللغة، لا بالإغراق في التّركيبات البلاغية الكلاسيكية، بل من حيث الإصرار على استعمال المفردة في أصلها اللّغوي، وإيلاء الروابط الاهتمام المناسب في التّركيب، ثم تشذيب اللفظة ممّا علق بها من تشوُّهات مزالِق التّداول غير المُمنهج.

كما كتبت حمودان أنّ روايات الفقيدة تحتفي بالشّخصية التاريخية التي تنسجها عليها، موظِّفَة تقنية التّحقيق بإبراز مميِّزاتها، واستحضار الوضعيّة العامّة للعصر الذي وجدت فيه، وسماته الأساس: العقدية، والسياسية، والاجتماعية… من أجل تقديمها للمتلقّي في فضاء سردي منطقيّ الوحدات، منسجم الأحداث.

وذكرت الباحثة، في كتابها الذي يدرس أدب الأكاديمية ثريا لهي، أنّه قد تجمّعت لديها سمات شخصية المؤلِّفَة، من خلال احتكاكها بنصوص مؤلَّفاتها التي تكشف عن معرفة يوجّهها "وعي"، لا كحكم قيمي على الشّخصية، وإنما كمفهوم له حضوره التّكويني في الجانب الإبداعي للنّصوص، ووجوده المؤسّس لقراءة ممنهجة، تؤطّر "مقصدية" المؤلّفة بما يسمّى بالأناسة التاريخية.

وتضيف: تنقِّب د. لهي في التاريخ على شخصيّات بعينها، تمثِّل حالات إنسانية، ترى أنّه يجب إنصافُها؛ إما لأن التاريخ غبنها حقّها، أو أسقط بعض هذا الحقّ، فتقوم بإعادة كتابته بقوّة الأدب، وشريعة الرواية.

ومن بين ما وجدته الباحثة في أدب الفقيدة ثريا لهي "تركيز على الشّخصيات النسائية التاريخية" التي تُثيرُ من خلالها بعض قضايا المرأة التي سجّلها التاريخ القديم، ولا تزال امتدادات آثارها موجودة، وتثير الجدل إلى يومنا هذا، و"ثبات في الرّؤيا، ووفاء للموضوعة الرئيسة لرواياتها".

باحثة لم تأخذ حقَّها
عزيزة يحضيه عمر، رئيسة رابطة كاتبات المغرب، قالت إنّ ثريا لهي، التي كانت رئيسة لرابطة كاتبات المغرب في جهة طنجة - تطوان - الحسيمة، عالمة، لم تأخذ حقّها خارج الجامعة، وخارج المجموعة الدينية.

ورأت رئيسة رابطة كاتبات المغرب في رحيل د. ثريا لِهي رحيل مفكرة وأديبة وعلَم من أعلام الثقافة المغربية والعربية والعالمية، وباحثة مغربية متمكّنة من آلياتها الأكاديمية، وأمينة تاريخيّا، وأمٌّ، ومربّية، وموجِّهة، حكيمة جدا، وسيدة يجب أن يفتخر بها المغاربة، سواء كانوا أكاديميين، أو باحثين، أو من أفراد المجتمع بشكل عام.

وذكّرت عزيزة يحضيه عمر بأنّ لهي كانت متمكِّنَة من اللغة العربية، وكانت تتقن اللغة الإنجليزية، إضافة إلى الفرنسية، وكانت تتحدّث الإسبانية، وتتكلّم الفارسية، ممّا جعلها تأخذ عن الثقافات الأخرى وتتعمّق فيها، وتحضر في دولها كشخصية مغربية منفتحة، تؤمن بالتعدّد والاختلاف، والاعتدال في كلّ شيء.

وأكّدت يحضيه أن إلمام الأكاديمية الراحلة كان محطّ احترام وتقدير من طلبتها الذين هم، اليوم، دكاترة بمختلف الجامعات المغربية والدولية، وأضافت أنّها كوّنَت من خلال مسارها العلمي التاريخي والديني والثقافي، رصيدا معرفيا مغايِرا لما هو معروف في الساحة الثقافية المغربية.

ووضّحت رئيسة رابطة كاتبات المغرب أنّ ثريا لهي قد انكبَّت في السنوات الأربع الماضية على المشروع الثقافي لرابطة كاتبات المغرب، وساهمت في تنقيحه، وزادت: مع فقداننا سيدة من هذا الحجم، سنحضر بقوّة بثقافة الاعتراف والامتنان، بإعلان الرابطة جائزة باسم "ثريا لهي" لأفضل عمل بحثي ودراسة أكاديمية باسم فرع رابطة كاتبات المغرب بجهة طنجة - تطوان - الحسيمة، الذي كانت تترأّسه الفقيدة.

وقد يهمك أيضاً :

ندوة وطنية تقارب علاقة الشعر والسينما فى الرباط

جامعة القاهره تستضيف مؤتمر آمون الدولى الشهر المقبل

 

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العالم الإسلامي يفقد ثريا لهي الدكتورة المغربية الأولى في الأدب الأندلسي العالم الإسلامي يفقد ثريا لهي الدكتورة المغربية الأولى في الأدب الأندلسي



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:01 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الحمل

GMT 12:09 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 08:40 2016 السبت ,17 أيلول / سبتمبر

المتطرف الهوياتي في المجال الرياضي

GMT 07:56 2016 السبت ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مغامرة بلجيكية تلتقط صورًا للبوة تفترس حمارًا وحشيًا

GMT 06:27 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الملك محمد السادس يبارك منح آبي "نوبل للسلام"

GMT 13:19 2014 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

اعتقال مصور نساء في أوضاع جنسيَّة خليعة

GMT 06:13 2015 الثلاثاء ,10 آذار/ مارس

إبتسام الوالي تشارك زوجها في فيلم "حفيد الحاج"

GMT 03:03 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

زوجة الفنان جورج وسوف الثانية ما زالت في قطر

GMT 02:44 2016 الأربعاء ,24 شباط / فبراير

"بنتلي" تعرض نسخة محدثة من سيارة "مولسان" الفخمة

GMT 08:27 2017 الأربعاء ,20 أيلول / سبتمبر

القبض على مجرم كان اغتصب فتاة داخل كهف في فاس

GMT 04:25 2017 الإثنين ,20 شباط / فبراير

جمال ساحر في حمام "باث سبا غينزبورو" الروماني

GMT 10:07 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق الجيش الملكي الأكثر تتويجًا بلقب كأس العرش المغربي

GMT 10:41 2017 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

Suits &Ties تطلق أحدث تصميمات البدل الرجالية العصرية

GMT 05:08 2013 الأحد ,18 آب / أغسطس

إيفانكا ترامب تنشر صور حملها على تويتر

GMT 07:54 2017 الأربعاء ,20 أيلول / سبتمبر

حافلة كهربائية تقطع مسافة قياسية دون إعادة شحن
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya