الدارالبيضاء ـ حاتم قسيمي
بدأت المفوضية السامية لحقوق الإنسان "نافي بيلاي"، الإثنين، زيارة رسميّة إلى المغرب، تستمر 4 أيام، بدعوة من حكومة الرباط.وستجري "بيلاي"، خلال هذه الزيارة، مباحثات مع رئيس الحكومة المغربيّة عبدالإله بنكيران، ووزراء الشؤون الخارجيّة والتعاون والعدل والحريات والداخلية، فضلاً عن المندوب الوزاريّ المُكلّف بحقوق الإنسان، وكذلك ستلتقي رئيسيّْ غرفتيّْ البرلمان ورئيس المجلس الوطنيّ لحقوق الإنسان، ورئيس المجلس الاقتصاديّ والاجتماعيّ والبيئيّ وممثلي المجتمع المدنيّ.وتُعدّ هذه الزيارة هي الأولى من نوعها لأسمى ممثلة لمنظمة الأمم المتحدة مكلّفة بحقوق الإنسان، منذ توليها منصبها كمفوضة سامية في العام 2008.
ويؤكّد مُحلّلون سياسيّون، أن الحكومة الجزائريّة ومن خلفها "جبهة البوليساريو"، تلعبان ورقة حقوق الإنسان للتأثير في قرارات التكتلات الإقليميّة والدوليّة مثل (الاتحاد الأوروبي، الأمم المتحدة)، وكذلك بعض القوى العظمى (نموذج الولايات المتحدة الأميركيّة، بريطانيا) التي للمغرب علاقات بها، وأن المناورة بحقوق الإنسان في هذه الظرفية بالذات، وجدت أرضية خصبة في السياق المغربيّ، منها ما يلي:
- أن منظومة حقوق الإنسان من شأنها إضعاف الدولة، بعدما تحرّر المواطن من الخوف وأصبح يُطالب بالتغيير، في ظل الأحداث التي تحمل اسم "الربيع العربيّ"، وأصبحت القوى الكبرى والمؤسسات الدوليّة أكثر تحرّرًا في التعاطي مع هذه المنظومة، بعدما كانت تتهم بفرض معاييرها الدوليّة.
- الرهان على مراقبة حقوق الإنسان من لدن قوات "المينورسو"، أو تعهد المغرب باحترامها، وإلا تعرّضت اتفاقاته الاقتصاديّة والماليّة المبرمة الإقليميّة أو حتى للإلغاء، للحصول على تنازل تلو تنازل من قبل المغرب وقبوله المسّ بسيادته على الصحراء، وتمييز هذه المنطقة عن باقي مناطق المغرب، حقوقيًّا وتنمويًّا.
- استغلال التقارير السلبيّة الصادرة ضد المغرب، والعمل حتى على تحريض المنظمات غير الحكومية عليها في المنتديات والدولية، بقصد الدفع في اتجاه التصعيد داخل المؤسسات الأمميّة.
- العزف على وتر حقوق الإنسان لدى الإدارة الأميركيّة الحالية المتشبعة بهذه القيم، والتي لأطرها في السياسة الخارجيّة الخلفية ذاتها مثل جون كيري، سوزان رايس، فيل غوردون، سامنتا بوير، بالإضافة إلى الرئيس "باراك أوباما" نفسه الذي بنى حملته الانتخابيّة على هذه المنظومة، من أجل تأكيد توافق الجزائر مع الولايات المتحدة من قضية الصحراء على ملف حقوق الإنسان.
- سهولة حشد الدعم من قبل الكثير من القوى السياسيّة والمدنيّة في شمال أوروبا وأميركا اللاتينية وأفريقيا الواقعة تحت الانبهار بشعارات "الرومانسيّة الثوريّة" وتقرير المصير والتحرّر الوطني والحركات الاحتجاجيّة (نموذج البرلمان السويدي).
- الاستفادة من دروس التاريخ المعاصر من خلال استحضار تجربة ضياع تيمور الشرقية من قبل إندونيسيا، التي ارتكبت أخطاءً فادحة من جرّاء العنف وانتهاكات حقوق الإنسان.
- توظيف بروز ما يُسمّى بـ"البورجوازيين الدوليّين الجُدد" وتغوّلهم، بعدما وقع تغيّر في تصنيف الفاعلين في العلاقات الدوليّة، مع توظيف ما يسمى بـ"دبلوماسية دفتر الشيكات".جدير بالذكر أن ملف حقوق الإنسان من أبرز الملفات التي تعالجها الرباط باهتمام، وفي هذا الاتجاه سمحت بدخول مقرّرين تابعين للأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان، وبدخول وفود أجنبيّة لزيارة الأقاليم الصحراويّة، ولقاء المطالبين بالانفصال، فيما تحاول الجزائر تحجيم المغرب دوليًّا بتسفيه مجهوداته ومواقفه وإظهاره كطرف "متعنّت ومتشنّج" وغير مستعدّ لإبداء حسن نية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر