شهد مقر رئاسة الجمهورية في مصر الجديدة السبت نشاط مكثف للرئيس عبد الفتاح السيسى قبل توجه الأحد بزيارة رسمية إلى المملكة العربية السعودية، وتهدف الزيارة إلى تعزيز ودعم العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية شتى.
ويأتي ذلك في ضوء المواقف المشرفة للمملكة والتي ساندت من خلالها الإرادة الحرة للشعب المصري.
واستعرض الرئيس السيسي تطورات الأوضاع المصرية وعدد من القضاية الإقليمية والدولية والأزمة السورية وتطورات الأوضاع في العراق وليبيا،وأهم الإنجازات التي تم تنفيذها منذ توليه حكم مصر خلال الثمانية أشهر.
وكشف الرئيس السيسي، خلال تصريحاته لقناة "العربية"، عن السبب الحقيقي وراء زيارته للمملكة العربية السعودية، مؤكدًا أنّ الزيارة تهدف إلى المزيد من التنسيق والتشاور مع العاهل السعودى الملك سلمان بن عبدالعزيز، فيما يتعلق بأبرز الملفات الساخنة التي تهم البلدين، وليس لتنقية الأجواء مع الرياض، كما تحدث البعض.
وركز السيسي، أنّ تزامن زيارته للرياض مع زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليس إلا مصادفة.
وقال إنّ مواقف الملك سلمان مع مصر تاريخية ومحل تقدير، مشددًا أنّ متانة العلاقات السعودية المصرية، متابعًا: "إنها ما زالت على المستوى نفسه من العمق والتقارب".
وأكد أنّ وجود قوة عربية مطلب أساسي لاستقرار المنطقة، وأنه يجب حل الأزمة السورية بعيدا عن الخيار العسكري مشددًا على أن الواقع العربي يستدعي المزيد من التنسيق بين السعودية ومصر.
وعول السيسي على دور السعودية لإنجاح مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي المقرر انعقاده مارس المُقبل، مشددًا أنّ "استقرار مصر استقرار للخليج والعكس صحيح".
المستشار الألمانى السابق
كما ِألتقى الرئيس السيسي بالمستشار الألماني السابق جيرهارد شرودر وذلك بحضور عضو مجلس علماء وخبراء مصر المهندس هاني عازر ورئيس مجلس إدارة الشركة الألمانية مارتن هيرينكنشت؛ لتصميم وتصنيع ماكينات حفر وبناء الأنفاق والسفير الألماني في القاهرة.
العلاقات الثنائية
واستهل الضيف الألماني اللقاء بالإعراب عن اعتزازه بالعلاقات المتميزة التي تجمع بين مصر وألمانيا منوها إلى أن المؤتمر الاقتصادي الذي ستستضيفه مصر في شهر (آذار/مارس) المُقبل يعد فرصة سانحة للشركات الألمانية للعمل في مصر والتعرف على الفرص الاستثمارية المتاحة، مؤكدًا أن الشركات الألمانية لا ترغب فقط في تصدير منتجاتها، وإنما تهتم كذلك بالاستثمار ونقل الخبرات التقنية والتدريب المهني.
التجربة الألمانية
من جانبه، رحب الرئيس السيسي، بالمستشار الألماني السابق، منوهًا إلى إعجاب مصر بالتجربة الألمانية وما تتميز به من إصرار على العمل والتقدم مؤكدا الاهتمام بالتعاون في مجال التدريب المهني وتنشيط مبادرة "كول" التي سبق أن أبرمتها مصر مع ألمانيا في عهد المستشار الألماني الأسبق "هيلموت كول".
ولفت أنّ اهتمام مصر بالحصول على الخبرة الألمانية وتدريب الشباب المصريين في المجالات الفنية المختلفة.
وأردف السيسي أنّ الرؤية المصرية للحرب ضد التطرف تتطلب تفعيل التعاون الأوربي مع مصر في المجالات المختلفة ومن بينها التعاون في مجال التدريب الفني والمهني للشباب، ما يساهم في حصولهم على فرص العمل فضلًا عن منحهم الفرصة للانفتاح والتعرف على ثقافات أخرى.
الأوضاع الليبية
وأشاد شردور، بالجهود التي يبذلها الرئيس السيسي والحكومة المصرية، مشيرًا إلى أن الديمقراطية وإقرار الحريات عملية طويلة ومستمرة وما حققته ألمانيا على هذا الصعيد استغرق عقودًا طويلة.
وطلب المستشار السابق لألمانيا التعرف على رؤية الرئيس بالنسبة للأوضاع في ليبيا، فأوضح الرئيس أن عملية الناتو غير المكتملة كانت لها عواقب وخيمة على الشعب الليبي الذي أضحى مصيره في أيدي جماعات مسلحة.
وكان يتعين جمع السلاح وتنظيم انتخابات بإشراف دولي للتأكيد على الإرادة الشعبية الليبية فضلًا عن وضع برنامج تدريبي مكثف لإعداد الجيش الليبي الوطني ومختلف الأجهزة الأمنية، إلا أن ذلك لم يحدث.
وأضاف الرئيس أنه سبق أن حذر مختلف القوى الدولية من مغبة ترك الأوضاع في ليبيا على هذا النحو وغيرها من دول الشرق الأوسط وأفريقيا على هذا النحو.
نزع أسلحة المليشيات
وردًا على استفسار المستشار الألماني السابق أوضح الرئيس أن الفرصة لازالت متاحة لتدارك الأوضاع في ليبيا عبر نزع أسلحة المليشيات المتطرفة، ومنع تدفقها للجماعات المتطرفة والحيلولة دون تحقيق العناصر المتطرفة مكاسب سياسية بالقوة ودعم الجيش الوطني الليبي.
مساعدة دول الشرق الأوسط
وأكد السيسي أنّ دعم ومساعدة دول منطقة الشرق الأوسط في تلك المرحلة من قبل الشركاء والأصدقاء إنما يعد جزءًا من الحرب ضد الإرهاب وتلافي خطر امتداده وانتشاره إلى تلك الدول مضيفًا أنّ الحرب ضد التطرف لا تقف عند حدود الحصول على المساعدات الاقتصادية والعسكرية، وإنما تمتد لتشمل دعم عملية تغيير ثقافة العنف وعودة المبادئ والقيم ووجود رؤية سياسية واضحة لتسوية الأوضاع الملتهبة في دول المنطقة التي تعاني من ويلات الإرهاب.
اتفاق الرؤى
وأعرب "شرودر" عن اتفاقه مع الرؤية التي طرحها السيسي، مشيرا إلى أن مصر ركيزة الاستقرار في المنطقة، وأن تقدمها سيكون له آثاره الإيجابية على منطقة الشرق الأوسط وأوربا، موضحا أنه يتعين تسليط المزيد من الضوء على الأوضاع التي تعاني منها منطقة الشرق الأوسط، في ضوء انشغال الاتحاد الأوربي بمشكلات الأوضاع الاقتصادية في اليونان والأزمة الأوكرانية ومشكلات الهجرة غير الشرعية.
تدريب المهندسين المصريين
وتم خلال اللقاء كذلك بحث موضوع تدريب عدد من شباب المهندسين المصريين على ماكينات حفر وبناء الأنفاق التي ستوردها الشركة الألمانية لمصر لحفر الأنفاق أسفل قناة السويس الجديدة؛ لربط سيناء بالضفة الغربية للقناة.
وأكد الرئيس السيسي أهمية تعميم هذه الفكرة على مختلف مشروعات التعاون بين البلدين.
كما اِجتمع الرئيس السيسي، مع رئيس الوزراء المهندس ابراهيم محلب، وزير التعاون الدولي الدكتورة نجلاء الأهواني، ووزير الستثمار أشرف سالمان، حيث تناول الاجتماع عملية التحضير لمؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري، والذي سيتم تنظيمه في شرم الشيخ خلال الفترة من 13 إلى 15 (آذار/مارس) 2015.
الأهواني تستعرض جوانب المؤتمر التنظيمية
ومن جانبها، قدمت الوزيرة نجلاء الأهواني، عرضًا شاملًا للجوانب الموضوعية والترتيبات التنظيمية الخاصة بالمؤتمر، مشيرة إلى أنه يهدف التأكيد أنّ مصر ماضية في طريق الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، وأنها ستعود بقوة إلى خريطة الاستثمار العالمي.
تفاصيل المشروعات
وقدم الوزير أشرف سالمان عرضًا لعملية إعداد المشروعات التي سيتم طرحها خلال المؤتمر بالتنسيق مع الوزارات المعنية، موضحًا أنه تم تنفيذ توجيهات الرئيس بضرورة إعداد كافة التفاصيل والدراسات اللازمة لتلك المشروعات حتى يتسنى تقديمها خلال المؤتمر، مع تبسيط إجراءات التعاقد، من أجل التمكن من بدء التنفيذ في أقرب وقت.
اهتمام الرئيس
وتابع الرئيس السيسى أنّ أهمية خروج المؤتمر بنتائج إيجابية فعالة وملموسة على أرض الواقع، بما يؤدي إلى تنشيط قطاع الاستثمار باعتباره أحد المجالات الحيوية بالنسبة للاقتصاد المصري.
التيسير على المستثمرين
وشدد الرئيس أنّ تكون المشروعات المطروحة مستوفاة بشكل كامل بما ييسر على المستثمرين التعرف على الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر والألمام بتفاصيلها كافة، أخذًا في الاعتبار أنّ تنامي معدلات الاستثمار المصري ستكون له نتائج إيجابية مباشرة على مكافحة ظاهرة البطالة وتشغيل الشباب وتوفير فرص العمل لهم.
واستطرد أنّ أهمية العمل الجاد والمتابعة الدؤوبة لنتائج هذا المؤتمر والمضي قدمًا بشكل سريع في تنفيذ المشروعات التي سيتم الاتفاق عليها وذلك بأعلى جودة ممكنة وأقل التكاليف وفي أقصر مدى زمني متاح.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر