أعلنت الحكومة المغربية عن مشروع قانون تنظيمي جديد بدأ يثير الجدل، لاسيما بين جمعيات المجتمع المدني، ويتعلق بقانون يحدد "شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم العرائض إلى السلطات الحكومية".
وسيخول القانون لأول مرة في المغرب، الحق للمواطنين المغاربة بالتقدم بعريضة يطالبون من خلالها بعدة مطالب أو توصيات أو مقترحات، إلى رئيس الحكومة مباشرة، بعدما كان هذا الحق مقتصرا فقط على الهيئات السياسية والنقابية.
وأعلنت عن هذا المشروع الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، ويرتقب أن يحال إلى المجلس الحكومي في الاجتماع المقبل لمناقشته والحسم في عدد من النقط الواردة فيه، قبل إحالته إلى المجلس الوزاري الذي يرأسه العاهل المغربي محمد السادس، على اعتبار أن القوانين التنظيمية تحال بالضرورة إلى المجلس الوزاري بحضور العاهل المغربي للمصادقة عليها قبل أن تحال إلى البرلمان.
ويشترط النص الجديد أن يمارس هذا الحق من قبل المواطنين الذين يتمتعون بالحقوق المدنية والسياسية، ويشدد المشروع على ضرورة أن يكون الذين يودون التقدم بالعريضة، مسجلين في اللوائح الانتخابية العامة، وأن يكونوا في وضعية جبائية سليمة، أي أن لا تكون في ذمتهم ضرائب على شكل ديون مترتبة لصالح الدولة.
وتتضمن الشروط أيضًا أن يكون موضوع العريضة يتعلق بمطالب يكون الهدف منها تحقيق مصلحة عامة لجميع المغاربة، وليس مطالب تهم المصالح الشخصية لأصحاب الطلب، ويقترح المشروع إحداث لجنة تسمى "لجنة العرائض" يكون رئيس الحكومة هو المسؤول عنها وتحت إشرافه.
لكن النقطة التي أصبحت تثير الجدل في المشروع هو أن الحكومة تشترط أن لا تقبل أي عريضة، إلا إذا كانت المطالب مرفقة بما لا يقل عن 7200 توقيعًا يوقعون على العريضة التي تتضمن تلك المطالب، ومصادقة السلطات المختصة على العريضة، وهو موضوع بدأ يثير ردود فعل غاضبة من قبل الجمعيات والفاعلين الجمعويين وحتى السياسيين، ويرتقب أن تتصاعد حدة هذه الردود.
وعمل المشروع على جرد الكثير من الحالات التي لا يجوز تقديم عريضة بشأنها، وشدد المشروع على أنه لا يجوز تقديم عريضة في الأمور التي اعتبرها المشروع من "الثوابت"، وخص بالذكر "الدين الإسلامي" و"الوحدة الوطنية" و"النظام الملكي للدولة" و"الاختيار الديمقراطي للأمة" و"المكتسبات التي تم تحقيقها في مجال الحريات والحقوق الأساسية"، واعتبر النص أن هذه الثوابت لا تقبل أبدا الجدل ولا يمكن تقديم عريضة بشأنها.
وأضاف النص أنه غير مسموح لأي مواطن بأن يتقدم بعريضة طلب منها خلالها مطلبا يتعلق بــ "قضايا الدفاع الوطني". كما لفت النص إلى أنه لن تقبل أي عريضة تتضمن مطالب معروضة أمام المحاكم أو التي "صدر في شأنها حكم قضائي نهائي، على اعتبار أن أحكام القضاء لا تنسخ بمجرد عريضة.
وأشار النص التنظيمي إلى أنه لن تقبل أيضا أي عريضة من قبل المواطنين إذا كانت القضية موضوع العريضة موضوع بحث من قبل لجنة تقصي الحقائق التي تتشكل من البرلمانيين.
وشدد المشروع على أنه سترفض أي عريضة قد تتسبب في "الإخلال بمبدأ استمرارية المرفق الحكومي، و"بمبدأ المساواة بين المواطنين في الولوج إلى المرافق الحكومية". وترفض أيضا إذا كان مطلب العريضة من "اختصاص مؤسسات دستورية"، أو "تعلقت بمطالب نقابية أو حزبية أو ذات طابع تمييزي"، وترفض أيضا العرائض التي تحتوي في مضمونها "السب" أو "القذف" أو "التضليل" أو "الإساءة للمؤسسات أو الأشخاص".
يذكر أن دستور المغرب الذي تم إقراره في العام 2011 نص في الفصل 15 منه، على إعطاء الحق للمواطنين المغاربة بتقديم عرائض إلى السلطات الحكومية من أجل المطالبة بعدد من الحقوق المشروعة، وتم صياغة مشروع القانون التنظيمي المذكور وفق خلاصات الحوار الوطني حول المجتمع المدني الذي أطلقته الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني قبل العام الماضي، ودام لمدة عام كامل.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر