واشنطن - يوسف مكي
واشنطن - يوسف مكي
كشفت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أخيرًا عن خطة تتكلف 80 مليون دولار، من قبل جماعات الحفاظ على البيئة والحكومات الأفريقية لمكافحة الصيد غير المشروع، والتي تأتي جهودها وسط إدراك متزايد بأن الأرباح من الصيد الجائر التي تذهب إلى الجماعات الإرهابية تشكل تهديدًا مباشرًا لمصالح الولايات المتحدة. كما أن الطلب المتزايد على العاج، جعل صناعة الصيد الجائر لاعبًا محوريًا في تمويل الإرهاب.
ويقول مدير "آي إيه إل" والمؤلف المشارك لتقرير عام 2011 عن الصلات التي تربط بين الصيد الجائر والجماعات الإرهابية أندريا كروستا: إن نسبة تمويل تجارة العاج غير المشروعة تصل إلى 40% من تكلفة تسليح "حركة الشباب" لـ 5 آلاف شخص
وقال مدير تسافو ترست Tsavo Trust، في شهادته أمام الكونجرس الأميركي العام الماضي سوندرز: إن قتل فيل واحد كان كافيا لتمويل هجوم مثل تفجير السفارتين في العام 1998، الذي قدر أنه تكلف 50 ألف دولار، وفقًا لتقرير العام 2010. وأضاف "بما أنه متوسط وزن ناب العاج يصل إلى 13،6 كجم، فإن وزن 1.6 من الأنياب تكون كافية لتمويل هجوم مزدوج على سفارتين للولايات المتحدة في شرق أفريقيا". ويعتمد هذا التقييم على أسعار العاج بالجملة العام الماضي، بحيث كان يبلغ 2،357 دولار للكيلو، ولكن سعرها أصبح أعلى حاليًا.
وتحصل "حركة الشباب"، وهي منظمة إسلامية في الصومال قتلت العشرات الشهر الماضي، حينما قامت بحصار دموي استمر 3 أيام لمركز تسوق "ويستجيت" في نيروبي، على تمويل لحملاتها الإرهابية من الصيد غير المشروع للفيلة في كينيا وأماكن أخرى، وذلك وفقًا لتقارير نشطاء للحفاظ على البيئة. وقد تم تسليط الضوء على تمويلها بعد الهجوم الإرهابي الأكثر دموية في كينيا، منذ تفجيرات العام 1998 للسفارة الأميركية في نيروبي، والتي قتل فيها أكثر من 200 شخص. وأدى حصار "ويستجيت" إلى الاهتمام الدولي بالحركة التابعة لتنظيم "القاعدة". وحذرت الحركة من أن المذبحة، التي قتل فيها ما لا يقل عن 67 شخصًا، هو مجرد "العرض الأول" وسوف يستمر لمطالبة كينيا بسحب قواتها من الصومال.
وقالت رابطة "عمل الفيلة "EAL"، التي وصفت العاج بأنه "الذهب الأبيض للجهاد": إن الصيد غير المشروع للفيلة والإتجار بالعاج، يؤجج الصراع في أفريقيا، من خلال مساعدة جماعات مثل "حركة الشباب" لشن هجمات أكثر فتكا من أي وقت مضى.
ويؤدي الصيد غير المشروع للفيلة، من أجل الحصول على أنيابها إلى انقراض هذا الحيوان في بعض البلدان، مثل: سيراليون والسنغال، بحيث تم ذبح أكثر من 30 ألف فيل في أفريقيا العام الماضي فقط، 382 منهم في كينيا. بحيث يكشف دعاة حماية البيئة أنه "في أقل من 30 عامًا، انخفض عدد الفيلة في كينيا من 167 ألف إلى 35 ألف فقط. وذلك منذ مذبحة الثمانينات، التي أدت إلى فرض حظر دولي على تجارة العاج التجارية، وحينما يتم القبض على الصيادين ويتم تقديمهم للعدالة، فإنهم يهربون من خلال دفع غرامات تافهة أو عقوبات بالحبس قصير المدة. ونادرًا ما يتم تقديم العقول المدبرة وراء عصابات الجريمة المنظمة، التي تدفع الإتجار غير المشروع إلى العدالة، بالإضافة إلى المكافآت الضخمة لجميع المشتركين في هذه العملية، والصيادين الذين يتحملون المخاطر الأكبر، والذين يحصلون على ما بين 50 دولار إلى 100 دولار للكيلوغرام الواحد، وتزيد الأسعار في السوق، بحيث أن سعر العاج يرتفع. ويصل إلى السوق النهائي، والذي يكون في معظم الحالات الصين، ويبلغ ثمنه قرابة 3 آلاف دولار للكيلو الواحد. ووحيد القرن، هو الأكثر ربحا، رغم أن صغيره يحظى بأفضل وأكثر حماية، بحيث يصل سعر الكيلو الواحد إلى 65 ألف دولار.
وليست "حركة الشباب" المنظمة الإرهابية الوحيدة التي تسعى إلى التجارة المربحة. فالجنجويود من السودان وجيش المقاومة، الذي قتل أكثر من 3 آلاف شخص وشرد الآلاف في وسط أفريقيا، كلاهما متورطان بشكل كبير في الصيد غير المشروع.
والحدود الكينية الطويلة وغير المحكمة مع الصومال تجعل من السهل نسبيًا الحصول على العاج، من كينيا وأماكن أخرى في أفريقيا، عبر حدود دولة تعمها الفوضى، مما عزز من تواجد المتشددين والقراصنة والمهربين. وهجوم كينيا ضد حركة "الشباب" في العام 2011، دفع بها بعيدًا عن المناطق الحدودية والخروج من كيسمايو (معقل الحركة في الصومال)، بيد أن الجماعة لا تزال تسيطر على 2 من المنافذ التي تقوم من خلالها بالتهريب داخل وخارج البلاد.
وقد لعب الفساد أيضًا دورًا رئيسيًا في تسهيل تجارة العاج إلى دول مثل الصومال، فقد تم اعتقال ضابط في الجيش الكيني أخيرًا بسبب وجود العاج في حوزته. كما أن هناك كبار المسؤولين الحكوميين المتورطين في هذه التجارة، من بينهم حاكم مقاطعة وعضو في البرلمان. وقال جيرهارد فون روين (في فرع نيروبي التابع لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة): زادت التجارة غير المشروعة بشكل كبير خلال العامين أو الثلاثة أعوام الماضية. وأضاف أن "هناك حاجة إلى تدابير عاجلة، وخصوصًا توفير القوى العاملة والقدرة على جمع المعلومات الاستخبارية اللازمة لبحث الحاويات في الموانئ. ينبغي أن يكون هناك تحولا بعيدًا عن استهداف الصيادين، من أجل استهداف الأشخاص والعقول المدبرة الذين يشاركون من أعلى".
وتؤكد تحذيرات أنه "ما لم يحدث شيئًا حقيقيًا ملحوظًا، سوف نفقد غالبية الفيلة في غضون 10 أعوام".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر