الرباط - محمد لديب
نفى نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية سليمان العمراني، وجود أي علاقة تنظيمية بين حزب العدالة المغربي وتنظيم الإخوان العالمي.
وقال سليمان العمراني في حوار مثير أجرته معه أسبوعية "الوطن الآن" إن التهمة التي وجهها قياديون من حزب الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال بوجود علاقة تنظيمية بين حزبه والإخوان هي "تهمة رخيصة" ونعتها بأنها "لا تصمد تاريخيا وواقعيا".
وأضاف العمراني، الذي يشغل منصب رئيس قسم الإعلام والعلاقات العامة في حزب العدالة والتنمية، "نحن لم نتسلم شؤون الحكم بل تسلمنا قيادة التجربة الحكومية في ظل الدستور الجديد للمملكة، ولابد أن أشير إلى أن بعض خصومنا لم يمهلونا كما تمهل الحكومات في الأنظمة الديمقراطية، بل انطلقوا في ذلك فور تعيين الحكومة الجديدة في 3 كانون الثاني/يناير 2012 وقبل التنصيب البرلماني لها، بل منهم من لم يستطع الصبر على إخراج معاوله ولم يمهل رئيس الحكومة المعين في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 يوما واحدا، فانطلقوا في قصفهم السياسي والإعلامي للتجربة السياسية الجديدة التي عرفها المغرب بعد الاقتراع التاريخي في 25 نوفمبر، ومن تلك التهم التي شكلت مادة لهذا القصف الاتهام الوارد في سؤالكم كون حزب العدالة والتنمية ناطقا رسميا للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين في المغرب، وهي تهمة رخيصة لا تصمد تاريخيا وواقعيا.
وقال القيادي في العدالة والتنمية "لم يكن قط أي فصيل للحركة الإسلامية المغربية امتدادا تنظيمياً للتنظيم الدولي، وهو الاختيار الذي ينسجم مع اختيار المغاربة منذ قرون بإبقاء المغرب دوماً مستقلا عن الدولة العثمانية وعن كل الدول الخارجية، وإن حكَمت علاقات المغرب مع تلك الدول علاقات التواصل والتعاون، وفيما يتعلق بحزب العدالة والتنمية فإن أمينه العام الأستاذ عبد الإله بن كيرانقد بادر إلى التصريح لممثلي بعض المنابر الإعلامية العربية بأن العدالة والتنمية هو من مدرستهم (في إشارة إلى الإخوان) لكن ليست لنا علاقة تنظيمية معهم، عندنا تطورنا الخاص، وفكرنا الخاص، ومؤسساتنا الخاصة".
وأشار سليمان العمراني في حديثه "لقد رسم العدالة والتنمية لنفسه نهجاً سياسياً أصيلاً، نابعاً من مرجعيته الإسلامية ومن ثوابته واختياراته الوطنية لكن أيضا بتفاعل مع العطاء الإنساني الخلاق، ولا ضير لديه أن يلتمس "الحكمة"أنى وجدها لكنه نَحَت منهجه باستقلالية واجتهاد مما جعله - وبشهادة المنصفين من داخل الوطن ومن خارجه- مدرسة سياسية ملهمة للعديد من التجارب وإن تقدمت علينا في الزمن، والناظر في منهج العدالة والتنمية الذي يدير به اليوم الشأن العام والشأن الحكومي خاصة سيجد أساسياته اختيارا ذاتيا لا تماهيا مع الغير".
وأضاف "إن نصرة الاختيار الديمقراطي والتنديد بنزعات النكوص عن إنجازات الربيع العربي هنا أو هناك لا يمكن أن يرفعا تهمةً في وجهنا ولا قنطرة للتشكيك في وطنيتنا ولا سبيل لإقامة الدليل على أي ارتباط خارجي لنا، بل إن ذلك من صميم مقتضيات تموقعنا الديمقراطي الذي أملته علينا أطروحتنا السياسية، وقناعتنا أنه لم تعد للاصطفافات الإيديولوجية والمذهبية القدرة على الاستجابة لرهانات المرحلة السياسية التي تعيشها أوطاننا".
وفيما يخص حركة التوحيد والإصلاح، المقربة من حزب العدالة والتنمية، قال العمراني إنها "حركة مدنية تشغل بأدوات العمل المدني وتبدي رأيها في قضايا الشأن العام كما يخول لها ذلك ميثاقها، وحزب العدالة والتنمية حزب سياسي يشتغل بالأدوات السياسية وفق اختياراته التي نصت عليها وثائقه المرجعية، وبقدر ما يلتقي التنظيمان في الثوابت الوطنية الكبرى وفي الرؤية العامة للإصلاح ونهضة المجتمع، فإنهما يفترقان مؤسساتياً وتنظيمياً وعملياً، لذلك لا يتصور من الحركة أن 'تحشر أنفها' في قضايا التدبير السياسي التي هي شأن السياسيين، كما أن الحزب لن يحيد عن الاشتغال بالشأن السياسي فيتحول إلى الدعوة والتربية، ويجب التأكيد هنا أن هذا الاختيار الواعي والإرادي هو أحد إبداعات هذه المدرسة الفكرية التي أنتجت الحزب والحركة والتي تحدثنا في جوابنا السابق عن بعض معالمها البارزة، لذلك ما فتئ العديد ينوه بهذا النموذج وكونه أحد العواصم من القواصم التي وقعت فيها تجارب عديدة على امتداد الرقعة العربية".
ونفى نفياً قاطعاً أن يكون مركز القرار الحكومي يوجد في حركة التوحيد والإصلاح، وقال إن القول بهذا الأمر "هو من شر البلية التي تضحك"، وأضاف إن ذلك يعد "انتقاصا من حلفاء العدالة والتنمية في الحكومة واستخفافا بالبرنامج الحكومي الذي يعكس الإرادة المشتركة للأغلبية، فضلاً عن هذا وذاك فكيف يتصور تأثير الحركة في الحكومة عبر الحزب والحال أن الحزب لا سلطة له على الحكومة ولا نفوذ للحركة عليه".
وأضاف "عموماً يمكن للأسف القول أن البعض يضيع وقته ووقتنا ووقت المغاربة في هذه القضايا التي ليس وراءها عمل بل هي من الملهيات التي أصبحت مادة لاستراتيجية إشغال واستدراج الحكومة والحزب بالتوافه من أجل الإنهاك".
وفيما يخص انتقاد وزير الدولة المغربي والقيادي في العدالة والتنمية الحاكم عبد الله بها، لسلوك الإخوان المسلمين ولمنهج للرئيس المصري السابق محمد مرسي، قال العمراني إن هذا الانتقاد "نابع بالتأكيد من القناعة الشخصية لعبد الله بها التي لا يملك أي أحد مصادرة حقه فيها، وليس الوحيد من بيننا الذي يقول بذلك، ولا أعلم تراجعه عن هذه الشهادة وأبرئ الأستاذ محمد الحمداوي رئيس حركة التوحيد والإصلاح أن يتدخل في قناعات الغير، فهذا ليس من منهجنا الذي يقوم على القاعدة الذهبية'' الرأي حر والقرار ملزم''، وهل أصبح ''الإخوان المسلمون'' معصومين حتى لا ينتقدوا؟؟ وهل حالتْ عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم دون إبداء الصحابة لرأيهم له فيما يحتمل الرأي؟؟ ألم يخالف عمر بن الخطاب رضي الله عنه رسول الله عليه السلام في عدة مواطن ذكرتها كتب السيرة وانتصر الوحي في النهاية لعمر؟؟".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر